icon
التغطية الحية

الحياة في أحياء المهاجرين.. دراسة جديدة تسلط الضوء على واقع السوريين في تركيا

2023.11.30 | 14:27 دمشق

آخر تحديث: 30.11.2023 | 14:26 دمشق

محال سورية في الفاتح
محال سورية في الفاتح وسط إسطنبول
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A
  • المهاجرون واللاجئون أصبحوا جزءاً من المجتمع التركي، لكنهم يواجهون تحديات كبيرة، بما في ذلك البطالة والعمل غير الآمن، وعدم القدرة على الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية، والتمييز والعزلة الاجتماعية.
  • على الرغم من أن المهاجرين واللاجئين يواجهون هذه التحديات، إلا أنهم يتمتعون بمعدلات رضا مماثلة عن الحياة في تركيا مقارنة بالمواطنين الأتراك.
  • يوجد اختلافات كبيرة بين المهاجرين واللاجئين والمواطنين الأتراك فيما يتعلق بالتعليم والعمالة ودخل الأسرة والإحساس بالظلم.
  • التفاعل الاجتماعي بين السكان المحليين والمهاجرين محدود جداً.

أظهرت نتائج دراسة جديدة حول مشاركة المهاجرين في المجتمع أجريت في 39 حياً ضمن 17 ولاية في تركيا، أنه على الرغم من جميع الخسائر في الحقوق والسلبيات، أصبح المهاجرون واللاجئون جزءاً من المجتمع التركي.

جاء ذلك في دراسة أجرتها جمعية "Heinrich Böll Stiftung" الألمانية في تركيا.

وأشارت الدراسة التي حملت عنوان "الحياة في الأحياء المهاجرة: الهجرة بعد عام 2010 في تركيا ومشاركة المهاجرين في المجتمع" إلى أن جزءاً كبيراً من المهاجرين واللاجئين، على الرغم من كل الخسائر في الحقوق والسلبيات، يعيشون في تركيا منذ 4 إلى 8 سنوات وأصبحوا دائمين هنا ولديهم رغبة في البقاء في تركيا.

وأوضحت الدراسة أن معدلات الرضى في صفوف المهاجرين واللاجئين أكبر من المواطنين الأتراك الذين يعيشون في الأحياء نفسها، خاصة فيما يتعلق بالظروف الاقتصادية والوضع الاجتماعي والاقتصادي، إلا أن التفاعل الاجتماعي بين المهاجرين والسكان الأصليين ضئيل جداً في الأحياء الـ 39 حياً ذات الكثافة المرتفعة من المهاجرين واللاجئين في تركيا.

ووفقاً لنتائج الدراسة، يشارك المهاجرون واللاجئون في سوق العمل بشكل مكثف، ولكن البطالة والعمل غير الآمن هي من أكبر المشكلات، إذ يمكن للمهاجرين واللاجئين الذين لديهم وضع إقامة قانوني فقط الاستفادة من خدمات التعليم والصحة، في حين يؤثر التمييز سلباً على المشاركة المجتمعية.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن السوريين أو المهاجرين واللاجئين الآخرين الذين يعيشون في الأحياء نفسها مع المواطنين الأتراك يواجهون مشكلات مماثلة، إلا أن المواطنين الأتراك، على الرغم من أن وضعهم المالي ومستوى تعليمهم الأفضل نسبياً، أعربوا عن رضاهم عن حياتهم بنسبة أقل بسبب توقعاتهم المرتفعة.

كيف أجريت الدراسة؟

وتُعدّ الدراسة التي تحمل خصوصية كونها الأولى من نوعها في تركيا في هذا الإطار، قد تم إجراؤها بدعم من ممثلية "Heinrich Böll Stiftung" الألمانية في تركيا، وبقيادة البروفيسور دكتور دنيز يوكسكير، والبروفيسور دكتور خديجة كورتولوش، والبروفيسور دكتور أوغور تكين، والدكتورة إسراء كايا أردوغان.

وأجريت مقابلات في إطار الدراسة مع فرد واحد من كل أسرة من بين 3877 أسرة من الأتراك والسوريين ومجموعات المهاجرين الأخرى الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاماً، ويقيمون بكثافة في 17 ولاية تركية.

وأجريت المقابلات في 5 ولايات (إزمير، غازي عنتاب، قونية، ماردين وإسطنبول)، مع موظفي منظمات المجتمع المدني، والإداريين المحليين، والمخاتير، والعاملين في الصحة، والمعلمين، والنقابات وممثلي أصحاب العمل وغيرهم من المسؤولين.

وتضمنت الدراسة مقابلات مع مجموعة تتكون من 1933 مواطناً تركياً، و1427 لاجئاً سورياً، و506 من المهاجرين الآخرين، من 39 حياً في 17 ولاية، حيث كانت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهذه المجموعات متشابهة.

ومع جمع المعلومات المتعلقة بالأسر أيضاً، أمكن الحصول على بيانات تتعلق بالمشاركة الاجتماعية لمجموعة تقارب 12 ألف شخص من المهاجرين واللاجئين والسكان المحليين.

إقامة المهاجرين واللاجئين في تركيا تصبح دائمة

وشارك في الدراسة مهاجرون ولاجئون، حيث بلغت نسبة اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا منذ 4-8 سنوات 71.6 في المئة، بينما بلغت النسبة بين المهاجرين الآخرين 54 في المئة.

ووفقاً لتعليق البروفيسور "يوكسكير" الذي شارك نتائج الدراسة، فإن هذه النسب تشير إلى أن مدة إقامة المهاجرين واللاجئين في تركيا تطول وتستقر، وإقامة المهاجرين واللاجئين في تركيا تصبح دائمة.

وخلصت الدراسة إلى أن المهاجرين واللاجئين، على الرغم من جميع السلبيات، أصبحوا جزءاً من المجتمع التركي، إلا أن الوضع "ليس وردياً بالكامل" هناك العديد من النتائج التي تشير إلى التحديات التي يواجهها هؤلاء الأشخاص، بدءاً من العمل من دون تسجيل والظروف السيئة، وعدم القدرة على الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية، ومواجهة التمييز والعزلة الاجتماعية.

من ناحية أخرى، أشارت الدراسة إلى أن السكان الأتراك المشاركين في الدراسة، الذين يعيشون في الأحياء نفسها، يواجهون مشكلات مماثلة. بينما أبدى 58.6 في المئة من المواطنين الأتراك المشاركين في الدراسة عدم رضاهم عن وضعهم الاقتصادي، كانت هذه النسبة بين السوريين 35.1 في المئة.

نصف الشباب الأتراك غير راضين عن العيش في تركيا

عند سؤال المواطنين الأتراك عن "مدى رضاكم عن العيش في تركيا؟"، أجاب 35.7 في المئة منهم بأنهم "غير راضين"، في حين كانت هذه النسبة بين السوريين 14.2 في المئة، وبين المهاجرين الآخرين 18.8 في المئة، إلا أن الباحثين أشاروا إلى أن السوريين يميلون إلى التحدث بإيجابية عن البلد المضيف في محادثاتهم العامة، وبناءً على ذلك تم تقديم هذه البيانات.

واحد من النتائج اللافتة للنظر في الدراسة هو أن أكبر مجموعة من بين المشاركين الذين أجابوا بـ "غير راض" كانوا من الشباب الأتراك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، وكشفت الدراسة أن 48.8 في المئة من الشباب الأتراك غير راضين عن العيش في تركيا، إلا أن الشباب من اللاجئين والمهاجرين راضون عن العيش في تركيا.

ما وضع المشاركة في التعليم؟

وكشف الاستبيان الذي شمل 3866 شخصاً، عن وجود اختلافات كبيرة بين السكان المحليين والمهاجرين الذين يعيشون في الأحياء نفسها، إذ أن 38.5 في المئة من اللاجئين السوريين تخرجوا في المدرسة الابتدائية و30.7 في المئة في المدرسة الإعدادية، وبشكل عام، 75.3 في المئة من المشاركين السوريين لم يذهبوا إلى المدرسة الثانوية، في حين كانت هذه النسب بين المواطنين الأتراك 36 في المئة، وبين المهاجرين الآخرين كانت 75.5 في المئة.

وأوضح الاستبيان أن 8 في المئة من السوريين المشاركين، و25.8 في المئة من المواطنين الأتراك المشاركين، و5 في المئة من المهاجرين الآخرين المشاركين كانوا من خريجي الجامعات.

وأوضحت البروفيسور "يوكسيكير" أن معدل استمرار الطلاب المهاجرين واللاجئين في المدرسة لا يمثل جميع المهاجرين واللاجئين في تركيا، وذكرت أن ثلث الأطفال السوريين في سن 0-17 عاماً ليسوا مسجلين في المدارس، وأن هناك أسباباً اجتماعية وهيكلية لهذا.

وأكدت أن الأطفال الذين فروا من الحرب عندما كانوا صغاراً انقطعوا عن التعليم، وأن مشاركة الأطفال اللاجئين في المدارس في تركيا لم يتم تحقيقها إلا في عام 2016، وقالت إن الأطفال الذين انقطعوا عن المدرسة خلال هذه السنوات لم يعودوا إلى المدرسة، حتى لو فعلوا ذلك، لم يتمكنوا من النجاح.

كما أشارت إلى أن الأطفال الذكور يتركون المدرسة للعمل بسبب الظروف الاقتصادية، وأن الفتيات يتركن المدرسة بسبب الزواج المبكر في سن المراهقة.

وقالت البروفيسورة "يوكسيكير" إن هذه الصورة تفاقمت بسبب جائحة (COVID-19) وإن مشكلات نظام التعليم التركي أدت أيضاً إلى إعاقة المشاركة في التعليم على الرغم من وجود برنامج لدعم تعليم المهاجرين واللاجئين، إلا أن الدعم المقدم لتعلم اللغة التركية غير كافٍ. كما أن عدد الفصول الدراسية محدود، والصفوف مزدحمة، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في الوقت الذي يقضيه المعلمون مع طلابهم.

وذكرت البروفيسورة "يوكسيكير" أن الحق في التعليم ينطبق فقط على المهاجرين واللاجئين الذين يحملون وضع إقامة قانونياً، ولا يستفيد الأطفال المهاجرون غير النظاميين من التعليم، وكما ذكرت أنه لا يمكن تسجيل أطفال اللاجئين والمهاجرين الذين لا يعيشون في الولايات التي تم تسجيلهم فيها بشكل مؤقت رسمياً في المدرسة.

وخلصت البروفيسورة "يوكسيكير" إلى أن التمييز والعنف من قبل الأقران يمثلان تحديات كبيرة أمام مشاركة الأطفال المهاجرين واللاجئين في المدرسة والبقاء فيها.

"العاملون بأجر يشكلون الغالبية العظمى ونسبة توظيف النساء منخفضة"

وأوضحت الدراسة إلى أن نسبة المشاركين الذين يعملون بشكل منتظم أو غير منتظم عالية في الفئات الثلاثة، إذ أن 63.9 في المئة من المواطنين الأتراك المشاركين، و58 في المئة من اللاجئين السوريين، و68 في المئة من المهاجرين الآخرين يعملون، حيث تعد الأجور المصدر الرئيسي لدخل هذه الأسر

أوضح البروفيسور "يوكسكير" أنه على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن اللاجئين السوريين يعتمدون على المساعدات الحكومية، فإن الواقع يُظهر أن الغالبية العظمى من المهاجرين واللاجئين يعتمدون في حياتهم على الأجور التي يتلقونها، إذ أن نسبة السوريين الذين يتلقون مساعدات اجتماعية هي 22.3 في المئة فقط.

وعند النظر إلى توزيع معدلات العمل بحسب الجنس، 85 في المئة من الرجال الأتراك المشاركين و43.7 في المئة من النساء الأتراك يعملون، بينما عند السوريين فإن 87.3 في المئة من الرجال يعملون، و16.7 في المئة من النساء فقط يعملن.

ويبين البحث أن قلة مشاركة النساء السوريات في سوق العمل ناتجة عن عدم المساواة الجنسية العميقة ضمن الأسر السورية، وغياب آليات الدعم الاجتماعي المتاحة للسكان المحليين، مما يؤدي إلى تحميل النساء مسؤولية رعاية الأطفال، كبار السن، والمعاقين.

"دخل الأسرة لدى المهاجرين أقل"

أكثر من أربعة أخماس المهاجرين واللاجئين، وثلث المواطنين الأتراك، لديهم دخل أسري شهري يقل عن 6000 ليرة تركية، ودخل الأسر السورية والمهاجرين الآخرين شهرياً يساوي مستوى الحد الأدنى للأجور في عام 2022، ونسبة 44.1 في المئة من السوريين لديهم دخل شهري يقل عن 4000 ليرة.

"إحساس الظلم يبلغ أعلى مستوياته بين السوريين"

ووفقًا لنتائج الدراسة؛ يعتقد خُمس السوريين المقيمين في تركيا أنهم تعرضوا للظلم، و12 في المئة من المواطنين الأتراك و16.4 في المئة من المهاجرين الآخرين يشعرون بالإحساس نفسه.

وتتعلق الأسباب الرئيسية للظلم بالنسبة للاجئين السوريين والمهاجرين الآخرين لكونهم أجانب وعدم إتقانهم اللغة التركية، بينما بين المواطنون الأتراك، أن الأسباب الأكثر شيوعاً تتعلق بالدين، الهوية العرقية، والآراء السياسية والدينية.

البروفيسور الدكتور "يوكسيكير" يؤكد أن هذه البيانات تشير إلى مشكلات في المشاركة الاجتماعية حتى بين مواطني الجمهورية التركية.

"التفاعل بين السكان المحليين والمهاجرين محدود"

التواصل الاجتماعي بين المواطنين الأتراك والسوريين والمهاجرين الآخرين نادر جدًا، والسكان المحليون والسوريون والمهاجرون الآخرون المشاركون في الدراسة نادراً ما يزورون منازل جيرانهم من جنسيات أخرى أو يستضيفونهم.

معظم المشاركين في الدراسة لا يزورون جيرانهم من الجنسيات الأخرى على الإطلاق، إذ أن 67 في المئة من المواطنين الأتراك المشاركين في الدراسة، و37.6 في المئة من السوريين، و52.8 في المئة من المهاجرين الآخرين لا يزورون جيرانهم أو منازل الآخرين في الحي.

وتبين الدراسة أن هذه الأماكن والتجمعات الاجتماعية تشهد مشاركة منخفضة جداً من الجماعات الأخرى في الأنشطة التي يشارك فيها مجموعة واحدة.