أصدر تجمّع "الحراك الوطني الديمقراطي" في الجولان السوري المحتل و"الحزب التقدمي الاشتراكي" في لبنان، بيانين متزامنين جدّدا فيها موقفهما الداعم للثورة السورية، وأعربا عن تأييدهما وثيقة "المناطق الثلاث" الصادرة عن ريف حلب الشمالي ودرعا البلد وبلدة القريّا بالسويداء، تزامناً مع الذكرى السنوية الـ13 للثورة السورية.
وقال الحراك الوطني الديمقراطي بالجولان المحتل في بيانه، إن اختيار النظام السوري الحلّ العسكري لقمع التظاهرات السلمية، أسفر عن حرف مسار الثورة وأدّى في نهاية الأمر إلى تآمر كل القوى الدولية والإقليمية على ثورة السوريين وتقسيم سوريا إلى مناطق تسيطر عليها أربع دول، بينما "استباحت إسرائيل سوريا أرضاً وجواً وبحراً، وكل ذلك حدث تحت مرأى ومسمع ممن يزعمون أنهم حماة لحقوق الإنسان في العالم".
وأضاف البيان أنه بالرغم من ذلك، إلا أن "ثورات الشعوب لا تهزم مهما طال الزمن، بل يبقى لهيب جمرها تحت الرماد حتى تهب رياح الحرية فتشعلها من جديد، وهذا ما حصل بالفعل في أب 2023 عندما انتقضت السويداء لتعيد للثورة السورية سيرتها الأولى والقها من جديد، حيث شكلت استمراراً لها، وتبنت كل شعاراتها... وطالبت العالم بتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى رأسها قرار 2254، والذي يدعو الى الانتقال السياسي، وإقامة مجلس حكم انتقالي يمثل كل السوريين".
"المناطق الثلاث هي ردّ على المشاريع المشبوهة"
ورأى البيان أن ثورة الكرامة في السويداء "أعادت الأمل الى كل السوريين، فتفاعلوا معها في الداخل والخارج. وبالمقابل بدأ التآمر على هذه الثورة من خلال الترويج لمشاريع مشبوهة تدعو إلى تقسيم سوريا والتي مهد لها النظام تاريخياً منذ عام 2015 عندما طرح مشروع (سوريا المفيدة)، ثم انطلق مشروع (الإدارة الذاتية) في شمال شرقي سوريا، واستولى الجولاني ومعه عدد من الفصائل على مناطق في شمال غربي سوريا، مما جعل قضية التقسيم تطرح دون خجل أو أي وازع من ضمير".
وأكّد الحراك الوطني في الجولان المحتل على أن "وثيقة (المناطق الثلاث) بين الشمال السوري وجنوبه؛ من ريف حلب الشمالي وساحات الكرامة الى مهد الثورة في درعا البلد إلى القريّا التي رفعت راية الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة المجاهد سلطان باشا الأطرش، جاءت لتشكل نقطة نور في بحر من الظلام، ولتقطع الطريق على كل المشاريع المشبوهة ولتعلن بصوت عال وواثق أن سوريا للسوريين وهم أصحاب القرار في وطنهم، مؤكدين على رفض تسليم القضية السورية لقوى أجنبية أو مليشيات أو جماعات حزبية، وركزت الوثيقة على الحياة والحرية والكرامة والأمان كونها تشكل حقوقاً أساسية للسوريين، رافضة سياسة القتل والتعذيب التي ينتهجها النظام ضد أبناء الشعب السوري. وأكدت الوثيقة على وحدة الأراضي السورية والدولة الواحدة لكل السوريين، ورفض الانطواء المحلي وكل مشاريع التقسيم، وأوضحت أهمية التنسيق والحوار والعمل المشترك اقتداءً بالتنسيقيات التي شكلت في بداية الثورة، وبناء شبكات ثقة عابرة للطوائف والمناطق واحترام التعددية تمهيداً للديمقراطية".
وختم البيان بالقول: "نحن أبناء الجولان السوري المحتل المتمسكين بانتمائهم والداعمين للثورة السورية، نعلن تأييدنا الكامل لكل ما ورد في هذه الوثيقة، ونشد على أيدي المبادرين ونحييهم على هذه الخطوة الوطنية الجريئة، ونطالب أبناء شعبنا السوري في كل أماكن وجوده بالانضمام إلى هذه الوثيقة من أجل خلق قيادة سورية موحدة تخرج من بين الجماهير المناضلة لتمثل الشعب السوري، والسعي لإقامة دولة المواطنة التي يحلم بها كل السوريين على امتداد الجغرافيا السورية".
التقدمي الاشتراكي: توسعة "المناطق الثلاث" لتشمل كل سوريا
أما "الحزب التقدمي الاشتراكي" بزعامة وليد جنبلاط في لبنان، فقد استهلّ بيانه بـ "تجديد موقفه الثابت في دعم الشعب السوري في تطلعاته إلى الحياة الحرة الكريمة وفي نضاله بوجه نظام الاستبداد والقمع".
وشدّد على ضرورة التمسّك بـ "وثيقة المناطق الثلاث التي صدرت عن ريف حلب الشمالي، ودرعا البلد، والقريّا السويداء، لما ترمز إليه من تلاقٍ وطني سوري عابر للمناطق والطوائف، والتمسك بوحدة الشعب السوري، ووحدة سوريا، وبوحدة المطالب التي يناضل لأجلها الشعب السوري منذ عام 2011 بوجه الظلم والقتل والاعتقال والتعسف".
وأوضح البيان أن "ما أكدت عليه هذه الوثيقة لجهة وطنية القضية السورية، يعيد إلى الأذهان المبدأ التاريخي الذي رفعه المناضل الكبير سلطان باشا الأطرش، وهو مَن قاد الثورة الوطنية السورية الكبرى بوجه الاستعمار والتي أدت إلى استقلال سوريا، وهذا ما يعود ليتجلى اليوم وبشكلٍ جديد في الحراك الحاصل في السويداء وفي مناطق سورية مختلفة بعيداً عن التدخلات الخارجية وبقرار داخلي يعكس وطنية أصحاب المبادرة وشجاعتهم، ويؤكد أن نضال الشعب السوري واحد ومستمر بوجه كل التحديات ومحاولات القمع، وبوجه التجاهل والإهمال الدولي".
ولفت في الختام إلى أن "الحزب التقدمي الإشتراكي يتطلع إلى توسعة أكبر لهذه الوثيقة لتشمل كل مناطق سوريا وأطياف شعبها، مجدداً ثقته بأن الشعب السوري سوف ينتصر بالنهاية على مقصلة القمع مهما اشتد الظلم وطال الزمن".
إطلاق "وثيقة المناطق الثلاث"
وفي الثامن من آذار الجاري، أطلق مثقفون وأكاديميون وناشطون سوريون في كلّ من السويداء ودرعا وريف حلب الشمالي، مبادرة لتوحيد الخطاب الجماهيري الوطني المناهض للنظام السوري في تلك المناطق، ومنع الانجرار نحو الأهداف الانفصالية والتعصّبية كما هي الحال في تجربة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وواجهتها المدنية "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا.
وتشتمل المبادرة على 5 مرتكزات أساسية، تضمنها إعلان مشترك أطلق عليها القائمون مسمّى "وثيقة المناطق الثلاث"، تمت قراءة مضمونها -بصورة متزامنة- في كلّ من مدينة اعزاز ريف حلب الشمالي ودرعا البلد وبلدة القريا بريف السويداء، عقب انطلاق تظاهرات ذلك اليوم.
وتضمّن نصّ الوثيقة ما يلي:
"ريف حلب الشمالي القابض على جمر الثورة، ونبع الصبر والوطنية، والأمل.
درعا البلد: نبع العزة والإباء، مهد ثورة الحرية والكرامة، وتراب شهيد الثورة الأول في 2011.
القريا: حاضنة الوطنية، ومهد الثورة السورية الكبرى في 1925".
إننا بصورة سورية مشتركة ملؤها الأمل، إذ تتذكر "إعلان استقلال سوريا"، الذي أعلن في مثل هذا اليوم من عام 1920، اخترنا من طرائق الذكرى أفضلها فقررنا أن نحيي ذاكرتنا الوطنية الديمقراطية العريقة من بوابة المستقبل، وبدلالته بالعمل المشترك الذي يستأنف المشروع الديمقراطي الوطني الذي بدأه السوريون في آذار 2011، واستنادًا إلى ذلك، يتقدم أبناء هذه المناطق الثلاث إلى أبناء بلدهم سوريا في هذا اليوم العظيم بالوثيقة المشتركة الآتية، طامحين أن تكون موضع توافق وترحيب شعبي على امتداد البلاد، بما يمهد الإمساك بمستقبلنا، وابتكار سياسة وطنية سورية جديدة أكثر عقلانية ونجاعة.
أولًا- تأميم السياسة: نحن أصحاب القضية
السياسة في سوريا شأن عمومي سوري، لا يخص فئة دون أخرى. وعليه؛ فإننا نعلن بوضوح، أن تسليم القرار العمومي السوري لأي قوة أجنبية، أو دولة أخرى، أو ميليشيا، أو جماعات حزبية، أو عصبية، مصادرة لقرار السوريين، ويجب أن يتوقف سواء صدر من الطغمة المجرمة التي تحكم دمشق، أو من أي طرف آخر.
إن ترجمة شعار الثورة الأول "سوريا لينا وما هي لبيت الأسد"، إلى سلوك وخطاب سياسي يحقق امتلاك السوريين السياسة العمومية، حق أصيل، وواجب على كل أبناء البلاد، لأنهم الذين صنعوا الثورة، وهم من يملك الوطن. وتمكين السوريين من تأميم قرارهم الوطني هدف سام، لن تهون عزيمتنا، ولن تضعف إرادتنا، حتى تحققه.
إن سيادتنا في وطننا قرارنا لنيل حريتنا وكرامتنا، وأساس وحدتنا بوصفنا شعبًا واحدًا، وهو أساس حل مشكلاتنا، وصون حياة أبنائنا، ومستقبلهم.
ثانيًا- الحياة والحرية والأمان والكرامة حقوق وطنية
الصراع في سوريا، بين الحرية والكرامة من جهة، والقهر والإذلال من جهة أخرى بين ذهنية تواقة إلى الحياة والحرية يُمثلها الشعب، وأخرى لا تفهم إلا القتل والتعذيب، وسلب الحد الأدنى من الحقوق، يُمثلها "لنظام" الحاكم. إننا نؤمن أن الحياة، والحرية، والأمان، والكرامة حقوق مصونة للسوريين كلهم، تقع في مركز تفكير السياسة السورية. وتناهض كل فعل، أو خطاب يدعو إلى الكراهية، أو يروج للقبول بمصادرة الحريات والكرامة ومقايضتهما بالاستقرار.
ثالثًا- رفض الانطواء المحلي: وحدة سوريا
الدولة الوطنية لجميع أبنائها، وليست دولة ملة، أو طائفة، أو جماعة عرقية، أو حزب، أو تيار سياسي؛ إنها دولة سورية فحسب، تحتضن أبناءها كلهم، من دون استثناء فليس للوطن نعرة عصبية، ولا يمكن أن تتحقق الوطنية السورية على أساس الانطواء المحلي، وتعلن أن السعي إلى تقسيم سوريا، عمل غير مشروع، أيًا كانت ذرائعه، وتجب مناهضته بكل السبل الممكنة.
رابعًا- التنسيق والحوار والعمل المشترك
إنسانية البشر مقدمة على العصبيات والتحزبات على اختلافها، لا يسلبها أحد، ولا يمنحها أحد؛ ولذلك يدير البشر العاديون خلافاتهم بالحوار لا بالعنف. وهذه الإنسانية العادية جوهر حريتنا، وتجسيد كرامتنا، ومصدر ذواتنا السياسة الوطنية.
لقد كانت "التنسيقية"، التشكيل الأول للثورة، فرصة لتوليد السياسة، والتعبير عن حقيقتنا الوطنية، وضمان عدم احتكارها وتشويهها بالتنسيق والتواصل بين السوريين واليوم ندعو السوريين جميعًا إلى العودة إلى مبدأ التنسيق مرة أخرى، وبناء شبكات ثقة بينهم عابرة للمناطق، والطوائف والعصبيات، من أجل الإمساك بزمام أمورهم انطلاقًا من سلوك ديمقراطي حر وأصيل يؤمن بتساوي السوريين، وأن تعاونهم، وعملهم المشترك، السبيل لاستعادة الوطن.
خامسًا- وحدتنا في كثرتنا: بناء الثقة
الثقة أداة تأسيس سياسية تؤطر اجتماعنا الوطني، وتُعيد بناء رأس مال اجتماعي وطني، يمهد الطريق لـ "الوحدة في الكثرة"، واحترام التعددية وترسيخها قناعة وعملًا، ويمتد الانتقال إلى الديمقراطية، فكرًا وسلوكًا. إننا ندعو السوريين كلهم، في ذكرى التأسيس الوطني الملهمة هذه، إلى التعبير عن الثقة، والعمل على تعزيزها، وإيلائها أهمية في السلوك السياسي والخطاب.
إننا أبناء هذه المناطق الثلاث التي لا تزال تنبض بروح الثورة، وتحتفظ ذاكرتها بآلامها، وآمالها، على مر السنين، بتقدمها وتعثرها، نعلن أننا نعمل معًا انطلاقًا من هذه المبادئ السابقة، طامحين إلى خلق روح جديدة في التفكير في مستقبل وطننا، وفتح حوار سوري عمومي عابر للمحليات، والعصبيات كلها، يقود إلى تصور مشترك للخطوات الأولى لبناء اجتماع سياسي تواصلي توافقي وطني حقيقي، قادر على تمثيل طموحات السوريين، وتضحياتهم، وآلامهم. وندعو السوريين، في كل أنحاء الوطن، إلى المساهمة معنا، والانضمام إلينا لتحقيق هذه الغاية النبيلة.
"حي على الوطن" - ريف حلب الشمالي (حلب) درعا البلد (درعا) القريا (السويداء).
"للتذكير بأن الثورة لكل السوريين"
وفي حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا، أكّد قائد فريق تعزيز المشاركة السياسية في نقابة المهندسين السوريين الأحرار وأحد المساهمين في إطلاق المبادرة، علي حلاق، أن المبادرة تمثل مختلف الأطياف والجهات المدنية في المناطق الثلاث، والغاية منها "تذكير السوريين بأن الثورة لهم جميعاً بدون تمييز".
وأوضح حلاق أن المبادرة جاءت "كضرورة للوضع الحالي الذي تشهد فيه السويداء حراكًا شعبيًا متواصلًا منذ نحو 8 أشهر، وكذلك حراك درعا الذي لم يتوقف رغم الحصار وسيطرة النظام، وحراك الشمال السوري الذي لم يتوقف طيلة 13 عامًا؛ بهدف إيجاد حالة من التكامل والتنسيق بين هذه المناطق".
وأشار حلاق إلى مشاركة العديد من اللجان والاتحادات ضمن المبادرة، من بينها: اتحاد تجمع النقابات الحرة في الشمال، واتحاد الثوار، ولجنة الحراك العام في السويداء، وجهات عديدة غيرها.