رغم التفاهمات التي حصلت بين التجار في دمشق وحلب مع الجمارك منذ سنتين والتي تنص على حصر عمل دوريات الجمارك خارج الأسواق المحلية، إلا أن ذلك بقي حبراً على ورق، حيث أكد تجار في دمشق وريف دمشق وحلب لـ موقع تلفزيون سوريا أن الدوريات تعمل ضمن المدن والأسواق أكثر من عملها على الحدود، مشيرين إلى أن دوريات التموين تقتات على محالهم أيضاً.
وفيما يتعلق بالجمارك، طالب التجار عبر الموقع بأن تضبط الدوريات المهربات عبر الحدود وتمنع دخولها إلى الأسواق، لأن أغلب المواد المهربة في السوق تدخل عبر الجمارك نفسها عند الحدود، متسائلين عن كيفية دخولها إلى الأسواق لتجار الجملة وبكميات ضخمة، بينما أشار آخرون إلى أن انتعاش التهريب سببه نقص بعض البضائع والأصناف المحلية التصنيع أو عدم وجود بديل محلي أو رداءة البديل المصنع محلياً.
وبعد شن الجمارك العام الماضي حملة شرسة على محال البالة بدمشق في خطوة غير معتادة، قال الآمر العام للضابطات الجمركية، آصف علوش حينها إن الضابطة لم تشارك مديرية مكافحة التهريب في الحملة، مشيراً إلى أن الضابطة ملتزمة بالتفاهمات التي تمت مع غرف التجارة والصناعة ونظام عمل الضابطات الذي حدد مهام الضابطات خارج المدن في النطاقات الجمركية والمعابر والطرقات الرئيسة بين المدن، مؤكداً أنهم لم يدخلوا الأسواق منذ عام.
لماذا تنشط الجمارك في المدن؟
يتحدث علوش وكأن الضابطة والمكافحة جهازان منفصلان عن جهاز الجمارك العامة السورية، وما يهم التجار هو أن عناصر الجمارك باتت تنظر إليهم على أنهم "دجاجة بياضة" والهدف من مداهماتهم المستمرة إما "الاسترزاق اليومي من التاجر مباشرة" أو "الحصول على مكافآت ضخمة". وبحسب تجار التقاهم الموقع، فإن عناصر الجمارك يحصلون على نسب مرتفعة من المصادرات التي كلما ارتفعت زادت حصتهم من المكافآت.
نسبة من الضبوط للمخبرين
وفي 2021 حددت حصة المخبرين لصالح دائرة الجمارك العامة بين 2 – 5 في المئة من المبالغ المحصلة كغرامات بعد اقتطاع حصة الخزينة وغيرها، بقرار صادر عن وزير المالية كنان ياغي نقلته صحيفة "الوطن"، حيث تم تحديد نسبة 5 في المئة عندما يؤدي الإخبار المسجل أصولاً إلى تحقيق قضية جزائية مباشرة وبنسبة 2% عندما يكون الإخبار غير مباشر حسب أهمية المعلومات الواردة فيه.
وحدد القرار سقف المبالغ بما لا يتجاوز 25 مليون ليرة سورية وما زاد عنه يحول إيراداً للخزينة العامة، كما يوجد نسبة للحاجزين ولمن عاونوا على اكتشاف المخالفة من العاملين في إدارة الجمارك حصراً 10 في المئة بدلاً من 15، وفق القرار. أي أن القرار حينها خفّض حصة المخبرين.
وبموجب القرار، تكون حصة الحاجزين 8 في المئة وحصة المتدخلين 2 في المئة، و1 في المئة للرؤساء، و5 في المئة للصندوق المشترك للعاملين في إدارة الجمارك، و3 في المئة للصندوق التعاوني للعاملين في إدارة الجمارك و21 في المئة لصندوق مكافحة التهريب ويحدد سقف صندوق مكافحة التهريب في إدارة الجمارك بمبلغ مليار ليرة سورية وما زاد عليه يحول إيراداً للخزينة العامة.
وفي عام 2018، نقلت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام عن ضابط رفيع المستوى في الجمارك السورية، أن عمل المخبر لدى الجمارك محاط بسرية عالية، لعدة أسباب، أهمها الحفاظ على المخبر نفسه والحيلولة دون تعرضه لأي خطر. ومن جهته قدر ضابط آخر في الضابطة الجمركية السورية أن عدد المخبرين لدى الجمارك لا يقل عن 10 آلاف مخبر.
بالقانون
ولاينص قانون الجمارك رقم 38 لعام 2006 على مداهمة الجمارك للمحال التجارية العادية إلا بشروط محددة، بينما ممارسات الجمارك عكس ذلك، حيث تداهم الدوريات المحال المختلفة حتى لو كانت صغيرة تبيع الشيبس والبسكويت، كما أكد أحد أصحاب محال في حي البرامكة بالقرب من مديرية الجمارك، الذي أشار إلى أن الدوريات في زيارة دائمة إلى المكان.
وبحسب قانون الجمارك، تنص المادة 202، على أنه يمكن إجراء التحري عن التهريب وحجز البضائع وتحقيق المخالفات الجمركية بشأن جميع البضائع ضمن الشروط التالية:
- 1 - في النطاقين الجمركيين البري والبحري، ويقصد بذلك الجزء من الأراضي أو البحار الخاضعة لرقابة وإجراءات جمركية محددة وهو على نوعين: النطاق الجمركي البحري: ويشمل منطقة البحر الواقعة مابين الشواطئ ونهاية حدود المياه الإقليمية، والنطاق الجمركي البري: ويشمل الأراضي الواقعة مابين الشواطئ أو الحدود البرية من جهة وخط داخلي من جهة ثانية يحدد بقرار من الوزير ينشر في الجريدة الرسمية.
- 2 - خارج النطاقين الجمركيين البري والبحري عند متابعة البضائع المهربة ومطاردتها مطاردة متواصلة إذا شوهدت ضمن النطاق في وضع يستدل منه على قصد تهريبها.
- 3 - في الحرم الجمركي وفي المرافئ والمطارات وبصورة خاصة في جميع الأماكن الخاضعة للرقابة الجمركية بما فيها المستودعات الحقيقية والخاصة والاعتبارية (منشأة بقرار من وزير المالية).
وتنص المادة 199 على أنه يحق لموظفي الجمارك ورجال ضابطتها في سبيل تطبيق هذا القانون ومكافحة التهريب أن يقوموا بالكشف على البضائع ووسائط النقل وذلك ضمن الحدود النظامية التي ترسمها إدارة الجمارك وفقاً لأحكام هذا القانون والقوانين النافذة، أما تحري الأشخاص فيتم على الحدود في حالة الدخول أو الخروج وفق الأسس التي تحددها القوانين والأنظمة، وماعدا ذلك فلا يجوز تحري الأشخاص جسدياً إلا في حالة الجرم المشهود أو الإخبار المثبت بمحضر أصولي.
وبالنظر للمواد المتعلقة، فإن القانون يتيح الدخول للأسواق أو غيرها عند مطاردة البضائع مطاردة متواصلة، أما ما تبقى فله علاقة بالحرم الجمركي وهو القطاع الذي تحدده إدارة الجمارك لمباشرة الإجراءات والرقابة الجمركية في كل ميناء بحري أو جوي أو في أي مكان آخر يوجد فيه مكتب للجمارك.
ويعاني التجار أيضاً من مطاردة دوريات التموين، والتي أكد التجار أن كثافتها سببه "التعيّش" فقط للحصول على رُشاً يومية منهم، إضافة إلى دوريات شرطة المحافظة وغيرها، وكل تلك المضايقات جعلت من العمل التجاري والصناعي خاسراً، ويفترض على التاجر أو الصناعي تخصيص "خرجية" لتلك الدوريات التي تأتيهم بشكل كثيف.