يعاني قطاع الأسماك في سوريا من الإهمال وعدم التطوير، وهذا ما انعكس على كمية الأسماك المتوفرة في الأسواق السورية، وحصة الفرد الواحد من الأسماك، إضافةً إلى عوامل جغرافية أثرت على تراجع هذا القطاع.
وتشير إحصاءات الهيئة العامة للثروة السمكية التابعة للنظام في سوريا إلى أن الإنتاج الكلي لسوريا من الأسماك يتراوح ما بين 15-16 ألف طن من مختلف المصادر البحرية والمياه العذبة من مزارع وبحيرات وسدود، حيث إنَّ الانتاج البحري فقط يبلغ 3000 طن تقريبا، ويبلغ عدد المراكب المرخص لها بالصيد 1854، منها 7 مراكب دولية للصيد في المياه الإقليمية، كما يتم استيراد من 13-15 ألف طن سنوياً من الأسماك من مختلف دول العالم، أي ما يعادل كمية الإنتاج المحلي البحري وفي المياه العذبة.
* أسباب ضعف الإنتاج
ويقول مدير عام الهيئة العامة للثروة السمكية التابعة للنظام محمد زين الدين إن "إنتاجنا من الأسماك البحرية ضعيف ويعود لمجموعتين من الأسباب، منها أسباب طبيعية تعود لقصر طول الساحل السوري والبالغ 183 كم قياساً بالدول الأخرى حيث يصل في تونس وليبيا ومصر إلى أكثر من 1000 كم، وضيق عرض الجرف القاري (مساحة اليابسة تحت الماء) من 500م - 5.5 كم بأبعد نقطة، بينما بقية الدول لا يقل الجرف القاري عن 15 كم، إضافةً إلى قلة حقول الصيد وهذا يعود لشروط بيئية، أما المجموعة الثانية من الأسباب فهي بشرية بيئية وتتضمن التلوث الصناعي ومخلفات البواخر، والجرف والصيد الجائر باستخدام المتفجرات وغيرها من الوسائل الممنوعة كالسموم والصعق الكهربائي وعدم التقيد بفتحات شباك الصيد، وعدم التقيد بفترات منع الصيد وهذا ما يؤدي إلى استنزاف طاقة القطيع بالتوالد الذاتي، إضافة إلى تدمير الحيود البحرية وهي المناطق الآمنة للتفريخ نتيجة استخدام المتفجرات".
* حصة الفرد السنوية من الأسماك
ويعاني المواطنون وخاصة أصحاب الدخل المحدود من ارتفاع أسعار السمك البحري ما يجعلهم يعزفون عن شرائه وإبعاده عن موائدهم حيث يؤكد "زين الدين" أن "حصة الفرد في سوريا من إنتاج الأسماك المحلية من 800 إلى 900 غرام سنوياً، وأنه إذا ما أضيف للحصة الأسماك المستوردة تصل إلى 1200 غرام سنوياً، ويعد هذا الرقم متواضعاً جداً وهزيلاً إذا ما تمت مقارنته بالمعدل العربي الذي يصل إلى 8 كغ، والمعدل العالمي الذي يصل إلى 13 كغ، والمعدل الأوروبي 20 كغ، بينما المعدل في اليابان يتجاوز 65 كغ".
وأشار إلى أن "واقع إنتاج الأسماك البحرية في القطاع العام يساوي الصفر حيث كان هناك فرع للمؤسسة العامة للأسماك يقوم سابقاً بعمليات الصيد البحري لكن هذا الفرع تم إلغاؤه وتصفيته عام 2005 في حين وصل إنتاج القطاع التعاوني إلى 281 طناً من الصيد البحري، بينما الإنتاج من استزراع الأسماك البحرية في القطاع العام والخاص والتعاوني يساوي الصفر".
من جهته نسب نقيب الصيادين في اللاذقية صبحي دكو أزمة هذا القطاع إلى عدة عوامل أهمها، الإهمال حيث القوانين الناظمة لعمله قديمة، وعدم سعي المسؤولين إلى تنفيذ مطالب النقابة كتأسيس هيئة علمية مختصة تشرف على الأبحاث المتعلقة بالثروة السمكية، إضافةً إلى صيانة الموانئ والمراسي بشكل مستمر وتقديم الخدمات المختلفة للصيادين مثل دعمهم بالقروض من أجل صيانة مراكبهم وشراء المحروقات".
وأضاف: "نحن كجمعيات نقابة نتحرك وفقاً لعلاقاتنا الشخصية ورغم إننا منتخَبون من قبل الصيادين، فمن المنطقي أن نكون الدائرة الأقوى، إلا أن لا أحد يتحرك باتجاهنا".
وطالب "دكو" بإنشاء هيئة علمية مختصة تشرف على الأبحاث المتعلقة بالثروة السمكية وتطويرها وأن يكون هناك نشرة جوية خاصة تصدر بأكثر من وقت خلال اليوم يتمكن الصياد من خلالها تحديد أوقات الإبحار، إضافةً إلى تقسيط تكاليف صيانة المراكب التي تحتاج كل ستة شهور لصيانة عامة، مؤكداً أنه أرسل خلال السنوات الست الماضية عشرات الطلبات إلى المسؤولين في النظام لتطوير هذا القطاع، ولكن هذه الطلبات لا تلق أذناً مصغية.
ويعاني صيادو الساحل السوري، من إهمال حكومات النظام المتعاقبة والفوضى، والقرارات المنحازة لأصحاب "الواسطات"، والتغاضي عن صيادي الديناميت، وسفن الجرف القاعي، ما أدى إلى تدني مخزون الثروة السمكية، وتقلص قدرة الصيادين البسطاء، واعتزال عدد كبير منهم للمهنة الشعبية، إضافةً إلى أنَّ مديريات الموانئ في الساحل السوري اتخذت العديد من القرارات التي أثَّرت على مهنة الصيد البحري، وأهمها تحديد ساعات الصيد، والحصول على موافقة مسبقة للخروج، كما منعت في العديد من الأحيان الصيادين من الخروج لأشهر طويلة متعللة بدواعٍ أمنية.