وصل التنافس الروسي الإيراني على سوريا، خاصة في المجال الاقتصادي، إلى درجة جعلت الأسد ووكلاءه الماليين، يأخذون دور المراقب والمشاهد لما يتم تقاسمه بين الدولتين وصعود وكلاء جدد من رجال أعمال برزت أسماؤهم بعد الثورة السورية.
وحصل موقع تلفزيون سوريا على وثيقة تظهر منح ترخيص لشركة "إسراء" التجارة والمتخصصة في استيراد مواد البناء والدوية والمعدات الطبية والتعهدات والدخول في المناقصات والمزايدات مع القطاع العام والخاص والمشترك.
وتعود ملكية الشركة وفقا لقرار الترخيص إلى كل من رجل أعمال سوري الجنسية يدعى محمود حاتم برقوقي، وإيراني يدعى نقي بن محمد علي أحمد بوري بقا، ولبناني يدعى زين العابدين بن عدنان شمص.
واجهات مالية جديدة
رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا أسامة قاضي يرى بأن تأسيس هذا النوع من الشركات يؤسس لمرحلة تشكيل واجهات مالية جديدة لكل من روسيا وإيران بعيدا عن وكلاء الأسد التقليديين، وفي حديثه لموقع تلفزيون سوريا أكد أن "هناك تنافساً منقطع النظير بين روسيا وإيران على الكعكة السورية، ولكل دولة واجهاتها الاقتصادية، فالروس يطمحون الاستيلاء على الحصة الأكبر مما تبقى من الاقتصاد السوري، وكذلك الإيرانيون يطمعون بفرض الهيمنة على صعد مختلفة منها الاقتصادي والسياسي والديني".
وأضاف قاضي أن ديوناً كثيرة للدول الداعمة لنظام الأسد يتم استردادها بالاستيلاء على مقدرات البلاد، و"بإمكان تلك الدول أن يجبروا النظام على التوقيع على ما يحلو لهم من اتفاقيات، فمثلا تم التوقيع على 40 اتفاقية دفعة واحدة في موسكو وكذلك 11 اتفاقية مع الطرف الايراني".
ولمعرفة الوضع عن كثب داخل أوساط طبقة التجار في دمشق تواصلنا مع أحد التجار في سوق الحريقة، وأكد لنا أن "معظم رجال أعمال دمشق يشعرون بأن الأمور خرجت من يد النظام وأن التاجر الشاطر في مفهوم البعض هو من يتمكن من أن يكون تحت الحماية الروسية، وقلة قليلة من التجار يضعون أيديهم مع الإيرانيين، على مضض".
وأضاف التاجر الذي فضّل إخفاء هويته أن الحملات الانتخابية لبعض أبرز رجال الأعمال المترشحين لمجلس الشعب انطلقت من بعض الأحياء التي يوجد بها شيعة مثل حي الأمين والإمام جعفر الصادق، مثل محمد حمشو، وقائمته التي تضم فهد درويش، نائب رئيس غرفة التجارة الإيرانية السورية، وسامر الدبس، رئيس غرفة صناعة دمشق، الذي أعلن هو الآخر وجميع أفراد قائمته، إطلاق حملتهم الانتخابية من حي الأمين الدمشقي، وسط الأعلام والرايات الطائفية، التي تحيط بهم من كل الجوانب، وهم يقدمون وعودهم الانتخابية للناخبين.
التحضير لعملية إعادة إعمار "وهمية"
يغلب على معظم تراخيص الشركات التي يؤسسها الوكلاء الجدد لروسيا وإيران طابع الإنشاء واستيراد مواد البناء، وذلك تمهيدا لمرحلة إعادة الإعمار التي ينادي بها النظام منذ سنوات الثورة الأولى لكنه من غير المقدور أن تنطلق في ظل النظام الحالي لأسباب وعقوبات دولية تكبّل وتمنع التعاون مع نظام الأسد.
وحول هذه النقطة أكد أسامة قاضي "أن سباقاً محموماً لتأسيس شركات تمهيدا لاحتكار السوق في حال انطلقت مرحلة إعادة الإعمار، وتحاول الدول الداعمة للنظام أن تأتي كل مرة بلبوس مختلف، فمثلا تأتي أحيانا بلبوس حكومي ومرة بلبوس رجال أعمال إيرانيين وروس، ومرة برجال أعمال سوريين يعملون تحت أوامر الطرفين".
وختم قاضي بأن "المخاوف الأكبر من أن هذا النوع من الشركات المتعدد الجنسيات يخشى من أن يكون واجهة للميليشيات الحليفة التي تقوم بدور أخطر والنظام وكل من حوله يحاول أن يضع يده معهم، حيث تحاول هذه الميليشيات الاستيلاء على الكم الأكبر من المقدرات السورية حتى لو لم تستكمل ولم يتم الاستثمار بالقطاعات التي تستولي عليها، فمثلا هذه الاتفاقية لها علاقة باستيراد مواد البناء هدفها مؤجل لحين يتم الشروع بإعادة الإعمار، وتأتي شركات فيوقعون معهم لأنهم سيكونون وكلاء حصريين، نفس الشيء في ميناء طرطوس فبعد أن استولى الروس عليه لم يتم العمل حتى الآن على تطويره لأن الروس ينتظرون من يتقدم للمشاركة في تطويره لتكون لهم الكلمة الفصل في ذلك، وهذه صيرورة طبيعة لفقدان السيادة وتشظي الاقتصاد السوري".