يواصل نظام الأسد الحشد لـ مهزلةِ انتخاباتهِ الرئاسية التي يستعد لـ إجرائها في مناطق سيطرته، يوم الأربعاء المقبل (26 أيار 2021)، وسط رفضٍ دولي واسع.
وقد بدأت فعلاً "انتخابات النظام" خارج سوريا، يوم الخميس الفائت، بمشاركة 3 مرشحين هم "بشار الأسد، عبد الله سلوم عبد الله، محمود مرعي"، حيث وافقت عدّة دول عربية وأجنبية على فتح باب التصويت في سفارات "النظام" على أراضيها، منها الإمارات والكويت ولبنان والعراق وفرنسا، في حين رفضت دول أُخرى أبرزها: تركيا وقطر والسعودية.
ويعتمد نظام الأسد في دعمِ وتمويلِ عمليته الانتخابية للرئاسة على المحسوبين عليه مِن التجّار ورجال الأعمال وأمراء الحرب والأزمات وعرّابي صفقات التسوية والتجارة المشبوهة كالمخدرات والمسروقات الناتجة عن "تعفيش" المناطق التي سيطر عليها "النظام" بعد سنوات حصار، أو التحكّم بأسعار وإدخال المواد الغذائية للمناطق المحاصرة.
ويعدّ عامر تيسير خيتي ومحي الدين المنفوش مِن أبرز أمراء الحرب والتجّار المشبوهين، الذين بنوا ثرواتهم على حساب جوع ودماء المُحاصرين في الغوطة الشرقية بريف دمشق، والذين تصدّروا الآن مشهد تمويل انتخابات النظام، إلى جانب أمراء حرب آخرين، مثل عائلة "القاطرجي".
"خيتي والمنفوش" يتعهدان تمويل حملة "انتخابات النظام"
حسب مركز "مسارات" للحوار والتنمية السياسية، فإنّ مصادر أكّدت بعقد اجتماعٍ، يوم 3 من أيار الجاري، في مقر شركة "خيتي" القابضة، التي يملكها عضو "مجلس الشعب" عامر تيسير خيتي، مع عددٍ مِن رؤساء الفروع الأمنيّة في العاصمة دمشق، إلى جانبِ عددٍ مِن ضبّاط قوات النظام ورجال الأعمال والتجّار.
وكان محور الاجتماع حول تجهيز وتمويل "الحملات الانتخابية الرئاسية"، وتخصيص الحاضرين لـ تمويلها في مختلف المناطق السوريّة، التي تسيطر عليها قوات النظام وميليشياته.
وحضر الاجتماع أيضاً مدير شركة "قاطرجي"، وعدد مِن الاقتصاديين الداعمين لـ نظام الأسد، وتعهدّوا جميعاً بدفع نفقات حملة "انتخابات النظام" في جميع المحافظات السورية وتمويلها حتى انتهاء مدة الانتخابات.
مَن هو عامر تيسير خيتي؟
يشير العديد مِن ناشطي وأبناء مدينة دوما في الغوطة الشرقية، بأنّ عامر تيسير خيتي كان عاملاً بسيطاً خلال، انطلاق الثورة السوريّة ضد استبداد نظام الأسد، منتصف آذار 2011، قبل أن يتحوّل لاحقاً إلى عضوٍ في "مجلس الشعب" وصاحب أكبر شركات العقار في دمشق، بالتزامن مع تهجير أهالي الغوطة إلى الشمال السوري.
نقل مركز "مسارات" حديث عدد مِن أقاربه، بأنّ "خيتي" كان خلال سنوات الثورة يعمل في تجارة المخدّرات والحشيش جنوبي لبنان، وذلك إلى جانب ميليشيا "حزب الله" اللبناني، التي تنتشر في الجنوب السوري وتقاتل إلى جانب نظام الأسد وتشاركه تجارة المخدّرات أيضاً.
وأضاف المركز أنّ هناك معلومات تفيد بانتمائه إلى تيار "أسماء الأسد" الاقتصادي، وأنّ يعمل بشكل مباشر معها، وأنّها قرّبته إلى تيارها الذي شنّ حرباً اقتصادية على أبرز رجالات أعمال "النظام"، في مقدّمتهم رامي مخلوف وأيمن جابر.
أهالي مدينة دوما، يعتبرون "خيتي" أحد تجّار الأزمات والحروب، وأنّه ساهم بدعم "جيش الوفاء" المُشكّل عسكرياً مِن بعض أبناء الغوطة، وكان يعدّ أحد عرابيه "دون ظهور أو إعلان"، مشيرين إلى أنّه يستغل موقعه الاقتصادي والسياسي لتوسيع معاملهِ ومنشآته التجاريّة خارج سوريا، بينما تعيش دوما تردّي الخدمات وانقطاع الكهرباء والمياه.
ومؤخّراً، عاد "خيتي" إلى مدينة دوما، وبدأ يُحدّث ما تبقّى مِن أهلها عن بداية عهد جديد مِن الإصلاح تحت مظلة "الأسد" وترشحه وفوزه في الانتخابات، مع الوعود القريبة بافتتاح عشرات الشركات العقارية والتجارية والزراعية في المنطقة.
وأمس الجمعة، شهدت مدينة دوما - التي دمّرها نظام الأسد وهجّر أهلها بعد استهدافها بالسلاح الكيماوي - فعالية احتفالية - دعهمها "خيتي" - تحت عنوان "من غوطة الأمل حيَّ على العمل" بمناسبة الانتخابات التي يجريها "النظام".
ونشرت صفحة "مجلس مدينة دوما" الموالية على "فيس بوك"، صوراً ومقاطع فيديو تُظهر أجواء الفعالية الاحتفالية بمناسبة الانتخابات، وذلك بحضور الفنان اللبناني الموالي أيمن زبيب.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أدرجت، بتاريخ 9 من تشرين الثاني 2020، عامر تيسير خيتي بصفته مسؤولاً رفيعاً في "حكومة الأسد"، كما أدرجت مجموعة "خيتي" القابضة لأنها مملوكة أو خاضعة لسيطرته، أو لأنّها عمِلت لـ صالحه أو بالنيابة عنه بشكل مباشر أو غير مباشر.
مَن هو محي الدين المنفوش؟
في الاجتماع ذاته الذي جرى في مقر شركة "خيتي"، كان مِن أبرز الحضور محي الدين المنفوش (أبو أيمن) - مدير شركة "المراعي"، والمشهور بعلاقته مع شخصيات روسيّة رسميّة وقيادات نظام الأسد.
و"المنفوش" الذي ينحدر مِن بلدة مسرابا في غوطة دمشق الشرقية، متهم باحتكار سوق الغوطة لـ سنوات - منذ 2013 وحتى 2018 - وتفيد المصادر بأنّه افتتح، مؤخّراً، معملااً كبيراً في ولاية صقاريا شمال غربي تركيا.
كان "المنفوش" يملك في بدايات الثورة السورية - وفق المصادر - ثلاث بقرات ومحل صغير لصناعة الألبان والأجبان، قبل أن يتحوّل إلى صاحب أكبر شركة مُصدّرة للألبان والأجبان، وصاحب شركة تجارية كبرى أسست تحت اسم "United Golden Group".
يتهم أهالي مسرابا والغوطة الشرقية، "المنفوش" بأنّه كان عرّاب المتاجرة بأرزاقهم والتلاعب بأسعار قوتهم.
وما يزال "المنفوش" يعدّ أحد أهم أدوات نظام الأسد التجارية التي اعتمد عليها، خلال سنوات الحرب، وكان له نصيب في تمويل الحملة العسكرية الأخيرة على غوطة دمشق، عام 2018.
ويحاول "المنفوش" الذي بدأ بتمويل الحملة الانتخابية لـ"النظام"، الابتعاد عن الأضواء وإخفاء دعمه وشراكته لـ"النظام"، خوفاً مِن إدراجه إلى جانب زملائه، في قائمة العقوبات الاقتصادية الدولية.
يشار إلى أنّ نظام الأسد يجري انتخاباته الرئاسيّة وفق "دستور عام 2012" الذي تنص "المادة 88" منه على أن "الرئيس لا يمكن أن يُنتخب لأكثر من ولايتين كل منهما سبع سنوات"، إلّا أنّ "المادة 155" توضّح أن ذلك "لا ينطبق على الرئيس الحالي، إلا اعتباراً من انتخابات العام 2014".