icon
التغطية الحية

التايمز: مهاجرون لا يجيدون السباحة لكن الغرق لم يمنعهم من محاولة العبور

2024.10.07 | 16:48 دمشق

مهاجرون على متن مركب مطاطي يحاولون عبور بحر المانش ليصلوا إلى المملكة المتحدة - المصدر: الإنترنت
مهاجرون على متن مركب مطاطي يحاولون عبور بحر المانش ليصلوا إلى المملكة المتحدة - المصدر: الإنترنت
The Times- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

دفع حميد البرادي أكثر من ألف يورو لعصابة تعمل بتهريب البشر حتى تساعده على عبور بحر المانش، لكنه ألفى نفسه الأسبوع الفائت في قارب مكتظ بالناس من دون سترة نجاة.

بدأ القارب بالغرق على بعد بضع مئات المترات من الساحل الشمالي لفرنسا، فوجد البرادي نفسه وسط الماء، وهو رجل في الرابعة والخمسين من العمر ينتمي إلى جماعة البدون العربية، ويعلق على ذلك بقوله: "شارفت على الموت، لأني لا أجيد السباحة".

بيد أن الحظ كان حليفاً للبرادي، وذلك لأن غيره من المهاجرين ساعدوه في الطفو على سطح الماء إلى أن وصل مركب الشرطة الفرنسية الذي أعاده إلى الساحل الذي أتى منه فرجع إلى مخيم قذر مليء بالقمامة قريب من سكة الحديد في كاليه، والذي بقي يقيم فيه طول فترة محاولاته للوصول إلى المملكة المتحدة.

الموت سحقاً

غير أن أربعة مهاجرين غيره لم يحالفهم الحظ الذي حالفه، فقد تعرض طفل يبلغ من العمر عامين ولد في ألمانيا لأم صومالية للسحق فمات في قعر قارب صغير يحتوي على قرابة تسعين مهاجراً قدموا من القرن الإفريقي ومن فييتنام وأفغانستان وسوريا ومصر والكويت والعراق.

ويحدثنا عن الأم أوليفر باربارين وهو عمدة مدينة بورتال الساحلية التي أعيد جثمان الطفل إليها فيصفها بأنها أصبحت في حالة يرثى لها، فقد توفي طفلها بين ذراعيها في حين بقي طفلاها الآخران على قيد الحياة ولم يدركا ما حل بشقيقهما.

لم يكن هذا الصغير الضحية الوحيدة خلال هذا الأسبوع، إذ في الفترة نفسها تقريباً، أي في ساعة مبكرة من يوم السبت، تعرض رجلان أفريقيان وامرأة فيتنامية جميعهم في الثلاثينيات من أعمارهم للسحق حتى الموت في قارب آخر اكتظ بالبشر.

ويخبرنا جاك بيلان وهو محافظ المنطقة عما حدث فيقول بإن تكرر أعطال محركات القوارب تثير الذعر على متنه، ولهذا يُعتقد بأن الضحايا الثلاثة تعرضوا للسحق والاختناق والغرق على عمق أربعين سنتمتراً في قعر المركب الذي حمل 83 مهاجراً.

يذكر أنه خلال هذا العام غرق واحد وخمسون شخصاً في بحر المانش بينهم 25 خلال هذا الشهر، مقارنة بعدد الغرقى خلال عام 2023 والذي بلغ في مجمله 16 شخصاً، ما يمثل زيادة هائلة عزاها المسؤولون للوضع المتردي الذي يعيشه المهاجرون الذين يحتشدون على متن مراكب مكتظة بالبشر يعدها لهم مهربون من دون أن يزودهم بستر نجاة.

"كيف سأعيش هنا؟"

في سياق متصل، وصل إلى المملكة المتحدة يوم السبت الماضي 937 مهاجراً على متن 17 قارباً، ليمثل ذلك أعلى رقم للواصلين خلال يوم واحد طوال هذا العام، كما أنقذت السلطات الفرنسية 237 مهاجراً آخرين بعد ليلة سادتها عمليات إبحار جماعية جرت على عجل وذلك لاستغلال الطقس الهادئ قبل أن يبدأ موسم رياح الخريف العاتية وأمواجه العالية.

بالعودة إلى مخيم كاليه، يخبرنا البرادي بأنه علم بحالات الوفاة التي تعرض لها الطفل الصغير الذي لم يتجاوز عمره سنتان والكبار الثلاثة الذين قضوا في عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن كل ذلك لم يردعه، ولهذا يقول: "سأغامر بخوض البحر ولعل البحر سيقتلني، ولكن ما الذي بوسعي فعله غير ذلك؟ ها هي ذي فرنسا التي لن تمنحني أوراقاً، ولا أي شيء آخر، فكيف سأعيش هنا؟" قال ذلك مشيراً إلى الخيام المؤقتة التي أقيمت في أرض قفر بجانب موقع يعمل فيه أحد المستثمرين على بناء عشرات البيوت الجديدة لأهالي المنطقة.

ويخبرنا البرادي بأن مزاج المهاجرين أصبح متوتراً بشكل كبير، ناهيك عن الهجمات بالسكاكين التي تعزى للأفارقة والتي باتت أمراً شائعاً اليوم، وأضاف: "إنهم يأتون إليك ويقولون لك: أعطني هاتفك ومالك، وهذا ما يحدث دوماً".

بيد أن هذا الرجل مايزال على قناعة بأن الحياة ستغدو أفضل في المملكة المتحدة ولهذا يقول: "إنها الدولة الوحيدة التي ستشفق علينا، والدولة الوحيدة التي ستحترم حقوقنا، وصدقني إن أعطتني فرنسا أوراقاً فسأبقى فيها، لكنها لن تعطيني، لذا فإن إنكلترا هي الدولة الوحيدة التي ستعطيني أوراقاً".

"مقبرة وسط البحر"

يذكر أن وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر أدانت عصابات التهريب التي وصفتها بالمجرمة وذلك لأنها مابرحت تواصل تنظيم رحلات العبور الخطرة بواسطة تلك القوارب، في حين تعهد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو بالتشديد على محاربة تلك المافيات على حد تعبيره بما أن أيديها باتت ملطخة بالدماء.

وصف باربارين المهربين بأنهم أوغاد لأنهم حولوا بحر المانش إلى مقبرة في البحر، لكنه شكك بمدى نجاح كوبر وريتايو في تحقيق ما فشل سلف كل منهما بتحقيقه، وقال: :سيحاول المهاجرون العبور مهما فعلنا" أي أنهم: "سيخوضون مخاطر أكبر فأكبر" على حد وصفه.

كما أبدى هذا الرجل قلقه إزاء التوتر المتزايد بين المهاجرين والأهالي في شمالي فرنسا بعد سلسلة الأحداث الأخيرة. إذ في شهر تموز الماضي مثلاً، تعرض مهاجر سوداني للدهس مرتين بسيارة ضمن ما وصفه شهود بالهجوم المتعمد. وخلال الشهر الفائت، ذكر ثلاثة صيادين بأنهم تعرضوا لهجوم نفذه مهاجرون أوسعوهم ضرباً بقضبان حديدية، فيما أعلنت الشرطة بأن المهاجرين اعتقدوا بأن الصيادين كانوا يستهدفونهم أثناء تصويبهم لاصطياد طريدة.

في إحدى محطات الحافلات في كاليه، أخذ عشرات المهاجرين ومعظمهم أفغان ينتظرون الحافلة من أجل أن يعودوا إلى المخيم القريب من دنكيرك بعد يومين أمضوهما في الشوارع وفي الميناء الواقع شمالي فرنسا. فقد تعب هؤلاء من محاولة العبور خلال ساعات الفجر الأولى من يوم السبت، وذلك عندما ثقبت الشرطة قاربهم قبل أن ينطلق من الشاطئ، لكنهم ذكروا بأنهم سيعيدون الكرة مجدداً، إذ قال شاب يبلغ من العمر 23 عاماً: "ليس لدينا أي مكان نذهب إليه ولقد تعبنا جميعاً في سبيل الحصول على أوراق سواء في بلجيكا أو في ألمانيا أو في اليونان، وبما أن جميع تلك الدول رفضتنا، لذا لم يعد أمامنا سوى أن نحاول في إنكلترا".

 

المصدر: The Times