يبدو أن الشراكة بين "البوابة الذهبية" وهي المستحوذ الأكبر على سوق المحروقات في مناطق النظام وشركات كهرباء الأمبيرات الجديدة قد تفعلت بشكل ملموس من خلال تكفل البوابة الذهبية بتقديم مادة الديزل لشركات الأمبيرات في دمشق وريفها، بحسب ما كشفت مصادر خاصة لـ "تلفزيون سوريا".
وتحصل الشركات المندرجة ضمن المشروع الجديد الذي تديره الفرقة الرابعة للاستثمار في كهرباء الأمبيرات على مخصصاتها من محطات المحروقات التي تديرها البوابة المملوكة لمجموعة قاطرجي، مقابل قيام الشركات المقربة من الفرقة الرابعة مثل شركتي الزيبق في الغوطة الشرقية، والأمان في داريا والمعضمية، بالتكفل بالمولدات وتطبيق المشروع بكلفة باهظة ومرهقة للسكان.
وقالت مصادر أهلية من مدينة داريا لـ "تلفزيون سوريا" إن شركة "الأمان" التي يديرها شخص من آل العبار وترتبط بالفرقة الرابعة توفر كهرباء الأمبيرات بمبالغ كبيرة لا تتناسب مع القدرة الشرائية لمعظم السكان، لكن قيام مؤسسة الكهرباء الحكومية بقطع التيار الكهربائي عن المدينة أجبر السكان على الاشتراك في الخدمة.
ويظهر إيصال دفع صادر عن شركة الأمان حصل عليها "تلفزيون سوريا" من أحد المشتركين أن سعر كيلو واط الساعي 9 آلاف و500 ليرة سورية (تتجاوز 6 دولارات) وهذا ما جعل المشترك يضطر إلى دفع مبلغ 57 ألف ليرة عن أسبوع اشتراك منزلي. ويقول المشترك إن المبلغ يتجاوز نصف راتبه الأسبوعي الذي يبلغ 100 ألف ليرة سورية.
تمهيد الأرضية
وسبق البدء بتطبيق خطة كهرباء الأمبيرات التي تستعير النموذج اللبناني في تزويد المواطنين بالكهرباء، تمهيد الأرضية لما يمكن أن يكون خصخصة لقطاع المحروقات من خلال توسيع نشاطات البوابة الذهبية في اكتمال الشراكة بين مجموعة قاطرجي والقصر الرئاسي.
ومنتصف العام 2023 عدل قرار جديد منشور في العدد (34) للعام 2023 من الجريدة الرسمية، المادة (١) الفقرة (٢) من النظام الأساسي لشركة "البوابة الذهبية" وذلك بإضافة نشاط جديد للشركة، وهو إنشاء واستثمار محطات الوقود وبيع المنتجات النفطية. وعدّل القرار المادة (2) من النظام الأساسي والمتعلقة باسم الشركة لتصبح بعد التعديل "شركة البوابة الذهبية للنقل والخدمات النفطية المحدودة المسؤولية".
وسبق القرار منح شركة “البوابة الذهبية” بشكل حصري توزيع المشتقات النفطية لصناعيي القطاع الخاص، حيث أعلنت الشركة على معرفاتها الرسمية على “فيس بوك”، أن بإمكان أصحاب الفعاليات الاقتصادية التزود بكامل المخصصات من مادة المازوت، الفيول، الغاز، عن طريق الغرف المتخصصة (صناعة، تجارة، سياحة) أو من خلال إرسال الطلبات عبر البريد الإلكتروني الخاص بالشركة.
وألمحت الشركة إلى أن للفعاليات الصناعية والسياحية والتجارية حرية التزود بالمشتقات النفطية واستجرار مخصصاتهم لمدة شهر سواء من شركتي محروقات أو البوابة الذهبية.
ويعني ذلك أن النظام مهد الأرضية لتطبيق الخطة اللاحقة وهي تنفيذ مشاريع كهرباء الأمبيرات التي ترتبط شركاتها بالفرقة الرابعة بحسب مصادر "تلفزيون سوريا" في ريف دمشق، وتقارير نشرها موقع "صوت العاصمة" المعارض في وقت سابق.
سيطرة أمراء الحرب تتسع
ويقول الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر إن قضية خصخصة الكهرباء وحوامل الطاقة في مناطق سيطرة النظام ليست جديدة، فهي بدأت منذ عدة أعوام وعلى عدة مستويات.
وأضاف خلال حديث لـ "تلفزيون سوريا" أن "الخصخصة هنا لا تعني عملية اقتصادية هادفة لمعالجة مشكلات قطاع الطاقة في البلاد، بل لتحقيق مصالح فئة معينة من أمراء الحرب ورجال الأعمال المقربين من النظام".
وكانت بداية هذه الخطة مع إصدار تشريع في عام 2022 يسمح للقطاع الخاص بالدخول إلى قطاع توليد الكهرباء الذي كان سابقاً تحتكره حكومة النظام.
إضافة إلى ذلك فإن إطلاق يد قاطرجي في قطاع النفط والمحروقات يصب في السياق نفسه، فشركته تسيطر بشكل شبه كامل على توزيع ونقل النفط الخام والمحروقات المكررة، وسيطرته على القطاع تتسع من خلال تأسيس شركات جديدة وعلى رأسها البوابة الذهبية.
ويرى السيد عمر أن "سيطرة أمراء الحرب تتسع من خلال تحالفات بين قاطرجي وشركات مقربة من الفرقة الرابعة وغيرها من الشركات، من خلال قيام شركات قاطرجي بتوفير المحروقات وشركات الفرقة الرابعة بتوفير المولدات لبيع الكهرباء للسكان، وحكومة النظام تدعم هذه التحالفات من خلال عدم وصل التيار الكهربائي إلا 3 أو أربع ساعات يومياً فقط".
ويتابع أن "كل هذه النشاطات والتحالفات تدعم الخصخصة الانتقائية لقطاع الكهرباء والنفط ومجمل حوامل الطاقة، كما أن دخول بعض رجال الأعمال المقربين من النظام على خط استيراد ألواح الطاقة الشمسية يصب في المجال ذاته، لذلك من المتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة أن نشهد تردياً إضافياً لخدمات الكهرباء، بهدف دفع السوريين للتعامل مع الشركات الخاصة".
كما أن رفع الدعم التدريجي عن المحروقات من خلال زيادة سعرها يعزز الجنوح نحو الخصخصة، وهذا كله يقوض أي آمال بحدوث انتعاش اقتصادي مبكر في مناطق سيطرة النظام، كما يعزز من تراجع النشاط الاقتصادي ما يعني زيادة الفقر والبطالة.