يصل البابا فرنسيس إلى مدينة مرسيليا اليوم في زيارة يطغى عليها "ملف الهجرة"، في ظل حديث عن "حصار بحري" في الوسط الأوروبي لمنع تدفق محتمل للاجئين جدد.
وقال رئيس الكنيسة الكاثوليكية إنه سيزور "مرسيليا وليس فرنسا"، مضيفاً "المشكلة التي تشغلني هي مشكلة البحر المتوسط"، في إشارة إلى مسألة الهجرة.
وستستمر الزيارة لمدة يومين إذ سيرأس البابا قداسا مفتوحا بعد الصلاة تكريما لذكرى المهاجرين الذين لقوا حتفهم في البحر.
ويندد البابا بانتظام بـ "اللامبالاة" في مواجهة غرق السفن المأساوي الذي خلف أكثر من 28 ألف مفقود في المتوسط منذ 2014 بحسب منظمة الهجرة الدولية.
وفي زيارة له في حزيران الماضي، أعرب البابا فرنسيس عن أسفه بأن البحر الأبيض المتوسط أصبح "أكبر مقبرة في العالم".
"حصار بحري" وإجراءات صارمة
ومن جانب آخر تزامنت زيارة البابا فرنسيس مع وصول قوارب تحمل آلاف المهاجرين إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
وخلال ثلاثة أيام في الأسبوع الماضي، وصل نحو 8500 مهاجر إلى جزيرة لامبيدوزا، وهو رقم يفوق تعداد سكان الجزيرة، ويتخطى طاقة مركز الاستقبال المحلي الذي يتسع لـ400 شخص كحد أقصى.
عقب ذلك أعادت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إحياء الدعوات لفرض "حصار بحري" وأعلنت عن إنشاء مراكز جديدة لاحتجاز غير المؤهلين للحصول على اللجوء حتى تتم إعادتهم إلى وطنهم.
ومن جانبها، عززت فرنسا دورياتها الحدودية على حدودها الجنوبية مع إيطاليا، بالقرب من مرسيليا، وزادت من مراقبة جبال الألب بطائرات من دون طيار لمنع القادمين الجدد من العبور.
وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين هذا الأسبوع على قناة تي إف 1 الوطنية "فرنسا لن تستقبل مهاجرين من لامبيدوزا".
وأضاف "لن نتمكن من وقف التدفق الذي يؤثر بشكل واضح على قدرتنا على دمجهم في المجتمع الفرنسي من خلال استقبال مزيد من الأشخاص".
آراء وأصوات تساند المهاجرين
وتأتي الزيارة عشية احتفال الكنيسة الكاثوليكية السنوي بالمهاجرين واللاجئين، ويتحدث موضوع هذا العام عن "الحق في الهجرة". قال رئيس أساقفة مرسيليا، جان مارك أفلين، عن رسالة هذا العام عن المهاجرين "لقد اختاروا المغادرة، لأنه لم يكن لديهم خيار البقاء"، مضيفا "نادرا ما تغادر بلدك وفي قلبك فرح".
وأشار أفلين الذي ولد في الجزائر وانتقل إلى فرنسا عندما كان طفلا، أن مثل هذه الإجراءات "العدوانية" والخطابات "الساذجة" ليست هي الحل.
وقال للصحفيين في روما قبل الزيارة: "يجب على الكنيسة أن تقيس هذه الشرور جيدا وتجد طريقا ليس عدوانيا"، من خلال القرب من المهاجرين والعيش بينهم.
ويؤكد جان مارك أفلين أنه في مسألة الهوية "كل الناس يعلمون أن هناك دائما الآخر".
ولفت إلى أن المهاجرين "يأتون من أماكن أخرى لكن حين يصلون، يحبون هذه المدينة وبسرعة كبيرة يصبحون أبناء مرسيليا، ويفتخرون بهذا الانتماء ولا يهم إذا لم تكن لديهم إقامة قانونية فهم سيحصلون عليها لاحقا، لديهم هوية، وهذا أمر مهم".
ومن جانبه قال رئيس جمعية "سانت ايجيديو" الكاثوليكية ماركو امباليازو، الذي يساعد في تنظيم الممرات، "إن أعداد المهاجرين الذين يصلون بالقوارب إلى إيطاليا هذا العام مرتفعة، ولكنها لا تشكل بأي حال من الأحوال حالة طوارئ".
وقال إن الهجرة ليست حالة طارئة، بل هي "مشكلة طويلة الأمد، وظاهرة هيكلية تتطلب حلولا متوسطة وطويلة الأجل" يمكن أن تكون ذات فائدة هائلة لإيطاليا، بالنظر إلى أزمتها الديموغرافية.
وتعتبر مرسيليا واحدة من أكثر المدن تعددا للثقافات والأديان والأعراق على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وتتميز منذ فترة طويلة بحضور قوي للمهاجرين الذين يعيشون فيها.
وبحسب بيانات وكالة الإحصاء الوطنية الفرنسية، يعيش ما يزيد على 124000 مهاجر في مدينة مرسيليا، البالغ عدد سكانها 862 ألف نسمة في عام 2019، ويشكلون نحو 14.5٪ من السكان.