مضى شهر على الإعلان عن تشكيل غرفة القيادة الموحدة "عزم"، من قِبل فصيلي الجبهة الشامية، وفرقة السلطان مراد، التابعين للجيش الوطني السوري، في خطوة لم تصل إلى مستوى الاندماج الكامل، بل اقتصرت على التنسيق المشترك في مجالات العسكرة والأمن والإعلام والاقتصاد.
والتحقت عدة فصائل من الجيش الوطني بغرفة القيادة الموحدة بعد الإعلان عن تشكيلها، وفي 28 من تموز الماضي استقبلت الغرفة فصائل جيش الإسلام، وجيش الشرقية، وفرقة أحرار الشرقية، وفرقة الحمزة، وفرقة ملكشاة، ولواء صقور الشمال، وفرقة السلطان سليمان شاه، ثم أُعلن يوم أمس 16 آب، عن التحاق تشكيلات جديدة بالغرفة، وهي الفرقة 51، والفرقة الأولى، التي تضم بدورها الفرقة التاسعة ولواء الشمال واللواء 112.
وارتفع عدد التشكيلات المنخرطة في الغرفة إلى 13، ويقود "عزم" أبي أحمد نور، قائد "الجبهة الشامية"، فيما يشغل فهيم عيسى -قائد فرقة السلطان مراد- منصب نائب القائد العام، وتحاول الغرفة تسوية مختلف القضايا المثارة على عناصرها، وتشكيلاتها، حيث طلبت من المجموعات التابعة لها تسوية تلك القضايا أمام المؤسسات واللجان القضائية خلال مدة أقصاها 20 يوماً.
#غرفة_القيادة_الموحدة#عزم
— غرفة القيادة الموحدة "عزم" (@UniLeadership) August 17, 2021
انتشار قوّات غرفة القيادة الموحدة-عزم على الطرق الرئيسية والحواجز في ريف حلب الشمالي.https://t.co/BdIrvZlFrU pic.twitter.com/iYP4aAl1qe
ورأت أطراف في الجيش الوطني السوري أن تشكيل غرفة القيادة الموحدة، هو اجتهاد من جانب الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد، ومن الأفضل أن يكون الاندماج بشكل كامل خياراً بديلاً عنها، في حين اعتبرت جهات أخرى أن تأسيس "عزم" يعد تجاوزاً لمؤسسة الجيش الوطني، ووزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة، وهو ما نفاه مدير المكتب الإعلامي في الجبهة الشامية سراج الدين العمر في حديث سابق لـ تلفزيون سوريا، إذ أكد أن كل هذه التحركات تجرى تحت مظلة وزارة الدفاع.
طرح فكرة الاندماج الكامل
كانت فرقة المعتصم في الجيش الوطني، من ضمن الفصائل التي نادت بخلق اندماج كامل في ريف حلب الشمالي والشرقي، وسبق أن ذكر القيادي في الفرقة مصطفى سيجري، أن الفصائل المُشكّلة لـ "عزم" ذهبت باتجاه عملية تسريع استصدار القرار وتنفيذه، ريثما يتم إنضاج مؤسسة الجيش الوطني بشكل كامل.
وقال "سيجري" خلال مشاركته في برنامج "سوريا اليوم" على شاشة تلفزيون سوريا في 11 آب الجاري: "لماذا لا نذهب باتجاه الاندماج الكامل، آن الأوان لإنهاء الحالة الفصائلية الموجودة".
وبدلاً من تشكيل غرفة عمليات تعنى بالشأن الأمني والعسكري، يعتقد "سيجري" أنه من الأفضل الذهاب نحو الاندماج الكامل، وإنهاء الحالة الفصائلية، وإيجاد قيادة مركزية.
وتساءل القيادي في فرقة المعتصم قائلاً: "لماذا لا نذهب باتجاه تمكين المؤسسات، الشارع يدعو إلى ذلك، وإذا لم تستطع كبرى فصائل الجيش الوطني تمكين المؤسسات فمن سيمكنها؟".
وأردف "لو ذهبنا باتجاه تمكين وزارة الدفاع، والشرطة العسكرية، والقضاء العسكري، والحكومة المؤقتة، من سيمنعنا؟".
فكرة الاندماج قيد الدراسة
علم موقع تلفزيون سوريا من مصادر مطلعة أن فكرة الاندماج التي طرحها مصطفى سيجري، هي مطلب لعدة فصائل في الجيش الوطني، وليس فرقة المعتصم وحدها، إذ تعتبر هذه الفصائل أن توحد مختلف التشكيلات، وإلغاء المسميات، سيكون له أثر إيجابي على الواقع العسكري والأمني في مناطق انتشار الجيش الوطني، ذلك في حال كانت التشكيلات صادقة فعلاً، وجادة في خلق جسم واحد.
وترغب هذه الفئة في أن تكون عملية الاندماج تحت مظلة وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، وبإشراف الحكومة نفسها، وما يعزز ذلك، لقاء قادة في فرقة المعتصم، برئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى يوم أمس، لمناقشة واقع الشمال السوري.
وبعد اللقاء ذكرت قيادة الفرقة، على لسان "سيجري" أن "الارتقاء بواقع المناطق المحررة وتعزيز الأمن ودعم الاستقرار وبناء المؤسسات الوطنية وتمكين الحكومة السورية المؤقتة عملية تشاركية بين أبناء الشعب السوري وواجب الجميع وواجب المرحلة".
وأشارت إلى أنها تقف "إلى جانب السيد رئيس الحكومة وتدعم جهوده وحرصه على أبناء وبناء مؤسسة الجيش الوطني السوري".
وأفاد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا بأن فصيلي الجبهة الشامية، وفرقة المعتصم، يدرسان فعلاً فكرة اندماجهما بشكل كامل، تحت اسم واحد، وقيادة واحدة، وقد أجرى قادة الطرفين عدة اجتماعات ومباحثات خلال الأيام الماضية لهذا الغرض.
وأكد قيادي في فرقة المعتصم وجود مباحثات مع الجبهة الشامية للاندماج، حيث عقدت عدة اجتماعات وصفها بالـ "جيدة".
ويقود الجبهة الشامية، أبي أحمد نور، وتتركز قوتها في مدينة اعزاز وريفها، فيما يقود فرقة المعتصم (الفيلق الثاني)، معتصم عباس، وتتخذ من مدينة مارع معقلاً لها، ويرجح أن يكتسب الفصيلان نقاط قوة في حال تحقق الاندماج، نظراً للقرب الجغرافي لمعقليهما (اعزاز - مارع).
التوقيت
منذ فترة ليست بالقصيرة تسعى فصائل في الجيش الوطني إلى بناء نواة لمشروع جامع، لإنهاء حالة الترهل العسكري والأمني، خاصة بعد تزايد الانتقادات لضعف الإدارة في ريف حلب الشمالي، مقارنة بإدلب، بعضها كان على لسان أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام التي تدير محافظة إدلب.
ولم يمانع "الجولاني" الاندماج مع الجيش الوطني وتشكيل إدارة واحدة لمنطقتي السيطرة، وقال في لقاء مع مهجري حلب وريفها المقيمين في إدلب في 5 من آب الجاري، إن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا يجب أن تكون سلطة واحدة ومؤسسات وإدارة واحدة.
"الجولاني" اعتبر أن مناطق سيطرة الجيش الوطني "ستبقى غارقة في الفوضى والمخاطر الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والسياسية"، لوجود سلطات متعددة بعكس مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، بحسب وصفه، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن استعداده للتعاون والاندماج مع فصائل الجيش الوطني، قائلاً: "فتحنا صدورنا وأيدينا ومددناها عشرات المرات وحتى اليوم نمد أيدينا للدرع والغصن، وجلست مع معظم الفصائل ووجهاء من منطقة الشمال، وأبلغتهم أنه لو أرادت الفصائل التوحد فهذا ممكن ولن يقف أحد في وجههم".
زعيم "تحرير الشام" ذكر أنه دعا للدخول في "حالة اندماجية موحدة لتصبح المنطقة واحدة"، مضيفاً أنه عرض المساعدة الأمنية والعسكرية على الجيش الوطني دون وجود اتفاق بالتوحد والاندماج، "لأن عدم انضباط الوضع في مناطق سيطرة الجيش الوطني سيشكل خطراً على الوضع في إدلب".
وتعتقد بعض الفصائل أن تشكيل منظومة حكم واحدة شمال غربي سوريا، أمر لا مفر منه، وفي 15 من آب الجاري، ذكر نائب قائد أحرار الشام، أحمد الدالاتي، في تصريح أدلى به لموقع "نداء بوست" أن الحركة "ترى ضرورة التوصل إلى منظومة حكم واحدة للمناطق المحررة، تشارك فيها جميع المؤسسات والقوى الثورية الفاعلة"، كما ذكر أنه "لا يمكن المحافظة على الثورة إلا بتكامل مناطقها على كل الصعد وهذا يستلزم تضافر جهود الجميع".
ويسود اعتقاد لدى شريحة كبيرة من المتابعين لتطورات الشمال السوري، أن اندماج جميع التشكيلات شمال غربي سوريا (الجيش الوطني السوري - هيئة تحرير الشام)، غير وارد في الوقت الحالي، ما يعني استمرار حالة التنافس بين منطقتي إدلب، وشمالي حلب، بالتزامن مع توسع "الجبهة الشامية" -كبرى فصائل الجيش الوطني، ويعول عليها لبناء إدارة تنافس إدارة تحرير الشام- خاصة بعد أن استقطبت أكثر من 1000 مقاتل، ممن انفصلوا عن حركة أحرار الشام.