أكدت مصادر أن وزارة التربية في "حكومة الإنقاذ" قررت شفوياً حل وإلغاء مديريات التربية الأربع التابعة لها في كل من إدلب وحلب وحماة واللاذقية وتحويل المجمعات التربوية إلى مديريات تتبع للوزارة بشكل مباشر.
تعتبر هذه الخطوة واحدة من محاولات حكومة الإنقاذ الرامية للاستئثار بمختلف المفاصل الحوكمية في المحافظة، وخاصة تلك التي تتعلق بالملفات التي لها دعم خارجي، للحصول على المكاسب المادية، ولفرض نفسها كلاعب محلي وحيد أمام الجهات الدولية التي ستكون مجبرة على التعامل مع "الإنقاذ" بسبب غياب البديل، لكن فشل تلك المحاولات والمجازفات لا ينعكس على "الإنقاذ" بل يكون الخاسر منه هو سكان الشمال السوري.
وأوضحت المصادر الخاصة لموقع تلفزيون سوريا أن قرار تغيير البنية التربوية صدر بشكل شفهي وبدأ تطبيقه بشكل عملي من أجل المناورة والتلاعب على المنظمات المحلية والدولية التي تدعم ملف التعليم ولو بشيء بسيط.
وتهدف هذه الخطوة وفق المصادر، لإرغام المنظمات على التنسيق والعمل بالشراكة مع وزارة التربية في حكومة الإنقاذ، ففي السابق كانت تعمل المنظمات في إدلب وتقدم الدعم للملف التعليمي في إدلب عبر مديريات التربية، حيث إن المديريات تشكلت قبل حكومة الإنقاذ بـ 4 سنوات وكانت تابعة للحكومة السورية المؤقتة قبل فرض "الإنقاذ" سيطرتها على إدلب والأرياف المحيطة بها في كل من حلب وحماة واللاذقية.
وبحسب المصادر فإن التنسيق كان يجري مع مديريات التربية لأن تبعية المديريات كانت للحكومة المؤقتة رغم وجود الأخيرة في مناطق سيطرة "حكومة الإنقاذ"، وكان يتم اختيار مديري التربية بالتوافق بين الطرفين بعد طرح عدة أسماء لشغل منصب مدير التربية، وكان ذلك واضحاً في استقلالية المديريات التي كانت تصدر القرارات والتعاميم بصفتها مديريات مستقلة من دون ذكر تبعيتها لأي جهة في ترويسة قراراتها الرسمية.
وتحاول الإنقاذ من خلال هذه الخطوة جعل مهمة تنسيق المنظمات مع غيرها مستحيلة، فبدل المديريات الأربع سيكون هناك أكثر من 10 مديريات وهي المجمعات التربوية التي تعمل الإنقاذ الآن على تحويلها إلى مديريات، بالإضافة إلى التلاعب في التقسيمات الإدارية المعتمدة من قبل الأمم المتحدة عبر دمج مدارس تتبع لمناطق ومحافظات إلى أخرى، وهو بخلاف المعمول به في سوريا قبل انطلاق الثورة وبعدها.
المؤقتة تنفي والإنقاذ لا تجيب على التساؤلات
تواصل موقع تلفزيون سوريا مع وزير التربية في الحكومة السورية المؤقتة جهاد حجازي، والذي اكتفى بنفي إلغاء المديريات ونفي التنسيق مع "حكومة الإنقاذ"، والتأكيد على بقاء المديريات رغم عرض صور الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها كوادر مديرية التربية والتعليم في حلب احتجاجاً على قرار الإنقاذ إلغاء المديريات وحلها.
في الطرف المقابل حتى لحظة نشر هذا التقرير لم يحصل تلفزيون سوريا على أي توضيحات من وزارة التربية في "حكومة الإنقاذ" التي حاول الاستفسار منها عن صحة القرار، وأسباب وقفة كوادر مديرية التربية، عبر مسؤول التواصل والتنسيق الإعلامي في "حكومة الإنقاذ".
توقيت هذه الخطوة
على الرغم من أن هذه الخطوة اعتزمت "الإنقاذ" القيام بها منذ عدة أشهر إلا أنه من الواضح أنها استغلت التوقيت الحالي لعدة عوامل، أبرزها عدم وجود وزير للتربية في "حكومة الإنقاذ" حالياً، مما يسهل على الإنقاذ التراجع عن قرارها في حال تعرضها لضغوط شعبية أو خارجية، وأيضاً بسبب انتهاء مذكرة التفاهم الموقعة بين المديريات و"منظمة مناهل" أكبر المنظمات الداعمة لملف التعليم في شمال غربي سوريا، ومحاولة "الإنقاذ" فرض نفسها عبر التغييرات الحالية في بنية الملف التربوي قبل قدوم منظمات جديدة ضمن "آلية إنصاف" المرشحة لتكون آلية بديلة لإيصال المساعدات في حال تم إيقاف عبور المساعدات الإنسانية الأممية إلى شمال غربي سوريا عبر معبر باب الهوى.
ويرى العديد من التربويين في إدلب أن انعكاسات هذه الخطوة لا تؤثر على دعم المعلمين والعملية التعليمية في مناطق سيطرة "الإنقاذ" فقط، بل ستمتد إلى حدوث انقسام كبير في العملية التعليمية يشمل الشهادات والجهات الصادرة عنها، وهو ما حذر منه التربويون كثيراً خلال السنوات السابقة، خاصة أن الشهادات الصادرة عن الحكومة المؤقتة معترف بها في عدة دول أبرزها "تركيا، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وأميركا، وكندا.."، بينما لن يحظى الطلاب الحاصلون على شهادات من حكومة الإنقاذ على أي اعتراف خارجي.
من جانب آخر يرى البعض أن الإنقاذ تجازف بهذه الخطوة في سبيل فرض نفسها، أسوة بما فعلته عبر فرض التنسيق على المنظمات المحلية والدولية مع وزارة التنمية والشؤون الإنسانية التابعة لها، لكن من تحدث إليهم موقع تلفزيون سوريا من متابعين اعتبروا أن دعم الملف التعليمي ليس أولوية تجبر المنظمات على التطبيق مع "الإنقاذ" كما هو حال الملف الإنساني الذي اضطرت المنظمات لذلك التنسيق من أجل وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها في مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام.