وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كانون الأول الماضي قانون قيصر بعد نجاح جهود الجالية السورية في إرفاقه مع قانون ميزانية الدفاع للعام 2020، ما ضمن تمرير القانون الذي أعيق صدوره أكثر من أربع سنوات.
وتنتهي في منتصف حزيران المقبل مهلة الـ 180 يوماً التي حددها قانون قيصر للإدارة الأميركية لإصدارها لوائح تنفيذية، يتوقع منها شل القدرة الاقتصادية لنظام الأسد ومعاقبة أي جهة أجنبية تحاول دعمه.
وكان من المقرر عقد جلسات استماع في الكونغرس أمس الخميس تقدّم فيها الحكومة الأميركيّة تقريراً عن خطّتها لتطبيق القانون لكنّ الخارجية لم تستطع أن تنهي التّقرير في الموعد المحدّد، وعلقت جلسات الكونغرس بسبب فيروس كورنا، بحسب الناشط السياسي والمختصّ في السياسية الخارجيّة الأميركيّة محمد علاء غانم.
ويتضمن قانون قيصر 17 قسماً (مادة)، أهمها التي تتعلق بالجهات الأجنبية التي تقدم دعماً لنظام الأسد، والبنك المركزي السوري، ودعم منظمات المجتمع المدني السورية، وأخيراً قسم تعليق العقوبات.
الفرق بين القانون والعقوبات السابقة
تدرج وزارة الخزانة الأميركية الآن أكثر من 560 شخصية وكياناً على صلة بنظام الأسد ضمن قائمة العقوبات، لكن ما الفرق بين هذه القائمة وقانون قيصر؟
يقول "غانم" إن العقوبات السابقة كانت تفرض على شخصيات سورية فقط، لكن مع قانون قيصر سيشمل الحظر أي شخص أجنبي يتعامل مع نظام الأسد ويقدم له مساعدات مادية أو تقنية أو معلومات، أو يعمل في إعادة الإعمار.
اقرأ أيضا... قيصر يدعو إلى فرض عقوبات صارمة ضد نظام الأسد
وتنص المادة 102 من القانون على أنه يتعين على الرئيس خلال 180 يوماً من تاريخ سن القانون فرض عقوبات على أي شخصية أجنبية قامت بالنشاطات الآتية:
-قدمت وهي على علم ودراية كاملة أي دعم مهم سواء أكان مالياً أم مادياً أو تقنياً أو تورطت وهي في صفقة مالية مهمة مع نظام الأسد (ويشمل ذلك أي كيان يعود له أو يسيطر عليه) أو مع أي شخصية سياسية رفيعة المستوى تعمل لصالح النظام. أو شخصية أجنبية تمثل مقاولاً عسكرياً أو مرتزقة أو قوة شبه عسكرية تعمل داخل سوريا لصالح النظام، أو روسيا، أو إيران.
- باعت أو زودت النظام بخدمات أو تقنيات أو معلومات مهمة أو غير ذلك من الدعم الذي يسهل بشكل كبير عملية صيانة أو توسيع الإنتاج المحلي للنظام من الغاز الطبيعي، أو النفط أو المنتجات النفطية.
- زودت النظام بطائرات أو قطع غيار للطائرات استخدمت لأغراض عسكرية في سوريا لصالح النظام أو لأي شخصية أجنبية تعمل في مجال يسيطر عيه النظام سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أو تسيطر عليه القوات الأجنبية المرتبطة بالنظام.
- زودت سواء بشكل مباشر أم غير مباشر النظام بخدمات بناء وهندسة مهمة.
البنك المركزي مؤسسة غسل أموال
أدرجت واشنطن ضمن عقوباتها السابقة العديد من المصارف السورية من بينها بنك الشام والمصرف العقاري السوري، المصرف الصناعي، المصرف الزراعي التعاوني، ومصرف التوفير، ومصرف التسليف الشعبي.
لكن ما يزال البنك المركزي السوري، يتمتع بحرية تحويل الأموال إلى الآن، وذلك بسبب استبعاده من العقوبات، ومع تطبيق القانون ستصبح الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة لقلب النظام المالي.
حيث طالبت الفقرة الأولى من المادة 101 في القانون وزير الخزانة في مدة لا تتجاوز مدة 180 يوماً على سن القانون، بالتحقيق في نتيجة مفادها أن "المصرف المركزي السوري عبارة عن مؤسسة مالية هدفها الأساسي هو غسيل الأموال".
اقرأ أيضا...هكذا وافق الجمهوريون والديمقراطيون على قانون قيصر
وأول مشكلة سيواجهها المصرف المركزي السوري بعد تطبيق القانون هي استبعاده من شبكة المزود الدولي لخدمات التراسل المالي المؤمن (سويفت) كما حصل مع البنوك الإيرانية في 2018، عندما طلب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من "سويفت" التي يسيطر عليها مصرفيون أمريكيون حجب المؤسسات المالية الإيرانية المدرجة تحت العقوبات عن خدماتها، ما حرمها من حرية تحويل النقود.
وفشلت إيران رغم وجود دعم من الدول الأوروبية وروسيا في تجنب خدمات "سويفت" التي تتخذ من بلجيكا مقراً لها وتضم نحو 11 ألف مؤسسة مصرفية حول العالم.
دعم جمع الأدلة حول جرائم الحرب
يقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إن قانون قيصر يضمن دعماً واضحاً لمسار العدالة والمحاسبة وسيتم تخصيص جزءٍ من الموارد للجهات التي تقوم بتحقيقات جنائية.
ونصت المادة 303 من القانون على تقديم المساعدة لدعم الكيانات التي تقوم بجمع الأدلة للتحقيق في جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية في سوريا منذ آذار 2011.
وخولت وزير الخارجية الأميركي للتشاور مع النائب العام ورؤساء الوكالات الفيدرالية ذات العلاقة، لمساعدة الكيانات التي تجري تحقيقات جنائية، أو تدعم المحاكمات، أو تجمع الأدلة وتحافظ عليها بهدف الملاحقة القضائية النهائية، بحق من ارتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في سوريا، بما في ذلك الأجانب والحكومات والمنظمات الداعمة لنظام الأسد.
كما اشترط القانون رحيل الأسد للمساعدة في بناء قدرات المؤسسة القضائية ودعم المحاكم المحلية في سوريا.
وحول الخطوات العملية لتنفيذ القانون قال "عبد الغني" إن الشبكة ستعقد اجتماعاً يوم الجمعة مع مكتب حقوق الإنسان والديمقراطية في الخارجية الأميركية التي اعتمدت الشبكة كمصدر أول في تقرير حقوق الإنسان عن سوريا.
وأشار "عبد الغني" إلى توقيع الشبكة في وقت سابق اتفاقاً مع الخارجية الأميركية يخص توثيق الانتهاكات، وأنهم زودوا الخارجية بعد اعتماد قانون قيصر بمعلومات ضخمة عن انتهاكات ضباط النظام في سلاح الطيران والأفرع الأمنية، وأنهم جمعوا أدلة عن شرائح واسعة من عناصر قوات النظام تشمل مئات الضباط ممن لم ترد أسماؤهم في العقوبات السابقة.
وكشف عبد الغني عن شروع الشبكة بتوثيق أسماء الشركات والأفراد الذين مازالوا يدعمون نظام الأسد، بهدف وضعهم على قوائم العقوبات الأميركية وفق قانون قيصر، فضلاً عن تسليط الضوء على دور الحكومات التي تحاول إعادة تأهيل الأسد، كالجزائر التي تلعب دوراً في عودة النظام إلى الجامعة العربية.
تسهيل عمل منظمات المجتمع المدني
يقول "غانم" تواجه معظم المنظمات السورية صعوبة في الحصول على خدمات مصرفية، خصوصاً في تحويل الأموال إلى الأردن وتركيا ولبنان، بسبب خوف البنوك الأميركية من العقوبات، لكن الجالية السورية تطرقت إلى هذه المشكلة خلال نقاشها مع النواب وتم إدراج فقرة كاملة في قانون قيصر عن ذلك.
في المادة 305 طالب القانون الرئيس بوضع استراتيجية لتسهيل قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى الخدمات المالية، بهدف تسليم المساعدة في الوقت المناسب وبشكل آمن إلى المجتمعات السورية المحتاجة. كما حث القانون الرئيس على اعتماد بيانات المنظمات العاملة في سوريا عند وضع الاستراتيجية.
اقرأ أيضا.. قانون قيصر.. من مسالخ النظام إلى مجلس الشيوخ الأميركي
رفع العقوبات
يرى "غانم" أن هذا الجزء الأهم في القانون، بسبب الشروط التي وضعت لرفع العقوبات، حيث استشار النواب منظمات سورية عند كتابة المسودة الأولى وتم إدراج رأي السوريين بشكل شبه كامل في المادة 401، وأهم الشروط التي وردت فيها:
-توقف النظام وروسيا عن استخدام سماء سوريا لاستهداف المدنيين بالأسلحة الحارقة، بما في ذلك البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والأسلحة التقليدي.
- الإفراج عن جميع السجناء السياسيين المحتجزين قسراً في سجون بشار الأسد، والسماح بالوصول الكامل إلى نفس المرافق لإجراء التحقيقات من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية.
- توقف قوات الأسد وروسيا وإيران وأي كيان أجنبي عن استهداف المرافق الطبية والمدارس والمناطق السكنية وأماكن التجمع السكاني، بما في ذلك الأسواق.
-سماح النظام بالعودة الآمنة والطوعية والكريمة للسوريين النازحين بسبب الحرب.
-اتخاذ حكومة الأسد خطوات يمكن التحقق منها لإرساء مساءلة -ذات مغزى- لمرتكبي جرائم الحرب في سوريا وإرساء العدالة لضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها النظام.