icon
التغطية الحية

اشتباكات مسلّحة لليوم الخامس على التوالي في مدينة جاسم.. القصة كاملة

2024.07.12 | 18:22 دمشق

درعا
مقاتلون من الفصائل المعارضة في درعا ـ 2018، أرشيف ـ AFP
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

يتواصل الفلتان الأمني لليوم الخامس على التوالي في مدينة جاسم شمالي درعا، عقب اندلاع مواجهات مسلّحة بين مجموعتين محلّيتين أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى بينهم مدنيّون.
وتدور الاشتباكات بين مجموعة حسام الحلقي الملقب بـ (البوجي) التي تتمركز في الحي الغربي من مدينة جاسم، ومجموعة وائل الجلم الملقب بـ (الغبيني) التي تتمركز في الحي الجنوبي للمدينة، ويعد كافة عناصر المجموعتين من العناصر السابقين في فصائل المعارضة.
الاشتباكات اندلعت بعد قيام مجموعة "الجلم" بتنفيذ عملية اغتيال يوم الأحد الماضي 7 من تموز، أسفرت عن مقتل القيادي عبدالله إسماعيل الحلقي، المعروف محلياً بـ (أبو عاصم الحلقي) وإصابة شقيقه زكريا بجروح نقل على إثرها إلى المشفى.
ويستخدم عناصر المجموعتين في الاشتباكات أسلحة خفيفة ومتوسطة، من بينها أسلحة رشاشة وقذائف صاروخية من نوع RPG وقذائف من نوع هاون ومضادات مثبتة على سيارات.
وسقط إثر الاشتباكات 4 قتلى بينهم 3 مدنيين من جراء الاشتباكات التي تحصل بين منازل المدنيين منذ خمسة أيّام، وسط حركة نزوح للعديد من العائلات من الحيين الغربي والجنوبي باتجاه الأحياء الشرقية والشمالية والقرى المجاورة لمدينة جاسم.
وفي ظل الاشتباكات الدامية التي تحصل في مدينة جاسم، يواصل مدنيّون في المدينة إطلاق مناشداتهم ودعواتهم المتكررة لفصائل محلية في محافظة درعا للتدخل الفوري وإجبار الطرفين المتنازعين على فض النزاع ووقف الاقتتال الجاري ووضع حد للمجموعات التي تنفذ عمليات اغتيال في المدينة.

أحد وجهاء مدينة جاسم، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، قال لموقع تلفزيون سوريا إن أهالي وسكان المدينة ناشدوا كلاً من اللجان المركزية واللواء الثامن للتدخل الفوري كقوات فصل بين الطرفين المتقاتلين في مدينة جاسم، لكن لم تصل أي جهة عسكرية من تلك الفصائل حتى الآن وسط حالة من الاستنكار لعدم تدخل تلك الفصائل واستجابتها للنداءات التي يطلقها أهالي جاسم منذ خمسة أيام.
وأضاف أن هناك محاولات من قبل وجهاء مدينة إنخل للتهدئة بين طرفي الاقتتال، مشيراً إلى أن وجهاء إنخل دخلوا مرّتين إلى مدينة جاسم واجتمعوا مع وجهاء من العشيرتين لتبوء المحاولتان بالفشل دون التوصل لحل يرضي الطرفين.
وبحسب المصدر فإن مجموعة الحلقي تُصر على تسليم ثلاثة أشخاص وهم توفيق الجلم ووائل الجلم وجهاد الجلم لعشيرة الحلقي في مدينة جاسم والقصاص منهم على تنفيذ عملية اغتيال القيادي المحلي عبدالله الحلقي وتسببهم باندلاع اشتباكات أسفرت عن وقوع قتلى.
"يطالب كل طرف الآخر بتسليم أشخاص متهمين بتنفيذ عمليات اغتيال، حيث يقف هذا المطلب حجر عثرة أمام التوصّل إلى حل يرضي الطرفين وينهي حالة الصدام المسلّح بينهما" وفقاً لموقع تجمع أحرار حوران المحلي.
وتسببت الاشتباكات بين الطرفين المتنازعين بحالة من الشلل التام في حركة أهالي المدينة، كما يعاني بعض الأهالي في الحي الغربي لجاسم من عدم وصول مياه الشرب وعدم إمكانية وصول صهاريج المياه خوفاً من الاشتباكات المتواصلة.
وتتزامن الاشتباكات مع حظر للتجوال في الحيين الغربي والجنوبي، إضافة لاستنفار متواصل للمقاتلين المحليين في الحيين.

محاولات جديد للتهدئة

على الرغم من فشل جميع المحاولات السابقة للتهدئة وفضّ الاشتباكات في مدينة جاسم التي تزداد حدتها من وقت لآخر، إلّا أن أهالي ووجهاء من إنخل وجاسم اجتمعوا يوم أمس الخميس في أحد مساجد مدينة جاسم، وناشدوا أهالي حوران والجولان بالقدوم إلى مدينة جاسم ووقف حمام الدم الجاري في المدينة.
ومنذ ظهر اليوم الجمعة، تصل وفود من مختلف مناطق محافظة درعا إلى مدينة إنخل للتوجه إلى مدينة جاسم وحث الطرفين المتنازعين على إنهاء حالة الاشتباك المستمرة منذ خمسة أيام.

مصدر محلي من جاسم أفاد لموقع تلفزيون سوريا بأن تلك الوفود ستجتمع مع وجهاء من عشيرة الحلقي في مسجد عمر بن الخطاب في الحي الغربي لمدينة جاسم، ثم ستنتقل إلى الحي الجنوبي وتجتمع هناك مع قيادات ووجهاء من عشيرة الجلم.

خلافات متكررة بين مجموعات جاسم

ولا تعد تلك الاشتباكات الأولى من نوعها بين مجموعتي الحلقي والجلم في مدينة جاسم، إذ سبق لها أن اشتبكت أكثر من مرة، كان آخرها في نيسان الفائت، وأدت لمقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، استخدمت حينها مجموعة الجلم مضادات أرضية وقذائف من نوع هاون.
وعمل كل من الطرفين ضمن تكتل عسكري واحد عقب سيطرة النظام السوري على محافظة درعا في تموز 2018، إلا أن خلافات نشبت قبل نحو عامين بين قيادات المجموعتين وأبرزهم القيادي توفيق الجلم، المعروف محلياً بـ "توفيق الحجّي" والقيادي وائل الجلم، المعروف محلياً بـ "وائل الغبيني" من جهة، والقيادي عبدالله الحلقي، الملقب بـ "أبو عاصم" والقيادي حسام الحلقي، الملقب بـ "البوجي" من جهة أخرى.

وبرزت تلك الخلافات بشكل جلي عقب إنهاء وجود مجموعات مرتبطة بتنظيم الدولة "داعش" ومقتل زعيم التنظيم في مدينة جاسم في تشرين الأول 2022، إذ تحدّث البعض عن احتكار مجموعات لطرق التهريب، وعزا البعض الآخر تلك الخلافات لتقاسم عوائد مالية حصل عليها القيادات من تنظيم "داعش".
وفي الوقت ذاته، يحاول ضباط الأجهزة الأمنية التابعة للنظام إحداث اقتتال عشائري في محافظة درعا عن طريق تنفيذ عمليات الاغتيال وتحريض كل طرف ضد الآخر بشكل غير مباشر، الأمر الذي يستفيد منه النظام في إشغال تلك المجموعات ببعضها البعض وتصفية قياداتها وضرب النسيج الاجتماعي في المنطقة.
وبدأ كل طرف يتهم الآخر بتنفيذ عمليات اغتيال بحق أفراد من عناصره وقياداته، إذ تعرض كل من توفيق الجلم ووائل الجلم (الغبيني) لمحاولتي اغتيال بشكل متفرّق في العامين الماضيين، إحداها أسفرت عن مقتل شقيق زوجة الغبيني، الشاب "خالد محمد جمال الجلم" (19 عاما) الذي كان برفقته في 12 شباط 2023، كان المتهم بإعطاء الأوامر لتنفيذ تلك العمليات القيادي عبدالله الحلقي.
وفي المقابل اتُهم "الغبيني" في وقت سابق بالعمل مع قيادات من تنظيم الدولة "داعش" من خلال تسجيل صوتي جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يُبلغ فيه الغبيني أحد الأشخاص - من تنظيم الدولة - عن الأشخاص الموجودين في منزل القيادي المحلي "كنان طالب العيد" ويحدد الأسلحة التي يحملونها، ويلمح إلى أنه الوقت المناسب للدخول إلى منزل العيد وتنفيذ عملية الاغتيال.
وقتل حينذاك القيادي في فصيل "ألوية قاسيون" التابعة للمعارضة سابقًا، كنان العيد، في 3 تموز 2022، بعد يومين من عودته من دولة الإمارات وحضوره اجتماعًا ضم عدد من قادة الفصائل السابقين في المعارضة هناك.
وقال أحد أهالي مدينة جاسم لموقع "تلفزيون سوريا"، رافضًا الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن القيادي كنان العيد كان على ارتباط مع رئيس فرع الأمن العسكري، لؤي العلي، وكان "العيد" يُجهّز لإطلاق حملة أمنية تستهدف قادة التنظيم في مدينة جاسم قبيل مقتله بساعات.

التنظيم يُسرّب تسجيل "الغبيني"

مصادر خاصّة لموقع "تلفزيون سوريا" أكدت أن وسائل إعلام تابعة لتنظيم الدولة "داعش" سرّبت تسجيل "الغبيني" بعد خلاف حصل بين الأخير وقادة التنظيم أدى لقيام المجموعات المحلية في مدينة جاسم بإطلاق حملة أمنية بحثاً عن قادة التنظيم، استهدفت عشرات المنازل في شهر تشرين الأول 2022.
وقتل حينذاك العشرات من قادة وعناصر التنظيم باشتباكات استمرت لـ 15 يومًا، وكان من أبرز القتلى زعيم التنظيم "عبدالرحمن العراقي" الملقب (سيف بغداد) الذي كان يعرف بلقب "أبو الحسن الهاشمي القرشي"، فضلاً عن اعتقال عدد من العناصر لم يُكشف عن عددهم.
اقرأ أيضًا.. القصة الكاملة لمقتل قائد "داعش" في درعا.. وثائق تكشف الهيكلية والمهام

وسائل الإعلام التابعة لتنظيم الدولة اتهمت وائل الغبيني وقادة المجموعات المحلية في مدينة جاسم أنهم أطلقوا الحملة الأمنية بدعم من أجهزة النظام الأمنية، وخاصة من رئيس فرع الأمن العسكري، العميد لؤي العلي.