يدخل تلفزيون سوريا اليوم الأربعاء عامه الرابع معلناً انتهاء 3 أعوام من التأسيس، والانتقال إلى حالة المؤسسة الصحفية متكاملة الأركان بحزمة جديدة من البرامج المتنوعة والشاملة.
بدأ تلفزيون سوريا بثه في الثالث من آذار عام 2018، بكوادر شابة خرجت من رحم الثورة السورية ودافعت عن قيمها لجهة تعزيز مبادئ المدنية والمواطنة في سوريا الجديدة، وترفض التسلط والديكتاتورية، ومع مرور السنوات الثلاث أسس التلفزيون عبر منصاته المتنوعة أرضية شعبية أخذت بالتوسع، حتى بات في فترة زمنية قصيرة نسبياً الوجهة الأولى للسوريين الباحثين عن الخبر السوري وتفاصيله.
تركزت أبرز تغطيات تلفزيون سوريا في شمال غربي سوريا وكان مراسلوه والصحفيون المتعاونون معه من السباقين دوماً إلى مواقع الحدث في تغطية الأحداث العسكرية والميدانية. كان للجانب الإنساني بحكم الأزمة المهولة، النصيب الأبرز من تغطيات التلفزيون، فقد حازت القصص التي صورها المراسلون والمتعاونون وأنتجها قسم النيوميديا على مشاهدات عالية ووجهت الأنظار نحو معاناة السوريين. وكان لهذه التغطية الفريدة دور بارز في تحسّن حال الكثير ممن سلط تلفزيون سوريا الضوء على أوضاعهم.
ما سبق لا يعني أن تغطية تلفزيون سوريا اقتصرت على ذلك، بل كانت له بصمة كبيرة في تسليط الضوء على نجاحات أفراد المجتمع، فسرد قصصهم وشجع كل صاحب إبداع في مختلف مجالات الحياة الرياضية والفنية والأدبية وغيرها.
استعرضنا تجربة تلفزيون سوريا وعمله خلال السنوات الثلاث السابقة، عبر استطلاع آراء شريحة من السوريين في الداخل، وحولنا معرفة ما يأمله المشاهد رؤيته على شاشة تلفزيون سوريا.
للصحافة جانب إنساني
يقول مدير فريق الاستجابة الطارئة، العامل في المجال الإنساني في الشمال السوري "دلامة علي": مع انطلاق تلفزيون سوريا قبل ثلاثة أعوام تعرض التلفزيون لمعارضة في الداخل من قبل أشخاص ومجالس وسلطات محلية، وتوقعت أن ينتهي الأمر به بالإغلاق، وكنت من المتابعين له على منصاته على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ولامست التطور فيه، وكان لأعداد المتابعين الكبيرة ونسب المشاهدات العالية التي تحققها منصات التلفزيون الدور البارز في تسليط الضوء على الحالات الإنسانية، ودفع الناس لمساعدة أصحاب تلك الحالات، وبالنسبة لنا كفريق الاستجابة الطارئة يمكننا القول بأننا استجبنا لنصف الحالات الإنسانية التي عرضها تلفزيون سوريا وتقع في مناطق عملنا، أما النصف الآخر فكان غيرنا من الجهات الخيرية والإنسانية قد سبقنا إليها بالاستجابة وتقديم المساعدة".
يضيف علي: شهرة التلفزيون وفاعلية متعاونيه دفعتنا لفتح قناة تنسيق مباشرة مع المتعاونين ليقوموا بتزويدنا بالمعلومات المتعلقة بالحالات الإنسانية التي يسلطون الضوء عليها.
محمد العبد الله الصحفي الذي يعمل كمتعاون مع تلفزيون سوريا في مخيمات ريف إدلب الشمالي، يقول: من خلال عملي وجدت بأن تلفزيون سوريا كان المنصة الأبرز لإيصال صوت الناس وتحسين أوضاعهم بشكل عام، ولم يقتصر دوره على السوريين بل كان له دور في مساعدة أشخاص آخرين كالنازحين العراقيين الذين فقدوا عائلاتهم واستطعنا عبر تلفزيون سوريا أن نجمعهم بعائلاتهم ونعيدهم لبلدهم وخاصة ما حدث مع الطفلين العراقيين عباس وهوغر".
واعتبر "عبد السلام اليوسف" مدير مخيم أهل التح شمالي إدلب أن تلفزيون سوريا كان من أبرز وسائل الإعلام التي ساهمت في تغطية معاناتهم، وأن التلفزيون كان الوسيلة الإعلامية الأولى التي تدخل مخيمه، واستطاع عبر شاشة تلفزيون سوريا أن ينقل محنة ساكني المخيم ومناشداتهم للمنظمات الإنسانية والجهات المعنية، لكن "اليوسف" طالب تلفزيون سوريا بمتابعة جوانب الحياة في مخيمات الشمال السوري ومستلزماتهم الخدمية والطبية والتعليمية، كما طالب بزيادة خبرات المتعاونين مع التلفزيون لترتفع سوية العمل وتصل الصورة للخارج بشكل أفضل.
المرأة نصف المجتمع لكنها لم تحظ بتغطية كافية
ولأن المرأة السورية كانت الحاضرة دوماً على شاشة تلفزيون سوريا فكان لا بد من أخذ رأيها والوقوف عند مطالبها، فالتقى موقع تلفزيون سوريا بعضو مكتب المرأة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ومسؤولة منظمة ورد البلد العاملة في الداخل السوري السيدة "فايزة الحمدو" والتي تعتبر أن نسبة اهتمام تلفزيون سوريا في شؤون الداخل السوري كان تركز على المخيمات ومآسيها والمشكلات التي يعاني منها سكانها بنسبة 80%، وأشادت السيدة "الحمدو" بتغطيات تلفزيون سوريا في الجانب الإنساني، لكنها اعتبرت تغطية التلفزيون لقضية المعتقلات والناجيات من الاعتقال كانت دون المستوى المطلوب ولا تتناسب مع حجم القضية، وهو ما تأمل أن يتحسن في الدورة البرامجية الجديدة المرتقبة.
تضيف السيدة "فايزة الحمدو": بالنسبة لتغطية قصص النجاح باعتقادي وكوني أعمل ضمن هذا البرنامج، فإن تلفزيون سوريا سلط الضوء عليها بشكل جيد وخاصة السيدات المعطاءات والمبدعات والناجحات في المجتمع، فشاركهُن النجاح من خلال عرض قصصهن لتكون ملهمة لبقية النساء.
ترى رهف وهي إحدى المعلمات في ريف إدلب أن تلفزيون سوريا جهد في تغطية ملف التعليم في الشمال السوري، ولكن المشكلات التي تضرب هذا القطاع وانقطاع الدعم عنه يجب أن يأخذ حيزاً أكبر في التغطية، ولا بد من دعم مطالب المعلمين المنقطعة عنهم الرواتب والذين يعملون بشكل تطوعي، ومناقشة هذه المطالب بشكل أوسع مع المعنيين وأصحاب القرار.
أما محمد العكل الطالب الجامعي في جامعة إدلب، فاعتبر أن تلفزيون سوريا ساهم في تغطية النشاطات الجامعية باختلاف أنواعها، وشجع على مواصلة التعليم عبر إبراز قصص نجاح فريدة كقصة الرجل الذي يواصل دراسته الجامعية وهو في عمر الـ 69، لكن محمد يعتبر أن تلفزيون سوريا لم يتناول كفاية المواضيع الجوهرية في حياة الطلبة السوريين والتي يعتبر أبرزها الاعتراف بالشهادات الجامعية ومناقشة هذا الأمر مع المسؤولين عنه، فضلاً عن مواضيع باتت ترهق الطلاب كالأقساط الجامعية المرتفعة ومشكلات السكن الطلابي والمواصلات.
وبالنسبة للجوانب الفنية والرياضية فيعتقد المتابعون بأن تلفزيون سوريا كان أبرز المنصات التي ساهمت في تنمية المواهب الفنية في الداخل السوري، فخصص للفنانين والناشئين حيزاً واسعاً للظهور أمام شاشته في مختلف مجالات الفن.
وعن الجانب الرياضي يرى نادر الأطرش رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم أن تلفزيون سوريا "كانت له أياد بيضاء على الرياضة في الداخل السوري، وكان رائداً في دعم وتغطية الرياضة السورية". ويضيف الأطرش: "أقمنا بطولتين لكرة القدم باسم تلفزيون سوريا، ورعى تلفزيون سوريا نادي النعمان الرياضي أحد نوادي الداخل السوري، ونستعد لإطلاق بطولة كأس سوريا والتي ستتزامن مع الانطلاقة الجديدة للتلفزيون في الأيام القليلة المقبلة".
وتحدث الأطرش عن آماله وآمال بقية الرياضيين في الداخل السوري بأن يرعى تلفزيون سوريا الأنشطة الرياضية بشكل أكبر وأن يقوم بنقل المباريات عبر شاشته وأن يفرد برنامجاً مختصاً في شؤون الرياضة السورية.
آراء عامة
أشار الناشط الإعلامي عبدالحميد حاج محمد إلى أن تلفزيون سوريا أثبت حضوره في تغطية الحدث السوري منذ الانطلاقة الأولى، وتمكن التلفزيون من كسب جمهور واسع خلال فترة قصيرة وقياسية، ووُجد في فترة افتقدت فيها الثورة السورية لإعلام مناصر ومؤيد لها، بعد قطع الدعم عن الوسائل الإعلامية الثورية وتحديد عملها، فكان تلفزيون سوريا البديل الأفضل، وكان الإعلام الحقيقي المناصر للسوريين وقضاياهم، كما قدم المواد الإعلامية والخبر للسوريين بعيداً عن أيدولوجيات الدول والداعمين. أما الناشط "حاج محمد" فيرى أن فجوة ما زالت موجودة بين التلفزيون وجمهوره في الداخل السوري.
وتحدث الناشط الإعلامي علي حاج سليمان، فأكد أن تلفزيون سوريا كان منصة السوريين الأولى التي تفردت بعرض قضيتهم، وكان لبرنامج "يا حرية" أثر كبير في الثورة السورية ككل عبر عرضه لقصص المعتقلين في سجون النظام السوري.
شمال شرقي سوريا.. غياب المراسلين مشكلة
في محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية حيث لا وجود لمراسلين لتلفزيون سوريا على الأرض، إلا أن تقارير تصله من هناك بشكل دوري؛ يحظى التلفزيون بمتابعة آخذة بالاتساع، وذلك عبر شاشته وعبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب ما قاله الناشط الاجتماعي فارس الذخيرة المقيم في المدينة.
وأضاف الذخيرة: لا يستطيع تلفزيون سوريا تغطية جوانب الحياة لأهالي شمال شرقي سوريا كونه لا يستطيع الحصول على التراخيص اللازمة للعمل في شمال شرقي سوريا، ويمتاز تلفزيون سوريا بالواقعية في أخباره وكذلك الحيادية المطلوبة قدر الإمكان ويعتبر الأقرب إلى السوريين مقارنة بغيره من وسائل الإعلام السورية".
ما أبرز مطالب الجمهور داخل سوريا؟
كثيرة هي مطالب الجمهور في الداخل السوري من تلفزيون سوريا وكانت جُلها تتعلق بإقامة البرامج المعنية بحياة السوريين في الداخل بشكل أكبر، وخاصة المتعلقة بالجوانب الخدمية، والتي تربط أصحاب المعاناة بالمعنيين بشكل حواري مباشر، وطالب الجمهور بدعم المبادرات الشبابية والمنظمات الناشئة إعلامياً.
كما كانت هناك مطالبات بتوثيق المعاناة التي مر بها السوريون تحت حكم الأسد الأب والابن، وخاصة في العقد الأخير، كي لا يتعرض تاريخ السوريين للتزوير أو التحريف.
وطالب عدد من النساء ممن التقاهنّ موقع تلفزيون سوريا في الداخل بإقامة برامج التوعية المستدامة المتعلقة بمشكلات النساء كزواج القاصرات ومحو الأمية والإرشاد والإنجاب وغيرها من البرامج والندوات التي تعتبر المرأة السورية بأمس الحاجة لها، وأن تكون هذه البرامج من النساء وإليهن.
مناطق سيطرة النظام.. عندما كذّب تلفزيون سوريا إعلام النظام
استطلع معاونون مع تلفزيون سوريا آراء عدد من السوريين في مناطق سيطرة النظام، التي شهدت العام المنصرم أزمة اقتصادية ضربت ارتداداتها المجتمع بأكمله، وأكد المشتركون بالاستطلاع السري أن تلفزيون سوريا كان الصوت الذي كذّب النظام وتصريحات مسؤوليه المتكررة بالوعود "الفارغة" لحل الأزمة الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة في مناطق سيطرته.
وأشار القسم الأكبر من المستطلع آراؤهم أنهم لم يكونوا من متابعي تلفزيون سوريا ومنصاته في السنوات الماضية، معتقدين أنه يركز في تغطياته على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وأنه لا يمتلك الوصول إليهم، إلا أن هذا الانطباع انقشع لاحقاً بعد أن تميز التلفزيون بتغطية مفصلة لواقع الحال سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً في مناطق سيطرة النظام.