يختلف مرسوم العفو الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد يوم 13 تشرين الثاني يختلف عن غيره من مراسيم العفو السابقة بتاريخ صدروه، وهو ذكرى انقلاب البعث "الحركة التصحيحة"، بحسب وصف تعبير مجموعة محامين لموقع تلفزيون سوريا.
وأضاف المحامون أن المرسوم إشارة لاستمرار النظام في النهج ذاته، وللتذكير بأمجاد عائلة الأسد الأب الذي كان يصدر مراسيم العفو في هذه المناسبات.
مرسوم العفو.. نسخة مكررة
أوضح محام (طلب عدم ذكر هويته كاملة)، أنَّ أغلب المحامين لا يقرؤون مرسوم العفو كونه نسخة سابقة عن 20 مرسوم عفو صدر منذ عام 2011 وحتى الآن. مضيفاً أن المرسوم الحالي والمراسيم السابقة لم تشمل الموقوفين في الفروع الأمنية والذين لم يتم تحويلهم بعد إلى السجون المدنية.
وأضاف المحامي الذي اكتفى بالتعريف عن تفسه بالاسم الأول (خليل)، أنَّ "المرسوم الحالي "فارغ المضمون"، كونه لا يشمل سياسيين معتقلين، وهو ما تحتاج إلى سوريا عبر إصدار مرسوم عفو حقيقي يسمح للناس واللاجئين بالعودة من دون مساءلة أو محاسبة أو خوف من الاعتقال". وتابع: "لسنا بحاجة لمرسوم يعفي المطلوبين من الخدمة الإلزامية والاحتياطية شرط تسليم أنفسهم"، قائلاً: يمكن لذلك أن يحدث عبر قرار إداري من وزارة الدفاع".
مرسوم يشمل مخالفات السير
وشدد محامٍ آخر على أنَّ المرسوم الحالي يشمل مخالفات السير مثلاً، وقضايا الناس المسجونة بذريعة دعاوى لا تستدعي الحبس كمخالفات دفع فواتير كهرباء ومياه وغيرها من المخالفات البسيطة. وهو بذلك وفَّر فرص عمل للمحامين وعبئا مالي لمن لديه شخص موقوف عبر توكيل محامي ليتم تشميله بمرسوم العفو.
وأكد أن هناك موقوفي جنايات لكنه لم يصدر حكم بحقهم حتى تاريخ صدور "مرسوم العفو" الذي يشملهم وهؤلاء تحتاج قضاياهم لمتابعة ومن ثم إجراء تشميل بالمرسوم كي يخرجوا إخلاء سبيل تحت محكمة.
استثناء جرائم من المرسوم ما الأسباب؟
وأشار إلى أنَّ المرسوم استثنى جملة من الجرائم منها -"التعامل بغير الليرة وهي كثيرة، وكذلك جرائم الصرافة والحوالات الخارجية والتموين ومخالفات البناء وقضايا الإرهاب والمخالفات المالية"- بهدف فتح الباب أمام خروج المتهم بتلك الجرائم عبر الرشوة والابتزاز المالي والسمسرة.
وأضاف أن أكثر المستفيدين من "مرسوم العفو" هم المتهمون بجرم ترك العمل، وهؤلاء يشملهم "العفو" وهم موظفون سابقون تركوا وظائفهم وخرجوا من سوريا بشكل غير قانوني نتيجة تمنَّع النظام عن إعطائهم موافقات أمنية لإنجاز استقالتهم بشكل قانوني.
وتوقع المحامون الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا ألا يشمل "العفو" عددا كبيرا من الموقوفين، نظراً لوجود عدد كبير ممن يشملهم خارج سوريا كحالات "جرم ترك العمل"، وكذلك لعدم شمول المرسوم السياسيين والمعتقلين في الفروع الأمنية وهم من يحتاجون للعفو كون سبب اعتقالهم سياسياً ولا يوجد جرم بالمعنى القانوني.
ورصد موقع تلفزيون سوريا حسب ما زعمت مواقع موالية للنظام الإفراج عن 500 موقوف في دمشق و300 في حلب و200 في حمص، وهؤلاء شملهم المرسوم بشكل كلي، وهناك من يشملهم بشكل جزئي لكنهم لم يخرجوا حتى اليوم نظراً لقيام العدليات بإعداد جداول بأسمائهم ودراسة أضابيرهم، وهم قلة حسب مصادر موقع تلفزيون سوريا.
وأصدر رئيس النظام بشار الأسد، يوم الخميس الفائت، "مرسوم عفو" عام عن "الجرائم" المُرتكبة قبل تاريخ 16 تشرين الثاني 2023، واضعاً شروطاً على "الفارين" للاستفادة منه، وحمل الرقم 36 لعام 2023، وتزامن صدوره مع إصدار "محكمة العدل الدولية" أولى قراراتها في إطار القضية المرفوعة ضد النظام السوري من قبل هولندا وكندا.
تزامن المرسوم مع مذكرة الاعتقال الفرنسية
وفي السياق ذاته، أصدرت فرنسا مذكرة اعتقال دولية بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد، المتهمَين بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، فيما يتعلق بالهجمات الكيميائية التي استهدفت غوطة دمشق الشرقية عام 2013.
وتعليقاً على ذلك، ختم المحامي خليل، حديثه لموقع تلفزيون سوريا "بأنَّ النظام يهدف من تزامن صدور مرسوم العفو بعد قرارات محكمة العدل الدولية إلى حرف انتباه سوريي الداخل عن تلك القرارات وإلهائهم بمرسوم العفو وبمكرماته"، مضيفاً، أن النظام سوق للمرسوم إعلامياً لإيصال رسالته للخارج أيضاً.