نشطت في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق، حالات الفلتان الأمني والاعتداء على الممتلكات الخاصة، وعمليات الخطف والابتزاز وطلب الفدية في ريف حمص الشمالي، وذلك في ظل تجاهل تام من قبل المفارز العسكرية والأمنية التابعة للنظام عن حفظ الأمن، وامتناعها عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها ضبط الحالة الأمنية وحماية سلامة الأهالي والحفاظ على الاستقرار.
وبحسب ضابط في مديرية منطقة الرستن التابعة للنظام طلب عدم ذكر اسمه: تجاوز عدد قضايا الخطف بدافع طلب الفدية ست حالات في نواحي وبلدات مديرية الرستن خلال السنة الجارية، وجميعها مسجل ضد مجهول، كما تم تسجيل أكثر من خمس عمليات نصب بمبالغ مالية ضخمة.
وأضاف: "يرد بلاغ واحد على الأقل يومياً عن حالة سرقة لمحال تجارية أو ورشات صناعية أو منازل".
وأشار إلى أن "الأهالي باتوا يمتنعون مؤخراً عن تسجيل شكوى لشرطة النظام في حال تعرضهم للتهديد أو السرقة وذلك بسبب فقدان الثقة، فضلاً عن الصعوبات الإدارية التي تواجههم والرُّشا التي يُجبرون على دفعها".
تنوع الجرائم في شمالي حمص
وتنوعت الجرائم التي تحدث شمالي حمص بين الاختطاف وطلب الفدية، التهديد والترويع، الاحتيال والنصب من خلال الدفع بالعملة المزورة، والابتزاز، ونهب محال تجارية، وقطع طرق بدافع سلب الممتلكات وسرقة (تشليح) سيارات ودراجات نارية.
"أبو حاتم" أحد وجهاء المنطقة قال لموقع تلفزيون سوريا: "لم نكن نشهد في السابق هذه الوتيرة المرتفعة للسرقات، ومع ذلك كنا نقول إن هذه نتيجة طبيعية للوضع الاقتصادي المتدهور الذي يسيطر على عموم البلاد، لكن اللافت حالياً أن السرقة تتم بشكل منظم، وبقوة السلاح، والجديد مؤخرا، تفشي جريمة الخطف بدافع طلب الفدية، وهو الأمر الذي لم تشهده المنطقة أبدا".
وأضاف: خلال سيطرة فصائل المعارضة وقبل دخول المنطقة "اتفاق التسوية" حرصت المحكمة "الشرعية" رغم الصعوبات التي كانت موجودة على تنفيذ حملات أمنية ضد الأفراد أو المجموعات التي حاولت المساس بسلامة الأهالي، أما حالياً نشاهد كيف يقوم بعض الأهالي بتسليم سارقين أو مجرمين للجهات الأمنية ليتم الإفراج عنهم بعد أيام قليلة.
وتوزعت حالات الخطف التي تم التبليغ عنها، وفقاً للنقيب في مديرية منطقة الرستن، على مزارع الرستن وبلدات الفرحانية الشرقية والزعفرانة والأحياء السكنية القريبة من بلدة الأشرفية، حيث يتم الإفراج عن المخطوفين بعد دفع مبالغ مالية حيث يستهدف الخاطفون التجار والمقتدرين مادياً.
العملة المزورة تغزو شمالي حمص
وإحدى هذه الحالات كانت عملية خطف لشاب منشق عن قوات النظام ومتوارٍ حيث هاجمته مجموعة مسلحة ترتدي ملابسَ مدنيةً خلال ساعات الليل بالقرب من منزله في مدينة تلبيسة، ليكتشف بعض الوجهاء بعد السؤال عنه أنه موقوف في فرع الأمن العسكري بدمشق.
كما تم تسجيل جرائم أخرى كعمليات نصب واحتيال بمبالغ مالية ضخمة، حيث باع أحد تجار المواشي أكثر من مئة رأس ماشية لشخص، ليكتشف أن المبالغ التي استلمها مزورة، وعندما تقدم بشكوى جرى اعتقاله بداعي أنه تعامل بالدولار الأميركي بدلا من الليرة السورية.
وسجل أيضاً حالة ثانية مع تاجر للمحاصيل الزراعية حيث باع عدة أطنان من زيت الزيتون واستلم المبلغ المتفق عليه بالليرة السورية إلا أنه اكتشف فيما بعد أنها مزورة، وعلى الرغم من ذلك رفض التقدم ببلاغ خوفاً من الملاحقة الأمنية، لأن المشتري كان يعمل لصالح متنفذين في النظام.
النظام يقف وراء الانفلات الأمني في ريف حمص
أحد الضباط المتقاعدين في ريف حمص طلب عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، قال للموقع: "يبدو أن النظام ينتهج هذا الأسلوب انتقاما من موقف أهالي المنطقة السياسي الذي يرفض وجود النظام في مناطقهم، وقد يرى النظام أن هذه الأفعال من شأنها دفع الناس إلى الرضوخ وطلب النجدة منه".
وشبّه أحد رجال الدين الموجودين شمالي حمص بما يجري جنوبي سوريا في درعا والسويداء حيث قال: "نحن نجزم أن جميع هذه الأفعال تجري بتدبير النظام ومعرفته، وأن هذا الأسلوب الذي يجري انتهاجه حاليا في منطقتنا التي وقفت طويلاً في وجهه ما هو إلا استنساخ لأسلوبه الذي يعتمده في درعا والسويداء".
الجدير ذكره أن اجتماعاً أمنياً عقد الشهر الماضي في بلدة تيرمعلة بطلب من فرع الأمن السياسي في حمص بين عدد من الضباط ووجهاء من المنطقة، حيث أكد الوجهاء الحاضرون للاجتماع أن ضباط الأمن تحدثوا طوال الجلسة عن النشاطات المعادية للنظام، كالعبارات التي تكتب على الجدران وتمزيق صور بشار الأسد في الطرقات وحالات الانشقاق من الجيش ورفض الالتحاق بالخدمتين الإلزامية والاحتياطية، ورفضوا التطرق إلى موضوع الانفلات الأمني، ليتبعه بعد أسبوع طلب من مديرية الأوقاف التابعة للنظام إلى خطباء المساجد بتحذير الأهالي من محاولة المساس بما سموه "هيبة الدولة" و"السيادة الوطنية".