تنامت التقارير الدولية التي تحذر من مخاطر "الشيخوخة" السكانية، وانخفاض نسب المواليد في عدد من الدول حول العالم، لاسيما في سوريا، التي تشهد منذ نحو 12 عاماً حرباً شنها النظام وحلفاؤه ضد قطاعات واسعة من الشعب، خلفت آلاف القتلى وملايين اللاجئين والمهجرين داخل البلاد وخارجها.
ويهدد تغيّر الخصائص الديمغرافية للدول قدرتها على البقاء، باعتبار أن اليد العاملة المتمثلة في شريحة الشباب والبالغين هي المحرك الرئيس لأي قطاع حيوي.
ومع تخطي عدد سكان العالم 8 مليارات شخص عام 2022، إلا أن الأرقام الصادرة عن عدد من مراكز الإحصاء، أشارت إلى أن قارتي آسيا وأوروبا شهدتا انخفاضاً ملحوظاً في عدد المواليد خلال العام الماضي.
وفيات بالآلاف وتراجع معدل الولادات
وتشهد سوريا انخفاضاً في عدد سكانها على خلفية الحرب وفرار ملايين اللاجئين إلى البلدان المجاورة، بحسب تقارير أممية.
وقدّر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في تقريره المنشور نهاية حزيران 2022، عدد القتلى المدنيين في سوريا بـ306 آلاف و887 إنساناً، وهذا التقدير الأعلى لوفيات المدنيين نتيجة الحرب في سوريا حتى الآن.
وحدد التقرير فترة مقتل هؤلاء المدنيين، بين 1 آذار 2011، و31 آذار 2021، وهي حصيلة لا تشمل أولئك المدنيين الذين لقوا حتفهم بسبب نقص الرعاية الصحية أو الغذاء والمياه النظيفة، وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية.
وأكد التقرير أن عدد القتلى في سوريا يشير إلى الحد الأدنى الذي يمكن التحقق منه، وهو بالتأكيد أقل من العدد الفعلي للقتلى.
ونهاية كانون الثاني الماضي، كشف رئيس جمعية "المولدين النسائيين" والأستاذ في كلية الطب البشري بجامعة دمشق مروان الحلبي عن تراجع أعداد الولادات في مناطق سيطرة النظام السوري إلى النصف بسبب الظروف الاقتصادية السيئة وارتفاع التكاليف.
وقال الحلبي لموقع (أثر برس) المقرب من النظام السوري، إن "نسبة الولادات كانت قبل عام 2010 تصل إلى 550 ألف ولادة سنوياً، وهي آخر إحصائية أجرتها الجمعية". مضيفاً أن "عدد الولادات يتناقص إلى النصف بسبب الظروف الحالية".
شيخوخة سكانية أوروبية
كذلك، تشير تقارير صندوق النقد الدولي لعديد من الاقتصادات المتقدمة، بما فيها ألمانيا، إلى أن الشيخوخة تمثل عامل قلق لتقدم هذه الاقتصادات، بسبب انخفاض العمالة الفتية وارتفاع الإنفاق على الرعاية الصحية وأجور المتقاعدين.
وكشف تقرير صادر عن مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات" (تابع للمفوضية) في تموز الماضي، انخفاضا جديدا في عدد سكان دول الاتحاد الأوروبي في عام 2021، بعد أول انخفاض في النمو السكاني عام 2020 بسبب تأثير جائحة كورونا.
وأرجع التقرير السبب إلى "التغير السلبي" في النمو السكاني والناتج عن ارتفاع عدد الوفيات مقارنة بأعداد المواليد.
وذكر أن عدد سكان دول الاتحاد لم يزد على مدار نحو 62 عاماً سوى بمقدار 92.3 مليون شخص، حيث ارتفع من 354.5 مليون في عام 1960 إلى 446.8 مليون في 1 كانون الثاني 2022.
واعتبرت تقارير أن السبب المشترك في تراجع نمو السكان في أوروبا هو "انخفاض معدلات الخصوبة" وهو ما يعني أن النساء ينجبن عدداً أقل من الأطفال في المتوسط، عن ذي قبل.
ويضاف إلى هذه الظاهرة، موجة النزوح الجماعي الضخمة التي اجتاحت بولندا ورومانيا واليونان، حيث يغادر عدد أكبر من الناس للذهاب والعيش خارج بلدانهم.
قرن بلا مواليد
وفي كانون الثاني المنصرم، كشفت الصين عن انخفاض عدد مواليدها خلال عام 2021، إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 1978 على الأقل.
وبلغ معدل الولادة في أكثر دول العالم تعداداً للسكان 7.52 ولادات لكل ألف شخص عام 2021، وفقا للمكتب الوطني للإحصاء، فيما بلغ 8.52 في عام 2020.
وتوقع تقرير الأمم المتحدة "التوقعات السكانية في العالم: 2022" أن تفقد الصين نحو نصف سكانها بحلول عام 2100، لتنخفض من أكثر من 1.4 مليار إلى 771 مليون نسمة.
ووفقا لتوقعات الأمم المتحدة، فإن عدد الصينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً سينخفض بنسبة أكثر من 60 في المئة هذا القرن.
كما أشار التقرير ذاته إلى أن 4 دول من بين الدول العشر التي تضم أكبر عدد من السكان سيكون لديها عدد أقل بحلول نهاية القرن مما هي عليه الآن، وهي الصين، والبرازيل، وروسيا، والمكسيك.
وتشهد اليابان أيضاً انخفاضاً في نموها السكاني، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى معدل الخصوبة المنخفض، والبالغ 1.3 طفل لكل امرأة، وفقدت اليابان أكثر من 3 ملايين شخص بين عامي 2011 و2021.