أدى ارتفاع أسعار الألبسة الجديدة بشكل متضاعف في أسواق العاصمة دمشق، إلى تزايد الإقبال على إصلاح الملابس القديمة وترقيعها لدى الخياطين، في ظل تدني القدرة الشرائية لدى المواطنين.
تقول سيدة تعمل في مجال الخياطة بدمشق لموقع (أثر برس) المقرب من النظام، إن "مهنة الخياطة ضمن الظروف الراهنة ازدهرت من جانب واحد وهو (تصليح وترقيع الملابس)". مشيرةً إلى ازدياد أعداد الخياطين في العديد من المناطق والأحياء الشعبية.
وتضيف أن "الناس جميعهم كانوا يتوقعون انقراض هذه المهنة خلال السنوات المقبلة، لكن خلال الذي حصل هو زيادة إقبال الزبائن على إصلاح ملابسهم القديمة بعد ارتفاع أسعار الملابس الجديدة أضعافاً؛ فأصبحت الأولويات تأمين الطعام والشراب والأدوية".
وتحاول السيدة الخمسينية إخفاء عيوب الملابس القديمة باحترافية، لتجنب من سيرتديها أي حرج، لذلك تحاول أن تبتكر أفكاراً جديدة من خلال وضع لمساتها السحرية على أي قطعة ملابس تقع بين يديها. وترى أن العمل في إصلاح الملابس يحتاج إلى نوع من التركيز والذوق أيضاً؛ فهي عبارة عن إعادة تدوير قطعة قديمة بالية لتكون قطعة جديدة مختلفة.
وفي خطوات سريعة، تسعى السيدة منيرة التي تعمل في مجال الخياطة، لإنجاز عملها قبل انقطاع الكهرباء الذي يصل إلى ست ساعات يومياً، وإلا فإن أكوام الملابس ستحاصرها وستضطر للسهر ساعات طويلة بهدف إنهاء عملها وتسليم الملابـس لزبائنها.
الراتب لا يكفي لشراء ملابس المدرسة للأطفال
ويقول السيد مخلص الذي يبلغ من العمر 48 عاماً، خلال انتظاره تصليح بنطال طفله المدرسي، إن "الوضع الاقتصادي لا يسمح لنا بشراء كل ما نحتاج إليه؛ فالسوري أصبح يضع تأمين أولويات المعيشة نصب عينيه، ويستغني عن الكماليات".
ويشير مخلص الذي يعمل موظفاً في إحدى الوزارات التابعة لحكومة النظام السوري إلى أن "راتبه لا يكفي إلا لإيجار منزله، ولا يستطيع شراء ملابس جديدة لأطفاله كلما تمزقت القديمة، فيضطر لإصلاحها مقابل مبلغ زهيد من المال".
ويضيف: "كنت أشتري ملابس جديدة لأطفالي في جميع المواسم (الصيف والشتاء والأعياد وغيرها)، لكن الظروف تغيرت ودخلي لا يتجاوز 100 ألف ليرة؛ لذلك علينا أن نتدبر أمورنا لعل الأمور تصبح أفضل في المستقبل".
ارتفاع أسعار الألبسة
وتشهد أسواق دمشق ارتفاعاً كبيراً بأسعار الألبسة رغم أن معظم البضائع المعروضة ذات منشأ محلي، في حين اعتبر رئيس القطاع النسيجي مهند دعدوش أن "سبب ارتفاع أسعار الألبسة يعود إلى ارتفاع جميع مستلزمات إنتاجها من المازوت الصناعي واليد العاملة والضرائب".
وأضاف أن "المعامل والمنشآت تعاني من انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي، وبالتالي تلجأ إلى الطاقة البديلة عبر المولدات، ما يرفع تكاليف الإنتاج مباشرةً، كما أن ارتفاع أسعار المواد الأولية المحلي منها والمستورد الناتج عن ارتفاع سعر الصرف انعكس على أسعار الملابس الجاهزة".
وتشهد أسواق الألبسة في سوريا ركوداً هو الأكبر خلال السنوات الماضية، وفقاً لأصحاب محال الألبسة في الأسواق الشهيرة بدمشق مثل "الصالحية والشعلان والحمرا"، حيث انخفضت المبيعات أكثر من 90 في المئة عن العام الماضي، علماً أن العام الماضي انخفض المبيع بين 70 و80 في المئة عن الذي سبقه، وقياساً بذلك، تعتبر الحركة هذا العام شبه معدومة.