بهدف تعزيز قدرات النظام الصحي في شمال سوريا أعلنت مديرية صحة إدلب بالتعاون مع الرابطة الطبية للمغتربين السوريين "سيما" وبدعم من الهلال الأحمر القطري، عن منحة دراسية مجانية في مساق ماجستير "الصحة العامة والسياسات الصحية" مدعومة من صندوق قطر للتنمية (مبادرة كويست) لعشرين شخصاً من كوادر القطاع الصحي الإنساني العاملين في الشمال السوري وجنوبي تركيا، في جامعة أنقرة يلدرم بيازيد التركية.
أهمية البرنامج وميزاته
يعدّ البرنامج الأول من نوعه لكونه مقدماً لكوادر تعمل في الداخل السوري، نصفهم مقيم في الداخل كلياً والنصف الآخر في الولايات التركية الحدودية مع سوريا ويعملون مع الداخل السوري.
ويهدف البرنامج إلى رفد القطاع الصحي بكادر مؤهل أكاديمياً ومهنيا ليكون أفراده قادرين على المساهمة الفعالة في التعافي المبكر للنظام الصحي بسوريا، ولعب دور ريادي وقيادي في استقرار النظام الصحي وتطويره في المرحلة القادمة.
حيث من المفترض مشاركة تلك الكوادر في هيكلة وبناء النظام الصحي، والاستفادة القصوى من التمويل والموارد لتحقيق الفعالية، بالإضافة لرسم الخطط الصحية للاستجابة وتحقيق الجودة في الرعاية الصحية، وإجراء الأبحاث في هذا المجال.
وقال منسق قسم التعليم والتدريب الطبي في الرابطة الطبية "سيما" الدكتور محمد حسان لموقع تلفزيون سوريا إن كثيرا من الكوادر تهاجر إلى الخارج لعدم توفر فرص بناء قدرات حقيقية وأكاديمية ومعترف بها، فالذي قمنا به هو جلب هذه الفرص وتقديمها لتلك الكوادر بأفضل شكل وأقل جهد.
وأضاف حسان أن ما يميز هذا البرنامج هو أن هذه الكوادر ستبقى في عملها بشكل متواصل، بحيث نتفادى مشكلة استنزاف الكوادر، ونحافظ على تماس المقبولين المباشر مع المحتاجين.
وستحضر هذه الكوادر في جامعة يلدرم بيازيد في أنقرة لمدة أربعة أيام شهرياً فقط، وستكون باقي الدروس عن بعد (أون لاين) ضمن نظام التعليم المدمج، وسيعاين المشرفون على الطلاب الواقع الصحي في شمال غربي سوريا على أرض الواقع.
معايير القبول في البرنامج
أُعلن عن المنحة في العاشر من حزيران الفائت في بيان رسمي يتضمن رابط تقديم نشر على معرفات مديرية صحة إدلب والهلال الأحمر القطري ومنظمة سيما، وانطبقت الشروط الخاصة بالمنحة على 155 طبيباً، وبدأت مراحل القبول، التي وصفها الأطباء والقائمون على المنحة بالصعبة جداً، وخاصة امتحان اللغة الإنجليزية والذي فشل كثيرٌ من المتقدمين باجتيازه.
كما تم تقييم شهادات الخبرة وعلامات البكالوريوس وشهادات التدريب، ثم تلتها مرحلة المقابلات والتي التقى بها المتقدمون مع أساتذة جامعيين من جامعات عالمية عريقة، وبناءً عليها تم التأكد من مدى قدرة المتقدمين للمنحة على إحداث تغيير نحو الأفضل في الواقع الصحي بعد تخرجهم، وهكذا تم انتقاء الأفضل منهم، وانتهت باختيار الـ 20 طبيباً المقبولين في البرنامج.
دراسة البرنامج مجانية بالكامل، وسيتم تقديم مبلغ شهري للمقبولين لتغطية مصاريفهم، وتبدأ في تشرين الأول من العام الحالي ولمدة سنتين، تتضمن أربعة فصول دراسية.
المنهاج الدراسي
وتم اعتماد اللغة الإنجليزية لغة رسمية لدراسة البرنامج، وذلك كاستثناء في الجامعة التركية التي تعتبر من الجامعات التركية العريقة وتضم نحو 20 ألف طالب، وكان هذا البرنامج أول تعاون بينها وبين الجانب السوري، وسيكون مقدمة لتعاون مستقبلي، بحسب القائمين على البرنامج.
ويتكون البرنامج من أربعة فصول دراسية، ففي السنة الأولى هناك 5 مواد دراسية في كل فصل، تتطرق لدراسة الأمراض الوبائية والأمراض المعدية والمزمنة وطريقة التعامل معها على مستوى النظام الصحي، وحماية المجتمع من أضرارها، بالإضافة لدراسة صحة الأم والطفل من منظور الصحة العامة، وتعزيز الدور الوقائي للمساهمة في تخفيض الأمراض والوفيات في الشمال السوري للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.
ويهدف البرنامج إلى تعليم الطلاب الجانب النظري والعملي للسياسات الصحية وكيفية تطبيقها خلال الأزمات الإنسانية، وأخيراً سيتعلم الطلاب طرائق البحث العلمي في مجال الصحة العامة والسياسات الصحية والتي تهدف لإخراج كادر سوري قادر على بناء لبنة البحث العلمي في المجال الصحي في الشمال السوري وتوثيق التجارب والخبرات الإنسانية بالطريقة المعتمدة عالمياً.
أهداف وآمال المقبولين في المنحة
قال واصل الجرك هو أحد الأطباء المقبولين في المنحة، لموقع تلفزيون سوريا: إن ما دفعني للتقدم لهذه المنحة هو رغبتي بتطوير معارفي ومهاراتي في المجال الذي أعمل فيه منذ أعوام، وحاجة القطاع الصحي في شمال غربي سوريا لأسس علمية صحيحة يبنى عليها.
ويضيف الجرك أنه وزملاءه المقبولين في المنحة يمكنهم بعد انتهاء دراستها المشاركة في إعادة رسم وبناء وهيكلة القطاع الصحي في شمال غربي سوريا.
بالإضافة لقدرتهم على التخطيط الاستراتيجي لتقديم الخدمات الصحية بالطرق المثلى، والتخطيط للاستجابة الصحيحة في جميع المجالات، وتحقيق الاستفادة القصوى من الدعم المقدم للقطاع الصحي، وإجراء الأبحاث والدراسات المتعلقة بالواقع الصحي، وربطه بمختلف القطاعات الأخرى وذلك لتحقيق الجودة المنشودة.
وتعدّ هذه المنحة واحدة من مشاريع زيادة الاستقرار والاعتماد على خبرات محلية لتنفيذ مشاريع توائم الحالة السورية، دون الحاجة لتطبيق برامج طبقت في دول أخرى على يد خبراء غير سوريين قد لا تعطي النتيجة المطلوبة بالنسبة للمجتمع السوري.
وتضاف هذه الخطوة إلى خطوات الانفتاح الأكاديمي الذي يشهده الشمال السوري على مختلف الجوانب، كافتتاح فروع في الشمال السوري لجامعة غازي عينتاب التركية، ودخول جامعة إدلب في اتحاد جامعات البحر المتوسط، وإيفادها بعثات لدراسة التخصصات العليا في الجامعات التركية، وبناء أكاديمية للعلوم الصحية بالشراكة ما بين منظمة سيما السورية والهلال الأحمر التركي.