عندما يتجول الملياردير السوري الأميركي سركيس عبد الحي في جزيرة اللؤلؤة في الدوحة، والتي تعد من الوجهات المفضلة للأغنياء، لا يظهر عليه أي من مظاهر الترف أبداً، إذ يخرج كل يوم مرتدياً نعالاً وسروالاً قصيراً وقميص منتخب الأرجنتين، ليرحب بضيوفه في مكان إقامته الفاخر، ثم يقوم بإعداد القهوة بنفسه، تماماً كما اعتاد أن يصنعها في وطنه القديم في سوريا.
بهذه المقدمة، بدأت صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج" الألمانية، المقابلة التي أجرتها مع سركيس عبد الحي، الذي يزور قطر حالياً لمشاهدة مباريات كأس العالم مع أصدقائه، والذي وصفته الصحيفة بأنه "إمبراطور في مجال محلات بيع المواد الغذائية المرخص لها ببيع المشروبات الكحولية" في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
وتشير الصحيفة إلى أن سركيس عبد الحي ليس من النوع الذي يبقي ثروته التي جمعها في كاليفورنيا سرية، فهو "أحد آباء إمبراطورية المتاجر التي تدر مليارات الدولارات، كما أنه لا يتردد في إخبار ما تكلفه المغامرة والترفيه هنا في قطر مع أصدقائه: "إجازتي في قطر لمتابعة كأس العالم ستكلفني على الأقل 120 ألف دولار هذا لا شيء".
وتضيف الصحيفة أن سركيس يتحدث بهذا دون أن يبدو مغروراً، يبدو الأمر عادياً كما لو كان يتحدث عن رحلة بسيطة في نهاية الأسبوع، لقد قرر مع أصدقائه الذهاب إلى قطر وشراء التذاكر، وقد حصل على تذاكر الجولة الأولى، لكنه قرر فيما بعد تمديد الإجازة وحضور جميع المباريات بما في ذلك النهائية.
قصة سينمائية
"إنها تشبه إلى حد ما نزهة عائلية"، يقول نجل سركيس والذي جاء مع اثنين من أصدقاء ووالده لحضور مباريات المونديال. جميعهم يعيشون في منطقة واحدة في الولايات المتحدة، وجميعهم ينحدرون من قرية فيروزة بالقرب من مدينة حمص وسط سوريا.
وتضيف الصحيفة: إذا جرى تحويل قصة عائلة سركيس إلى عمل سينمائي، فستكون من أفلام المخرج مارتن سكورسيزي، وسيقوم بدور والدي الممثل روبرت دي نيرو".
وتتابع: "من الممكن أن يروي الفيلم كيف نقلت عائلة سيركيس بلدته فيروزة بريف حمص إلى جنوبي كاليفورنيا، كما لو كانت هذه الحكاية السورية هي المعادلة لقصة فيلم العراب، لكن بالطبع دون أفعال إجرامية، إذ لا يتم التسامح أبداً مع المجرمين من أفراد الجالية".
ويقول نجل سركيس: "لا يزال كبار السن المهاجرين من قريتنا في سوريا مرتبطين بمنازلهم وجذورهم، بينما فقد الشباب هذا الارتباط منذ فترة طويلة، على الرغم من أن الروابط الأسرية والتاريخ العائلي جزء مهم من هويتهم".
وفقاً لسركيس، فإن أحد أفراد العائلة يعد من الآباء المؤسسين لـ"المستعمرة السورية " في أميركا، حيث عمل بداية الأمر مع عصابات السوق السوداء الإيطالية في مدينة ديترويت وهي أكبر مدن ولاية ميشيغان الأميركية في ثلاثينيات القرن الماضي، وحاول لاحقاً فتح كازينو في مدينة رينو بولاية نيفادا.
لكن "رجال العصابات" الإيطاليين أوقفوه عن العمل، فذهب إلى لوس أنجلوس، حيث كان يدير متجراً لبيع المشروبات الكحولية. وفي عام 1955 عاد إلى سوريا واصطحب صديقه من قرية فيروزة إلى أمريكا، وأحضر معه زوجته وإخوته، وأخذت القصة مجراها. حيث تبع ذلك موجات هجرة في الستينيات والثمانينيات والتسعينيات.