منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قتل الجيش الإسرائيلي 141صحفيا وصحفية في قطاع غزة وأصاب 70 آخرين واعتقل العشرات في "إخفاء قسري"، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وأضاف المكتب الإعلامي، أن إسرائيل لم تكتف بقتل الصحفيين وإنما استهدفت عائلات العشرات منهم وقتلت بعض أفرادها، ودمرت منازلهم ومكاتبهم ومقارهم الصحفية والإعلامية، ما زاد الانتهاكات والتحديات أمام استمرارهم في أداء عملهم.
وبمناسبة الاحتفال بيوم "حرية الصحافة" العالمي، الموافق اليوم الجمعة 3 أيار/مايو، كشفت مؤسسات فلسطينية معنية بشؤون الأسرى، الجمعة، أن إسرائيل لا تزال تحتجز 53 صحفيا في سجونها، بينهم 43 اعتقلوا بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة.
جاء ذلك في بيان مشترك لكل من هيئة شؤون الأسرى والمحررين الحكومية، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.
وأوضح البيان أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت واحتجزت إجمالا بعد اندلاع الحرب 70 صحفيا أبقت منهم 43 في سجونها.
"قانون الجزيرة"
عشية الاحتفال بـ"حرية الصحافة"، أرجأ مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر "الكابينت"، الليلة الماضية، التصويت على قرار حظر نشاط قناة "الجزيرة" حتى يوم الأحد المقبل.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (تلفزيون كان 11)، إن "الكابينت" "لم يصوت في جلسته مساء الخميس على إغلاق مكاتب قناة الجزيرة" في إسرائيل، رغم الضوء الأخضر الذي تلقاه من المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا".
وأوضحت هيئة البث، أن من البنود التي كان متوقعا طرحها خلال الجلسة من أجل الموافقة عليها هي "إجراءات بوقف بث القناة باللغتين العربية والإنجليزية من خلال مقدمي المحتوى في إسرائيل، وإغلاق مكاتب القناة، وحجب الوصول إلى مواقعها الإلكترونية".
وأكد موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي أن "الكابينت" لم يصوت في اجتماعه مساء الخميس، على قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الاتصالات شلومو كريع بحظر نشاط الجزيرة في إسرائيل، ولكن في اللحظة الأخيرة لم يتم إجراء التصويت".
وكان الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، صدّق في نيسان/أبريل الماضي، على قانون يسمح لرئيس الوزراء ووزير الاتصالات بحظر وسائل إعلام أجنبية "تضر بأمن إسرائيل".
وتطلق الصحافة الإسرائيلية على هذا القانون اسم "قانون الجزيرة" لأنه صُمم بالأساس لـ “منع بث القناة القطرية، ولكنه يشمل جميع وسائل الإعلام الأجنبية".
وسبق أن حظرت إسرائيل قناة "الميادين" اللبنانية التابعة لحزب الله، في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وأضاف الموقع، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن التصويت المؤجل "سيعقد خلال اجتماع للمجلس الأحد المقبل"، مشيراً إلى أن التأجيل مرتبط بمحادثات التوصل لاتفاق لتبادل الأسرى، "حيث لا تزال إسرائيل تنتظر رد حماس على الاقتراح المصري".
الضغط على وسائل الإعلام الدولية
يذكر أن إسرائيل اعترضت على عمل القنوات الدولية خلال الحرب وادعت أن مراسلي الوكالات الدولية كانوا يتجولون بحرية مع عناصر حماس في أثناء شن هجوم "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وفي الأيام الأولى من الحرب، طلب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ من رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال زيارته لتل أبيب، أن تستخدم هيئة الإذاعة البريطانية "BBC" وصف "الإرهاب" والإرهابي" للإشارة إلى حركة حماس، بحسب "يديعوت أحرونوت".
وبعد أقل من أسبوعين من اندلاع الحرب، توقفت هيئة الإذاعة البريطانية عن وصف حماس بشكل افتراضي بأنها "مجموعة مقاتلة"، سيصفهم المذيع الآن بأنهم "مجموعة محظورة كمنظمة إرهابية من قبل حكومة المملكة المتحدة وغيرها"، بعد شكاوى القادة اليهود من تغطية المذيعين والمراسلين، بحسب ما أورده موقع إذاعة "مونت كارلو" الدولية.
وفي أعقاب ما حدث مع هيئة الإذاعة البريطانية، والذي أطلقت عليه الصحافة الإسرائيلية بـ "عاصفة بي بي سي"، نشرت أكبر وكالة أنباء في العالم، وكالة "أسوشيتد برس" (AP)، ومقرها الولايات المتحدة، دليلاً كتابياً خاصاً لتغطية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، لصحفييها ومؤسساتها الإعلامية التي تستخدم خدماتها، تقدم فيه النصائح عدم استخدام مصطلحات "الإرهاب" أو "الإرهابي" لوصف تصرفات أعضاء حماس.
وأوضحت " أسوشيتد برس"، أنه "لقد تم تسييس مصطلحات الإرهاب والإرهابيين، وغالبا ما يتم تطبيقها بشكل غير متسق"، وفق لما جاء في دليل التحرير الخاص بالوكالة.
ومع ذلك، تسمح الوكالة للصحفيين ومحرريهم باستخدام مصطلحات إرهابية تجاه حماس عندما يتعلق الأمر بالاقتباسات المباشرة من الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات.
وجاء في الدليل، "لا تستخدم وكالة الأسوشييتد برس هذه المصطلحات في سياق الأفعال أو عند الحديث عن مجموعات محددة، ما لم تكن اقتباسات مباشرة".
وبدلاً من "الإرهاب" أو "الإرهابيين"، أوعزت الوكالة باستخدام مصطلح "القوات المسلحة" أو "المقاتلين" أو "مقاتلي حماس" أو "المهاجمين". وتوضح الوكالة أنها تستخدم تعريف قاموس "Merriam Webster" العالمي لكلمة "متشدد" لوصف حماس.
غزة "مقبرة الصحفيين"
تتزامن إجراءات قتل الصحفيين وتقييد حرية الصحافة من قبل إسرائيل مع حرب مدمرة تشنها على قطاع غزة منذ 7 شهور، خلفت عشرات الآلاف من الضحايا معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن دمار شامل وهائل في البنى التحتية والمباني، ما تسبب بكوارث وأزمات إنسانية.
وصعدت إسرائيل خلال الحرب ضد الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي، وقتلت العديد منهم وأصابت بعضا آخر.
وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 2023، وصفت الأمم المتحدة، قطاع غزة بأنه "أصبح أخطر مكان في العالم بالنسبة للصحفيين وأسرهم".