أعربت معظم التقارير الإسرائيلية عن قلق تل أبيب من الاتفاق السعودي الإيراني لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، واصفة الاتفاق بأنه "تطور خطير" ونتيجة فشل أميركي إسرائيلي دفع الرياض للتقارب مع طهران.
وترى إسرائيل أن الاتفاق هو "انتصار سياسي" لإيران وإضاعة لفرصة بناء تحالف إقليمي ضدها، وصفعة سعودية جديدة لإدارة بايدن عبر منح الصين إنجاز دبلوماسي في المنطقة.
والأمر الأكثر إثارة للقلق، بالنسبة للإسرائيليين، هو تقليص فرص انضمام السعودية لاتفاقيات التطبيع مع تل أبيب، ما يعتبر فشلاً لمساعي واشنطن لدمج قدرات حلفائها في المنطقة ضد التهديدات المشتركة وعلى رأسها إيران.
ما يقلق تل أبيب أيضاً، هو أن تعزز الصين قبضتها على الشرق الأوسط نتيجة لرعايتها هذا الاتفاق، وذلك على حساب الولايات المتحدة الراعي الرسمي لإسرائيل في المنطقة.
أمس الجمعة، أعلنت الرياض وطهران الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، بعد قطيعة دامت 7 سنوات.
ويشكل هذا الاتفاق الذي رعته الصين نقطة تحول في العلاقات الجيوسياسية إقليمياً ودولياً.
على الرغم من الترحيب العربي والدولي الواسع للخطة السعودية الإيرانية، إلا أن ترحيب واشنطن جاء "برتوكولياً".
الموقف الإسرائيلي
إلى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر إسرائيل بياناً رسمياً يعبر عن موقفها عن الاتفاق.
في غضون ذلك، تبادل المسؤولون الإسرائيليون الاتهامات حول المسؤولية عن إضاعة الفرصة للتقارب مع السعودية، حكومة نتنياهو تتهم الحكومة السابقة بأن محادثات الرياض وطهران بدأت في عهد نفتالي بينيت.
في المقابل، قال بينيت إن الاتفاق المذكور يشكل ضربة قاتلة لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران.
وأضاف رئيس الحكومة السابق، هذا فشل ذريع لحكومة نتنياهو ونتج عن مزيج من الإهمال السياسي والضعف العام والصراع الداخلي في البلاد.
بدوره، هاجم زعيم المعارضة يائير لابيد حكومة نتنياهو واتهمها بالفشل في حماية "جدار الدفاع الإقليمي الذي بدأنا في بنائه ضد إيران".
חידוש היחסים בין סעודיה לאיראן הוא התפתחות חמורה ומסוכנת לישראל ומהווה ניצחון מדיני לאיראן.
— Naftali Bennett בנט (@naftalibennett) March 10, 2023
מדובר בפגיעה אנושה במאמץ לבניית קואליציה אזורית למול איראן.
זהו כישלון מהדהד של ממשלת נתניהו ונובע משילוב של הזנחה מדינית עם חולשה כללית וסכסוך פנימי במדינה. >> pic.twitter.com/owPw1k1byE
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن نتنياهو، الذي يزور إيطاليا حالياً، تفاجأ بإعلان اتفاق تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، مع الإشارة إلى أن حكومته كانت على اطلاع بأن هناك محادثات بين السعوديين والإيرانيين.
يشار إلى أن التطبيع مع السعودية "حلماً" لنتنياهو ويضعه في مقدمة الأهداف الاستراتيجية لحكومته المشكلة حديثاً.
.
صفعة للولايات المتحدة
وفقاً للتقدير الإسرائيلي، يعد الاتفاق "انتصاراً" سياسياً لإيران، و"إنجازاً دبلوماسياً" غير مسبوق للصين التي تمد نفوذها باتجاه المنطقة المحسوبة لواشنطن.
ويقول معلق الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، إن واشنطن تلقت صفعة أخرى على الوجه من السعودية.
وأضاف أن المستفيد الرئيسي من الاتفاق بين السعودية وإيران هي الصين التي أحرزت نجاحاً دبلوماسياً، ويشكل تحدياً للولايات المتحدة يزعزع مكانتها في الشرق الأوسط.
ويعد الاتفاق إنجازاً دبلوماسياً واقتصادياً استراتيجياً للرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي استقبلته الرياض، قبل شهرين ونصف، استقبال الملوك مع توقيع اتفاقيات اقتصادية، ما أثار استياء إدارة بايدن.
على عكس الازدراء الذي تلقاه بايدن عندما رفض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان طلبه بزيادة ضخ النفط، في قمة جدة العام الماضي، بل خفض الإنتاج.
بحسب رون بن يشاي، يعد تجديد الرياض لعلاقاتها مع خصمها ومنافستها الإقليمية على الزعامة الإسلامية تكريماً لجهود الرئيس الصيني الذي يبحث عن تعزيز نفوذ بلاده في المنطقة.
في حين لم تول الرياض اهتماماً، بالقدر نفسه، لجهود إدارة بايدن لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
"بصقة في وجه إسرائيل"
يذهب المحلل الإسرائيلي إلى أن السبب في ذلك هو شعور السعودية بالخذلان من جراء ضعف إسرائيل والولايات المتحدة.
ويقول رون بن يشاي إن الخطر الإيراني كان يمثل مصلحة مشتركة بين السعودية وإسرائيل، ولكن الأخيرة لم تقدم خياراً عسكرياً موثوقاً لمواجهة هذا الخطر.
ويضيف، كانت المملكة العربية السعودية، بقيادة الأمير محمد بن سلمان، تعول على إسرائيل في المقام الأول لفتح أبواب البيت الأبيض أمامه ويكون ضيفاً مرحباً به في واشنطن.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، قبل يومين، أن الرياض طلبت من تل أبيب مساعدتها في الحصول على مساعدة أميركية في تخصيب اليورانيوم لبناء 16 مفاعلاً نووياً لإنتاج الكهرباء في غضون 25 عاماً.
كما يريد الأمير محمد بن سلمان من إسرائيل مساعدته في الحصول على أنظمة أسلحة متطورة من الولايات المتحدة، مثل طائرات "F-35" المقاتلة بكامل إمكانياتها وليست مثل تلك التي قدمتها واشنطن للإمارات في إطار توقيع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.
وبحسب رون بن يشاي، الرياض كانت بحاجة أيضاً إلى قدرات إسرائيل الاستخباراتية والعسكرية لمواجهة الهجمات الإيرانية وتوابعها في المنطقة، مثلما حدث في استهداف منشآت النفط في "آرامكو" في عام 2019.
بدوره، يقول المحلل الإسرائيلي إيتمار أيخنر، إن الاتفاق "بصقة في وجه إسرائيل"، وتعبير سعودي عن عدم الثقة بالولايات المتحدة وبرؤية نتنياهو لعزل إيران.
ويرى أيخنر أنه يجب أن تشعر إسرائيل بالقلق من احتمال أن السعوديين قد توصلوا إلى استنتاج مفاده أن إسرائيل ليس لديها خيار عسكري موثوق به.
مخاوف إسرائيل
تخشى إسرائيل من تجديد العلاقات بين الرياض وطهران يمكن أن يلحق ضرراً شديداً بالجهود المبذولة لتوسيع اتفاقية "أبراهام".
كما تخشى أن يفض الاتفاق إلى تعزيز الوجود الإيراني في البحر الأحمر، الذي كان إحدى ساحات المواجهة بين تل أبيب وطهران، والاستهداف المتبادل للسفن وناقلات النفط خلال السنوات الماضية.
وترى تل أبيب أن الاتفاق سيخفف الضغط السعودي على الحوثيين مما يساعد في تعزيز الوجود الإيراني في اليمن، الأمر الذي يهدد حرية إسرائيل في الملاحة بالبحر الأحمر.
من جهة أخرى، تقرأ تل أبيب الخطوة السعودية هو انحسار للدور الأميركي في المنطقة لصالح الصين.