تقترح إسرائيل على الولايات المتحدة إدراج الخيار العسكري إلى جانب العقوبات الاقتصادية لكبح طموحات طهران النووية، لأنها تشك بنية طهران بالعودة إلى الاتفاق النووي، لا سيما بعد وصول إبراهيم رئيسي إلى كرسي الرئاسة في إيران، وتصاعد المواجهات بين طهران وتل أبيب في المنطقة، ويأتي ذلك بالتزامن مع زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) لتل أبيب لمناقشة الملف الإيراني.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر إسرائيلي، وصفته بالمطلع على التفاصيل، أن الطريقة الناجعة لإلزام إيران بالتراجع عن مخططاتها النووية تتطلب طرح تهديد عسكري أميركي ملموس، إلى جانب عقوبات اقتصادية ودبلوماسية تقود إلى عزل طهران وتوقف تمددها في المنطقة، بما في ذلك سوريا ولبنان.
وذكرت الصحيفة أن تل أبيب خفضت مستوى توقعاتها من نجاح مسار "فيينا" لضبط البرنامج النووي الإيراني، وترى أن فرص توقيع طهران على اتفاق نووي جديد "ضئيلة إلى حد كبير"، بعد تسلم إبراهيم رئيسي، مقاليد الرئاسة في إيران.
وتقود إسرائيل في الأسابيع الأخيرة حملة تحركات دبلوماسية لتجنيد الولايات المتحدة لدفعها نحو إجراءات أكثر صرامة ضد إيران، وسط خشية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من مماطلة إيران في محادثات "فيينا" لكسب مزيد من الوقت لإحراز تقدم في برنامجها النووي يكون من الصعب منعه من قبل المجتمع الدولي في المستقبل.
ويحمل مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وليام بيرنز، الذي يزور إسرائيل اليوم لأول مرة منذ توليه منصبه، الملف الإيراني ليضعه على طاولة النقاش مع الإسرائيليين المهتمين بالاطلاع على مخططات واشنطن للتعامل مع طهران بشأن مباحثات "فيينا" الخاصة بالاتفاق النووي.
يشار إلى أن بيرنز هو من هندس الاتفاق النووي الإيراني، المعروف بـ "خطة العمل الشاملة المشتركة" في 2015، وقاد مع جيك سوليفان، الذي يشغل منصب مستشار الأمن الأميركي حالياً، المحادثات السرية مع الإيرانيين والتي توجت بإنجاز "الاتفاق النووي الإيراني".
وتأتي أهمية زيارة مدير (CIA) بالنسبة لتل أبيب من كون أن بيرنز دبلوماسي مخضرم يشغل منصباً أمنياً رفيعاً في البيت الأبيض، لا سيما بعد غضب الإسرائيليين من استبعادهم من قبل إدارة بايدن في المشاركة في مباحثات "فيينا" لإعادة إحياء الاتفاق النووي.
وبحسب المصادر التي نقلت عنها "هآرتس"، تحاول إسرائيل التأكد من استعداد الإدارة الأميركية لحشد المجتمع الدولي في حملة الضغط على إيران، إذا ما رفضت الأخيرة التوصل لاتفاق يجبر طهران على التخلي عن طموحاتها النووية في الفترة القريبة.
وقالت المصادر الإسرائيلية، جرت مؤخراً محاولة للتأكد من قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ مخططاتها بشأن صياغة اتفاقية أكثر صرامة، وإجبار إيران على توقيعها.
تقديرات إسرائيلية: إيران على بعد شهرين من امتلاك سلاح نووي
تشير المعطيات التي جمعتها جهات الاستخبارات الإسرائيلية إلى حدوث تقدم كبير في البرنامج النووي الإيراني في الآونة الأخيرة. وأن الإيرانيين خرقوا التفاهمات الموقعة في اتفاق 2015، الذي يسمح لهم تخصيب 300 كغ من اليورانيوم فقط، بدرجة لا تتجاوز 3.67%.
وحسب التقديرات في إسرائيل، فإن إيران تملك حالياً، 10 كغ من اليورانيوم المخصب بدرجة 60%، و140 كغ يورانيوم مخصب بدرجة 20%، و2500 كغ يورانيوم بدرجة 4%، وتستخدم مئات أجهزة الطرد المركزي المتطورة، رغم منعها من ذلك في إطار الاتفاق.
كما أن هناك عمليات تخصيب تجري في مواقع أخرى في منشأة بوردو، خلافاً للاتفاق، وتصل درجتها لـ 20%.
وتقدر تل أبيب أن إيران تحتاج إلى شهرين لكي تتحول إلى دولة نووية، لذا يخشى الإسرائيليون من مماطلة طهران وتراخي المجتمع الدولي الذي سيوفر الوقت للإيرانيين بامتلاك القنبلة النووية.
وتشير المصادر الأمنية الإسرائيلية إلى أن انضمام إيران مجدداً إلى اتفاق مع القوى العظمى، من الممكن أن يؤخر وصولها إلى العتبة النووية لمدة أربع سنوات، لافتةً إلى أن إسرائيل تؤيد إبرام اتفاق دولي جديد مع الإيرانيين، لكنها ضد التوصل إلى "اتفاق سيئ".
ومن المقرر أن تستأنف الشهر المقبل جولة جديدة من مباحثات "فيينا" بين واشنطن وطهران وبمشاركة القوى العظمى، بعد فشل ست جولات سابقة، بينما ستجري الجولات القادمة في ظل وصول رئيس جديد لإيران يصف الغرب بأنه "متشدد".
ويتصاعد التوتر في الأسابيع الأخيرة، بين إسرائيل وإيران على خلفية هجمات منسوبة لإيران على سفن غربية وأخرى مملوكة إسرائيلياً، كان أبرزها الهجوم على السفينة "ميرسر ستريت" قبل نحو أسبوعين، حيث تأخذ المواجهات بين الطرفين شكل "حرب الظل" للتنافس الإقليمي بينهما في المنطقة.
وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، إيران الأسبوع الماضي، بأن بلاده مستعدة لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، على خلفية الهجمات التي تعرضت لها سفن تجارية في مياه الخليج العربي. مشيراً إلى أن إيران تشكل تهديدا دوليا وإقليميا وليس فقط لإسرائيل.
وتشير المعطيات إلى أن إسرائيل نحجت على خلفية الهجوم المنسوب لإيران على السفينة "ميرسر ستريت"، خاصة وأن الهجوم أسفر عن مقتل اثنين من الرعايا الأجانب من أفراد طاقم السفينة، في حشد رأي عام دولي ضد إيران.
ويظهر ذلك في إدانة مجموعة السبع لإيران وتحرك الأوروبيين، الذين لا يزالون يتمسكون بالاتفاق النووي ويحاولون التقريب بين واشنطن وطهران للعودة إليه، ضد طهران في مجلس الأمن الدولي.