ملخص
- يواصل المسؤولون العراقيون إطلاق تصريحات بشأن وساطتهم بين تركيا والنظام السوري.
- مصادر عراقية مطلعة تؤكد عدم وجود تقدم فعلي في الوساطة العراقية.
- النظام السوري يضع شروطاً صارمة لحضور لقاءات الوساطة، منها انسحاب القوات التركية.
- فرص الوساطة الروسية أكبر بسبب قدرة روسيا على التأثير على تركيا والنظام السوري.
- العراق يسعى لتعزيز دوره الإقليمي، رغم التحديات والعوائق التي تعترض مساعيه للوساطة.
يواصل المسؤولون العراقيون إطلاق تصريحات متكررة تتحدث عن وساطتهم بين تركيا والنظام السوري، وكان آخرها ما صرح به فادي الشمري مستشار الرئيس العراقي في 10 من تموز الجاري عن نية العراق استضافة لقاء بين أنقرة ودمشق، مؤكداً على أهمية دور العراق في حل الخلافات بين الجانبين.
تصريحات لا تعكس الواقع
علم موقع "تلفزيون سوريا" من مصادر عراقية مطلعة أن التصريحات التي تصدر عن المسؤولين، وتوحي بوجود تقدم بالوساطة العراقية بين تركيا والنظام السوري لا تعكس الواقع، وفعلياً لا يوجد أي تقدم بهذا الصدد.
وبحسب المصدر فإن الحكومة العراقية تسعى للتأكيد على عودة دور العراق الإقليمي، مستفيدة من الهوامش المتاحة لها من قبل إيران، وتحاول إطلاق مسار المصالحة بين أنقرة ودمشق، رغم عدم قدرتها على إكمال المسار بمفردتها، وحاجتها للدورين الإيراني والروسي من أجل المضي قدماً فيه.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الجانب التركي أبدى استعداده للتجاوب مع الوساطة، لكنه لا يرى نتائج ملموسة على أرض الواقع، وبات يرجح أن بغداد تبحث عن الاستفادة من الزخم الإعلامي والحديث عن المبادرة، رغم عدم قدرتها على دفع النظام إلى طاولة المفاوضات.
اشتراطات النظام السوري
وفقا للمعلومات التي حصل عليها "تلفزيون سوريا" من مصادر خاصة، فإن النظام السوري أبلغ الجانب العراقي بالشروط التي يضعها مقابل حضور لقاء في بغداد، وأولها ضرورة أن تكون المباحثات مخصصة للتفاهم على مجمل الملف السوري بين أنقرة وبغداد، وعدم الاكتفاء فقط بمكافحة الإرهاب وإعادة اللاجئين.
ويرغب النظام السوري بأن يتعهد الجانب التركي بتحديد جدول زمني للانسحاب من الأراضي السورية، والالتزام بعدم فرض نفسه على الوضع الداخلي السوري من خلال استمرار المطالبة بالانتخابات والحل السياسي.
ويطالب النظام السوري أنقرة أيضاً بالتأثير على الدول التي ما تزال مقاطعة للنظام السوري، أو التي تفرض عقوبات عليه من أجل مراجعة موقفها، وبالمقابل يتجاوب النظام مع المطالب التركية بمكافحة الإرهاب بدعم روسي، ويعمل على تسهيل عودة اللاجئين بالتوازي مع تحقيق نتائج ملموسة فيما يتعلق برفع العقوبات والتوسع بعمليات التعافي المبكر، بالإضافة إلى تسهيله عملية التبادل التجاري مع الجانب التركي.
وبسبب هذا الموقف المتصلب من النظام السوري، تولد لدى الوسيط العراقي شعور بأن النظام غير راغب بالتقدم في عملية المصالحة، ويحاول الجانب العراقي العمل على إقناع النظام بتأجيل شرط انسحاب القوات التركية لأنه يعرقل إحراز أي تقدم، كما أن الوسيط العراقي يعتقد بأن جيش النظام السوري غير قادر على القيام بأعباء مكافحة الإرهاب بمفرده وهذا ما ظهر خلال المباحثات بينه وبين النظام بخصوص مكافحة رواج المخدرات.
فرص الوساطة الروسية أكبر
في ظل العوائق التي تعترض الوساطة العراقية الرامية إلى تقريب وجهات النظر بين تركيا والنظام السوري، يبدو أن فرص الوساطة الروسية أكبر، خاصة بأن الدافع الرئيسي لأنقرة بالتقارب مع النظام هو محاولة توسيع المناطق الخالية من تنظيم قسد على الحدود السورية التركية، وروسيا هي من تمتلك منح الجانب التركي لهذه الورقة، على عكس العراق الذي لا يمتلك أدوات التأثير على النظام، ودفعه للاستجابة للمطالب التركية مقابل عملية التطبيع.
ومن المتوقع أن تستمر روسيا بالعمل على إنجاح مسار التطبيع، خاصة أن أنقرة فيما يبدو ترى في الفترة الحالية فرصة لتوسيع نفوذها على الأراضي السورية على حساب تنظيم قسد، في ظل الانشغال الأميركي بالانتخابات الرئاسية، والجدل الكبير في أوساط إدارة بايدن حول استمراره مرشحاً رئاسياً عن الحزب الديمقراطي أو استبداله بعد المناظرة الأخيرة بينه وبين ترامب والأداء السيئ الذي ظهر به.