أصبح من المعتاد مشاهدة أطفال يصلون إلى أيرلندا من دول مزقتها الحرب، كما هو معتاد رؤية تلك الصور لأناس خائفين يطلبون اللجوء في دولة تعتبر ملاذاً آمناً بالنسبة لهم. إلا أن الشعوب المضيفة نادراً ما تبحث فيما هو أبعد وأعمق من تلك الصور، بما أن تلك الصور والمقاطع لا بد أن تتلاشى عندما ينشب نزاع آخر في بلد آخر.
بيد أن كتاباً جديداً ألفه أطفال سوريون يعيشون في ويكسفورد يحاول أن يصلح تلك الصورة، وأن يقدم أفكاراً حول شكل الحياة التي كانوا يعيشونها في بلدهم. ولذلك تم إطلاق كتاب "قلوب طيبة" الذي نشرته دار Kids’ Own، وذلك في مكتبة ويكسفورد بشكل رسمي خلال الأسبوع الماضي ضمن فعالية حضرها رئيس مجلس بلدية ويكسفورد، ويصور هذا الكتاب ما سرده 23 طفلاً غادروا سوريا وسافروا إلى لبنان قبل أن يستقر بهم المقام في أيرلندا وتحديداً في مقاطعة ويكسفورد، وقد أتت تلك السرديات ضمن مشروع للكتابة دعمته مؤسسة التنمية المحلية في ويكسفورد، ودار النشر Kids’ Own ومديرية المكتبات.
وعن تلك التجربة يقول الأطفال: "يحتوي كتابنا على الكثير من الأمور عن سوريا وعن ديننا أيضاً، وعن الحرب وعن وضعنا عندما سافرنا إلى لبنان، وكيف عشنا في فندق لمدة سنة كاملة.... ولهذا فإننا نشارك من خلال هذا الكتاب قصصنا التي سيطالعها كل الناس في أيرلندا، وكلنا أمل أن يشرح هذا الكتاب ما حدث في تلك الحرب وكيف أتينا إلى أيرلندا، إذ يبين هذا الكتاب بأن الشعب السوري شعب طيب".
كان ديارمويد دولان من مؤسسة التنمية المحلية في تلك المقاطعة أحد أعضاء الفريق الذي شارك في إنتاج هذا الكتاب وعنه يخبرنا بأن الأطفال منذ أن وصلوا إلى أيرلندا في عام 2017 قد عثروا على سكن في منطقتي إينيسكورثي ونيو روس، ويضيف: "إنهم يصفون إينيسكورثي بأنها مدينة جيدة لأنها جميلة، إذ هنالك حدائق وأنهار وشواطئ قريبة ورمال أيضاً، حيث بوسعك أن تذهب إلى هناك برفقة أسرتك وأصدقائك، كما بوسعكم جميعاً أن تسيروا تحت الشمس إن كان الطقس جميلاً".
تمت كتابة مسودة كتاب "قلوب طيبة" على مدار ثمانية أسابيع وذلك من خلال عملية إبداعية سمحت للأطفال بأن يستجمعوا خبراتهم الشخصية بطريقة فريدة، وهكذا صنع الأطفال صناديق وصفوها بأنها: "عنا وعن أجزاء من حياتنا نريد أن نحكي قصصاً عنها" وقدموا "حياتهم الماضية في سوريا، وأسرهم وأصدقائهم".
ولهذا يقول أحد الأطفال عن تلك التجربة: "أحب الفن والطريقة التي ابتكرنا من خلالها تلك الصناديق، فقد جعلتنا نشعر بأننا مبدعون، ولذلك كنا نريد لذلك ألا ينتهي... فقد اختار كل منا صندوقاً، ثم قمنا بطلاء الصناديق، وبعدها بدأنا بتصميم وتلوين صناديقنا وأخذنا نملؤها بالشخصيات، بعد ذلك شرعنا بعملية قص ولصق الكثير من الأجزاء والصفحات التي تمثل العالم الذي نريده".
أما القيّمة على مكتبة المقاطعة، واسمها إيلين موريسي، فقد ذكرت بأن كتاب "قلوب طيبة" سيتحول إلى: "مورد مهم لا بد أن يرفد مجموعات الكتب في المكتبات والمدارس، كما أنه يمنح تلك الجاليات الجديدة صوتاً ليسردوا أمام جيرانهم وأصدقائهم في أيرلندا قصصاً عن ثقافتهم السورية ودينهم وحياتهم ونزوحهم وخساراتهم، إلى جانب شرح ما تعنيه أيرلندا لهم، كما نأمل أن يساعد هذا الكتاب بدوره القراء على فهم واحترام التنوع، ولهذا فقد رحبت مكتبات مقاطعة ويكسفورد بنشر كتاب "قلوب طيبة" وإننا نهنئ جميع المؤلفين اليافعين الذين شاركوا في كتابة هذا الكتاب الفريد".
يذكر أن كتاب: "قلوب طيبة" أصبح متوافراً في جميع المدارس والمكتبات بمقاطعة ويكسفورد.
المصدر: Independent ie.