تحت وطأة النيران الإسرائيلية، بدأ الفلسطينيون في شمالي قطاع غزة، الأحد، الحصول على الدقيق، بشكل منتظم ضمن المساعدات الإنسانية التي دخلت المناطق الشمالية للقطاع، السبت، لأول مرة منذ نحو 4 أشهر.
وفي مركز توزيع للمساعدات تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، تمكن فلسطينيون من الحصول على 5 كيلوغرامات من الدقيق لكل أسرة، بالتعاون مع لجان شعبية.
وفي السابق، كان الفلسطينيون من مدينة غزة، يحصلون على المساعدات التي كانت تدخل بشكل متفاوت وبكميات محدودة عند مفترق الكويت (شرق) ومفترق النابلسي (غرب)، دون أن تصل إلى محافظة شمالي القطاع، والتي تضم بلدة بيت لاهيا، وبلدة بيت حانون، وبلدة ومخيم جباليا.
وخلال تسلمهم للمساعدات، كان الجيش الإسرائيلي يستهدفهم بإطلاق النار والقذائف، ما يوقع بينهم قتلى وجرحى بأعداد كبيرة.
الدفعة الأولى من المساعدات
وتُعتبر هذه المرة الأولى التي تم فيها تقديم المساعدات بشكل منتظم للسكان، بالتعاون مع أجهزة أمنية تابعة لحكومة غزة والعشائر الفلسطينية.
ويشعر الفلسطيني يحيى أبو ريالة (37 عامًا) بالارتياح لتمكنه من الحصول على 5 كيلوغرامات من الدقيق.
وبعد مرور 40 يومًا من عدم تناوله الدقيق، والاعتماد على طعام الحيوانات المكون من الذرة والشعير، الذي كان غير متوافر بشكل دائم، تمكن أبو ريالة من الحصول على الدقيق الذي كان يحتاجه لإطعام عائلته المكونة من 4 أفراد.
ويقول يحيى أبو ريالة، لوكالة الأناضول: "اليوم، حصلت على 5 كغ من الدقيق، وسأستخدمها لإطعام أطفالي الأربعة الذين لم يتناولوا الخبز الأبيض منذ 40 يومًا".
ويضيف: "أنا سعيد لأن أطفالي سوف يتناولون الدقيق الأبيض، بعد الاعتماد على طعام الحيوانات".
ويعيش الفلسطيني أبو ريالة، أوضاعًا إنسانية صعبة من جراء نزوحه من المناطق الشرقية لبلدة بيت لاهيا إلى مخيم جباليا بعد قصف منزله.
بدوره، عبر الفلسطيني مازن الجاروشة (55 عامًا)، عن سعادته لحصوله على 5 كيلوغرامات من الدقيق الأبيض بعد 30 يومًا من نفاده في منزله.
وقال للأناضول: "مر عليَّ 30 يومًا دون تناول الدقيق الأبيض، كنا نتناول طعام الحيوانات".
وأشار إلى أنه فور سماعه في ساعات الصباح عن وصول المساعدات، توجه على الفور للحصول عليها، وبالفعل نجح في ذلك على الرغم من وجود آلاف الفلسطينيين الآخرين الذين توجهوا لتسلم حصصهم.
بينما لم يحالف الحظ الفلسطينية أم محمد مفتاح (40 عاما)، في الحصول على الدقيق بسبب انتهاء الكميات من المخازن بعد توزيعه على السكان.
وقالت: "سمعنا خبر وصول المساعدات وتوجهنا للحصول على شيء، ولكن لم نتمكن من الحصول على أي شيء".
وتتمنى مفتاح، الحصول على الدقيق لإطعام عائلتها، بعد أن نفد مخزونه منذ أكثر من شهرين، بحست تصريحاتها للأناضول.
في السياق ذاته، أعلنت الجبهة الداخلية التابعة لحكومة قطاع غزة، الأحد، عن وصول قافلة من المساعدات الإنسانية تضم 12 شاحنة إلى شمالي غزة ومدينة غزة.
وقالت: "وصلت المساعدات بجهود اللجان الشعبية وتعاون الأهالي من أبناء شعبنا العظيم إلى محافظتي غزة والشمال، 6 شاحنات منها وصلت إلى منطقة جباليا (فيما الباقي لمدينة غزة)".
ودعت اللجنة "التعاون مع اللجان الشعبية لاستمرار وصول المساعدات إلى الصامدين في محافظة الشمال".
وأشارت إلى أن "استمرار التعاون المجتمعي سيفضي لكسر الحصار الظالم المفروض على شعبنا، ويضمن العدالة الاجتماعية بوصول المساعدات لكل أبناء شعبنا".
ومنذ نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لم تصل بلدات شمالي قطاع غزة أي مساعدات إنسانية، مما أدى إلى حدوث "مجاعة" في المناطق الشمالية، أودت بحياة أطفال ومسنين.
ووفقًا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن عدد الوفيات من جراء سوء التغذية والجفاف وصل إلى 27 فلسطينيًا، بما في ذلك رضع.
ومن جراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
ويحل شهر رمضان هذا العام، وإسرائيل تواصل حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في حق الفلسطينيين.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل نحو 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.