ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالاعتداءات الجماعية على ممتلكات لاجئين سوريين في مدينة قيصري الليلة الفائتة، بعد ظهور ادعاءات مغلوطة بتعرض طفلة تركية للتحرش من قبل شاب سوري.
وقال أردوغان في اجتماع التشاور والتقييم لإدارات حزب العدالة والتنمية المحلي إن الوضع الذي نشأ في قيصري أمس جاء بسبب "الخطاب السام للمعارضة".
وأضاف: "لا يمكن قبول التخريب. اللجوء إلى خطاب الكراهية من أجل مكاسب سياسية هو ضعف. التمييز والتهميش وإثارة العداوة لن يكون لها مكان في سياسة حزب العدالة والتنمية. نحن نسعى لخدمة تركيا سواء كنا في السلطة أو في المعارضة".
وتابع: "لا يمكن تحقيق أي شيء من خلال تأجيج العداء للأجانب والكراهية تجاه اللاجئين. إشعال الشوارع بالتخريب أمر غير مقبول.. نرى أن العناصر الراديكالية داخل المعارضة تحاول إعادة تفعيل ممارسات تذكرنا بفترة 28 شباط. يجب عدم السماح بذلك".
وأشار أردوغان إلى أنه يتوقع "من الفاعلين العقلاء داخل المعارضة بذل الجهد لمنع إحياء الذكريات السيئة من تركيا القديمة".
وشهدت ولاية قيصري التركية أعمال عنف استهدفت ممتلكات السوريين، حيث شارك مئات السكان في مظاهرات أحرقوا فيها عشرات سيارات ومحال السوريين، وذلك على خلفية ادعاء اعتداء شاب سوري على طفلة سورية في منطقة مليك غازي. وتعتبر هذه الأحداث الأعنف التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا منذ بدء موجة اللجوء.
وبحسب وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، فإنّ السلطات التركية أوقفت 67 شخصاً على خلفية الأحداث التي جرت في ولاية قيصري، مشيراً إلى أنّ "المواطنين الأتراك تصرفوا بطريقة غير لائقة بالقيم الإنسانية، وأقدموا على أعمال غير قانونية وألحقوا أضراراً بمنازل ومحال وسيارات تعود للسوريين".
وأوضح الوزير، يرلي كايا، في تغريدة على حسابه الرسمي، أن المشتبه به في عملية التحرش الجنسية هو مواطن سوري، وبأن الضحية المزعومة تحمل الجنسية السورية أيضاً، وهي من أقاربه: "مساء أمس، في منطقة إسكي شهير باغلاري في ميليك غازي، قيصري، قام شخص يحمل الجنسية السورية يدعى I.A. بالتحرش بفتاة سورية من أقاربه. وقد تم القبض عليه من قبل المواطنين في المنطقة وتسليمه لقوات الأمن. وتم فتح تحقيق فوري في الحادثة".
وجاءت أحداث قيصري، بالتزامن مع حملة أمنيّة مكثّفة تستهدف اللاجئين السوريين في ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا، حيث تُجري السلطات التركية عمليات تفتيش واسعة النطاق على منازل اللاجئين وأماكن عملهم، وفي الأسواق والمولات ومحطات المواصلات.
وفجرت حادثة قيصري موجة من التصريحات العنصرية ضد السوريين، حيث استغلت أطراف سياسية الحادثة للمطالبة بترحيل جميع اللاجئين إلى بلادهم، وتبرير أعمال العنف ضدهم.
طالب إسماعيل أوزدمير نائب زعيم حزب الحركة القومية التركية بترحيل السوريين، وقال في تغريدة على موقع (X): "نتوقع كحزب الحركة القومية أن يتم تأمين عودة كريمة لضيوفنا السوريين إلى بلادهم في أقرب وقت ممكن، من أجل سلامة وأمن تركيا".
وقال رئيس بلدية بولو، تانجو أوزجان، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "لقد أدى النضال الذي أخوضه منذ سنوات إلى نتائج في بولو. ومع ذلك الإرادة التي تحكم بلادنا لم تتوقف عن إرسال اللاجئين إلي".
في حين قال مرشح الرئاسة التركية السابق سنان أوغان، إن "الحادثة أظهرت مرة أخرى أن أحداثاً مماثلة يمكن أن تحدث في أي وقت في بلدنا حيث يوجد الكثير من اللاجئين".
وأشار إلى أن "إعادة ما يقرب من 900 ألف لاجئ منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة أمر مهم ولكنه غير كاف. ومن الضروري أن يتم توسيع نطاق عملية عمليات الترحيل وتسريعها".
وأوضح نائب رئيس الدعاية والإعلام في حزب العدالة والتنمية، إمره جميل آيفالي، "أن استهداف جميع اللاجئين السوريين والإشادة بأوميت أوزداغ على أساس حادث فردي هو أمر متهور".
حملات أمنية وتصاعد الكراهية ضد السوريين
عاد ملف الوجود السوري في تركيا إلى الواجهة قبل أيام عندما أطلقت 41 منظمة مجتمع مدني في ولاية غازي عنتاب بياناً مشتركاً غير مسبوق، يحذّر من "غرق" الولاية تحت وطأة تدفق اللاجئين السوريين، لتبدأ إدارة الهجرة التركية حملة تفتيش واسعة في المدينة أسفرت عن احتجاز مئات السوريين بتهم مخالفة القوانين.
ثم كشف رئيس "حزب الشعب الجمهوري" التركي المعارض أوزغور أوزال، عن استعداده للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد "إذا لزم الأمر"، لمناقشة آلية إعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم.
وقال أوزال يوم الخميس الفائت في لقاء تلفزيوني: "التقينا بسفير الاتحاد الأوروبي بتركيا وأبلغناه بأن استقرار تركيا بجانبكم كمستودع للاجئين، لا يعدّ استقراراً حقيقياً. ولكي يتحقق ذلك الاستقرار، يجب أن يتم حل مشكلة اللاجئين في تركيا بشكل كامل".
وبعد تصريحات أوزال قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الجمعة الفائت: "لا يوجد سبب يمنع إقامة العلاقات الدبلوماسية. سنواصل تطوير العلاقات كما كنا نفعل في الماضي. ليس لدينا أي هدف أو نية للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، لأن الشعب السوري هو مجتمع شقيق".
وأضاف: "أجرينا لقاءات مع السيد الأسد حتى على المستوى العائلي. ليس هناك ما يمنع من حدوث محادثات في المستقبل، فقد تحدث مرة أخرى".