تستمر الاشتباكات في العاصمة العراقية بغداد لليوم الثاني على التوالي، وسط دعوات محلية وإقليمية ودولية إلى ضبط النفس ووقف الاقتتال، تزامناً مع إطلاق بعض الدول تحذيرات إلى رعاياها في العراق ومطالبتهم بالمغادرة.
وظهر أمس الإثنين (29 آب 2022)، اندلعت اشتباكات عنيفة في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد، بين قوى عسكرية تابعة للتيار الصدري وأُخرى تابعة للحشد الشعبي المدعوم من إيران.
جاءت هذه الاشتباكات المستمرة بعد احتجاجات واسعة شهدتها بغداد، عقب إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي وإغلاق جميع المؤسسات المرتبطة بالتيار، ليدخل العراق نفقاً جديداً من الفوضى الأمنيّة.
وبحسب مصادر طبية عراقية نقلتها وكالة "رويترز"، فإنّ عدد قتلى المواجهات داخل المنطقة الخضراء ارتفع، حتى صباح اليوم الثلاثاء (30 آب 2022)، إلى 30 قتيلاً وأكثر من 700 جريح، من بينهم 110 أفراد من القوات الأمنية.
آخر التطورات والمستجدات في العراق
شهد العراق خلال الساعات الأخيرة، تطورات أمنية وسياسية متلاحقة، حيث أخرجت القوات الأمنية بالقوة، جميع أنصار مقتدى الصدر من داخل القصر الحكومي والساحات المحيطة به، وفرضت حظراً للتجوّل في جميع المحافظات.
وقالت وسائل إعلام عراقية إنّ صافرات الإنذار دوّت في السفارة الأميركية بالعاصمة بغداد، بعد سقوط قذيفة هاون قربها، مضيفةً أنّ هولندا أخلت مقر سفارتها في المنطقة الخضراء ونقلت موظفيها إلى السفارة الألمانية.
أنصار الصدر ينسحبون من محيط المنطقة الخضراء و"قيادة العمليات" ترفع حظر التجول
بدأ أنصار التيار الصدري، اليوم الثلاثاء، بالانسحاب تدريجياً من محيط المنطقة الخضراء في بغداد، وذلك تنفيذاً لدعوة زعيم التيار مقتدى الصدر الذي اعتبر أن ما يحدث "ليس ثورة لأنها ليست سلمية".
ودعا الصدر، في خطاب متلفز، أنصاره إلى الانسحاب التام "خلال 60 دقيقة"، موجّهاً الشكر لقوات الأمن على "عدم الانحياز إلى أي جانب في أحداث العنف الأخيرة".
وقال الصدر إن "الدم العراقي حرام"، في إشارة إلى الاشتباكات التي دارت بين أنصاره وأخرى تابعة للحشد الشعبي، في حين وجّه اعتذاراً للشعب العراقي "على العنف في البلاد".
وأضاف: "لو جرى حل الفصائل من قبل كما طالبنا مراراً لما وصلنا إلى المشهد الحالي"، مؤكداً أن اعتزاله السياسي الذي أعلن عنه يوم أمس "هو اعتزال نهائي".
من جانبه اعتبر رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أن دعوة الصدر لوقف العنف "تمثل أعلى مستويات الوطنية والحرص على حفظ الدم العراقي".
وعقب خطاب الصدر، رفعت "قيادة العمليات المشتركة" العراقية حظر التجول المفروض في البلاد منذ يوم الثلاثاء، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية.
دعوات إلى "ضبط النفس" و"وأد الفتنة"
دعت الخارجية الفرنسية، اليوم الثلاثاء، جميع الأطراف في العراق إلى "التحلي بأقصى درجات ضبط النفس"، معبرة عن "قلقها" إزاء الأحداث الجارية في بغداد وعدد من المحافظات الأخرى.
بدوره دعا رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني إلى ضرورة الابتعاد عن السلاح والعنف، داعياً كذلك جميع الأطراف إلى ضبط النفس، مضيفاً: "مستعدون للمساعدة في إحلال السلام والاستقرار في أنحاء العراق".
من جانبه قال رئيس تحالف السيادة العراقي، خميس الخنجر: "نسعى مع القوى الوطنية المخلصة إلى مبادرة عاجلة لوأد الفتنة".
وأضاف، في تغريدة عبر حسابه في تويتر: "ندعو قواتنا المسلحة وكافة مؤسساتنا الأمنية إلى مسك زمام الأمور"، معلناً عن دعم التحالف "لأي قرار بحل البرلمان وإعادة الانتخابات، أو أي صيغة تعيد الاستقرار".
هذا واعتبر رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني، أن "حماية المؤسسات والمتظاهرين حق دستوري على الجميع الالتزام به"، داعياً إلى "حوار وطني ونبذ العنف للحيلولة دون إراقة مزيد من الدماء".
تعزيزات عسكرية للجيش العراقي تصل المنطقة الخضراء
أرسل الجيش العراقي، ظهر اليوم الثلاثاء، مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى محيط المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد.
وبحسب وسائل إعلام عراقية، فإنّ وصول التعزيزات تزامن مع اندلاع مواجهات جديدة بين التيار الصدري والحشد الشعبي في محيط البرلمان العراقي داخل المنطقة الخضراء، وسط أنباء عن وقوع إصابات بين الطرفين.
تركيا تحذّر رعاياها من السفر إلى بغداد
حذّرت وزارة الخارجية التركية في بيانٍ، اليوم الثلاثاء، رعايا بلادها من السفر إلى العاصمة العراقية بغداد، وذلك على خلفية تدهور الأوضاع الأمنية هناك.
وقالت الوزارة في بيانها إنّها توصي المواطنين الأتراك بتجنب السفر إلى بغداد، إلا في الحالات الضرورية، نظراً لاضطراب الأوضاع الأمنية فيها.
كذلك دعا البيان المواطنين الأتراك الموجودين في العراق، إلى الابتعاد عن التجمعات والمناطق التي تشهد تظاهرات، ومتابعة بيانات الوزارة والسفارة التركية في بغداد.
مشدّدةً على ضرورة توخي الحيطة والحذر لضمان السلامة الشخصية، كما شاركت الوزارة بيانات التواصل مع السفارة التركية في بغداد ومركز التواصل القنصلي لدى وزارة الخارجية، للتواصل في حال استدعى الأمر ذلك.
تركيا تعرب عن قلقها إزاء أعمال العنف في بغداد
أعربت وزارة الخارجية التركية عن قلقها إزاء أعمال العنف التي شهدتها العاصمة العراقية بغداد، والتي أدت إلى سقوط عشرات القتلى ومئات جرحى.
وأشار بيان للخارجية التركية نقلته وكالة "الأناضول"، اليوم الثلاثاء، إلى أنّ التطورات التي شهدتها العراق في الآونة الأخيرة تهدّد وحدة واستقرار العراق، مؤكّدةً على أنّ استقرار وأمن العراق مهم جداً بالنسبة لتركيا، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس.