icon
التغطية الحية

أعباء بدء العام الدراسي في سوريا.. 300 ألف ليرة ثمن مستلزمات الطفل الواحد

2023.09.05 | 19:36 دمشق

أعباء بدء العام الدراسي في سوريا.. 300 ألف ليرة ثمن مستلزمات الطفل الواحد
أعباء بدء العام الدراسي في سوريا.. 300 ألف ليرة ثمن مستلزمات الطفل الواحد
+A
حجم الخط
-A

بدايات أيلول لها خصوصية وطقوس ثابتة، الطلاب يحضرون أنفسهم لبدء عام جديد، يتفقدون ما هم بحاجة إليه من مستلزمات مدرسية وتبدأ حسابات الأهل من أجل شراء هذه الحاجيات، منذ أسبوع تقريباً بدأت المستلزمات المدرسية تنتشر في الأسواق تزامناً مع بدء موسم التسوق للمدارس، لوحظ اختلاف كبير في الأسعار عن الأعوام الفائتة وقدرة شرائية ضعيفة لدى المواطنين السوريين، فكيف يتدبر السوريون أمرهم ويلبون حاجة أبنائهم للالتحاق بمدارسهم هذا العام؟

راتبين لتلبية حاجة طالب واحد

ارتفعت أسعار الملابس المدرسية والقرطاسية بنسبة كبيرة ما جعل من الصعب على كثير من العائلات السورية اقتناء مستلزمات أبنائهم وخاصة العائلات التي تمتلك عدداً من الأطفال في المدارس.

بجولة صغيرة في الأسواق تبين أن كلفة مستلزمات طالب واحد تصل لثلاثمئة ألف ليرة، حيث بلغ سعر المريول خمسة وستين ألفاً للقماش منخفض الجودة بينما تتراوح الأسعار بحسب نوع القماش لتصل للمئة وعشرة آلاف، والسروال المدرسي تجاوز الخمسة والخمسين ألفاً كحد أدنى أيضاً، فيما تراوحت أسعار الحقائب بين خمسة وستين ألفاً ومئة وخمسين ألفاً.

أما الحذاء فتبلغ كلفته بالحد الأدنى خمسين ألفاً، في حين ارتفعت أسعار القرطاسية من أقلام ودفاتر، إذ يحتاج الطالب في المرحلة الابتدائية لأربعة أو خمسة دفاتر، تبلغ كلفة الدفتر الواحد من النوع العادي سبعة آلاف ليرة، أي  ما يقارب الأربعين ألف ليرة لمجموع الدفاتر التي يفترض أن يشتريها،  في حين بلغ سعر دزينة الأقلام الخشبية خمسة آلاف، وكذلك الألوان الخشب اثني عشر ألفاً.

تقول "راما"، وهي أم لطفل في الصف الرابع الابتدائي: "مريول العام الفائت أصبح صغيراً اضطررت لشراء مريول جديد بخمسة وستين ألفاً، والسروال كذلك كلفني خمسة وخمسين ألفاً، والحذاء بأربعين ألفاً، لم نستبدل حقيبة العام الفائت فالراتب لا يكفي لشراء جميع المستلزمات".

بدائل أقل كلفة

لا يمكن للعائلة التي لديها عدد من الأبناء في المدارس تحمل كلفة مستلزماتهم المدرسية، مع الوضع المعيشي المتدني وارتفاع الأسعار، ما يدفع الأهالي للجوء لطرائق أقل كلفة لشراء ما يلزم لأبنائهم تحديداً فيما يخص اللباس، فالدفاتر والأقلام مجبرين على شرائها جديدة، أما الملابس فبدأ الكثير من الأهل إما باستعارة لباس أبناء جيرانهم أو أقاربهم  للسنوات الفائتة، أو شراء تلك التي تُعرض عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

بعض الأهالي يعرضون ما لا يحتاجونه من لباس مدرسي عبر صفحات البيع على الإنترنت، ويلجأ بعض آخر لاستخدام نفس ملابس الأعوام الماضية حتى لو لم تعد تناسب عمر الطفل، إذ لا توجد بدائل.

 تقول "شيرين"، وهي أم لطالبين أحدهما في الصف الثامن والآخر في الصف السادس: "أحتاج نصف مليون ليرة على الأقل للحصول على ملابس مدرسية وقرطاسية لأبنائي، أنا معيلتهم الوحيدة وعملي لا يؤمن لنا معيشتنا، لا يمكنني شراء سوى عدد من الدفاتر والأقلام، أما الملابس فلا أستطيع تأمينها".

الكثير من الأهالي لا يستطيعون تحمل كلفة الملابس وأكثر ما يستطيعون فعله هو شراء دفاتر وأقلام، بينما يضطر الطلاب في حالات كهذه إما أن يرتدوا أي لباس لديهم أو أن يستخدموا ملابس قديمة، الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار تقف عائقاً أمام تطور الأطفال في مدارسهم وإحساسهم بذواتهم، فعجز أهاليهم عن تأمين حاجاتهم سيترك في دواخلهم شعوراً سيئاً ينعكس على دراستهم وتعليمهم.

الكتب المدرسية

تنقسم كتب المرحلة الابتدائية إلى كتب للقراءة وأخرى للكتابة، وكالعادة في المدارس السورية يتم تسليم الكتب للطلاب في بداية المدارس، ويقيدونها في أواخر العام، الكتب المدرسية الحديثة جزء منها يستخدم ككتب لحل الأسئلة، وعند تسلم الطلاب للكتب في بداية العام يضطر للتخلص من الأجوبة القديمة بمحوها ولكنها غالباً تبقى واضحة، هذه العملية تؤثر على التعلم لدى الطلاب، فالحلول الجاهزة تمنعهم من التفكير والحل بأنفسهم، معظم الأهالي لا يرغبون بأن يتعلم أبناؤهم بهذه الطريقة فيلجؤون لشراء كتب جديدة خاصة بهم.

يقول "ماهر" وهو أب لطفلة في الصف الثالث: "العام الماضي اضطررت لشراء كتب الرياضيات واللغة العربية والإنكليزية والعلوم لابنتي، لأن الكتب المدرسية التي تسلمتها إما ممزقة أو ممتلئة بالحلول، كلفة الكتاب الواحد كانت ثلاثة آلاف ليرة، وفي نهاية العام تم تسليمهم للمدرسة، هذا العام ستكون الكلفة مضاعفة بالتأكيد إن اضطررنا لشراء كتب جديدة".

لا تلتزم المدارس بتسليم كتب جديدة للطلاب رغم ضرورة ذلك وأهميته، خاصة لطلاب المرحلة الابتدائية، الكتب المدرسية تطبع بأعداد قليلة وغالباً ما يتم تسليم الكتب الجديدة بطريقة انتقائية حسب تصريح إحدى المعلمات في إحدى مدارس الريف بدمشق.

تقول: "أعداد النسخ الجديدة قليلة جداً ويتم احتكارها من قبل الإدارة وتسليمها للأقارب والمعارف إما من أبناء المعلمين والمعلمات أو أقاربهم، والنسخ القديمة توزع على باقي الطلاب".

يعتمد الغالبية على الكتب التي تسلمها إدارة المدرسة مهما كان حالها، متجاهلين تأثير ذلك على عملية تعلم الأبناء طالما أنها أسهل الطرق للحصول على الكتب، فيما تبقى المشكلة الأساسية هي بتأمين باقي المستلزمات.

وفيما يخص اللباس، كانت قد عممت وزارة التربية على جميع المدارس بالتساهل مع الطلاب وعدم المحاسبة في حال غياب اللباس المدرسي نظراً لغلاء الأسعار وصعوبة تأمينه، وتزامناً مع ذلك نشرت عدة صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لجمع مبالغ مالية وشراء حقائب وقرطاسية وتوزيعها على طلاب المدارس، في حين باعت بعض المكاتب والمحال في دمشق الحقائب المدرسية برأسمالها دون ربح، بينما أعلنت بعض المشاغل عبر صفحاتها في فيسبوك عن نيتها ببيع المرايل المدرسية بسعر الكلفة نظراً لسوء الأوضاع المعيشية.