يشتكي السوريون من ارتفاع أسعار التحاليل الطبية وعدم ثباتها، فهي تختلف من مخبر لآخر ولا تضبطها نشرة طبية، كما أنها لا تتناسب مع الأجور التي يتقاضاها غالبية السوريين، وهي بذلك تشكل ثقلاً وعائقاً أمام المرضى وقدرتهم على تشخيص دقيق لأمراضهم، خاصة مع تراجع كافة الخدمات الطبية في سوريا وصعوبتها.
ومن جهة ثانية يشتكي أصحاب المخابر من قلة الربح وقلة المراجعين فكيف تعمل المخابر وما الحلول أمام من لا قدرة له على إجراء التحاليل التي يحتاجها؟
كم تبلغ أسعار التحاليل الطبية في دمشق؟
لا تلتزم المخابر الطبية بتسعيرة واحدة، فتختلف قيمة التحاليل بين مخبر وآخر، وذلك يعود لأسباب عدة منها المنطقة التي يتواجد بها المخبر وسمعته، وبالرغم من أن وزارة الصحة التابعة للنظام السوري وضعت نشرة بأسعار التحاليل الطبية إلا أن ذلك لم يقف حائلاً دون التلاعب بها، وقد تم تحديد الوحدة المخبرية بـ 2500 ليرة للمخابر العامة و 3 آلاف للمخابر الخاصة.
وحسب النشرة الصادرة عن وزارة الصحة يتم وضع السعر لكل تحليل بناء على عدد الوحدات التي يحتاجها، ويبلغ سعر تحليل التعداد العام 30 ألف ليرة، والسكر 6 آلاف فيما تبلغ تكلفة حمض البول 12 ألف ليرة، والشحوم والكوليسترول 15 ألف ليرة لكل واحد منها، ترتفع الأسعار لتحاليل الفيتامينات فتحليل فيتامين د 96 ألف ليرة حسب النشرة، وفيتامين b12 72 ليرة سورية، ويبلغ تحليل الحمل الرقمي 65 ألف ليرة أما الحمل العادي 12 ألف وتختلف من مخبر لآخر ليرة، فيما ترتفع تحاليل الجرعات السرطانية الخاصة بالدم لأكثر من 200 ألف وتقترب من 300 ألف في بعض المخابر وذلك بسبب صعوبة تأمين المواد الخاصة لفحص العينات.
الفروق بأسعار التحاليل
لا تلتزم معظم المخابر بالأسعار في النشرة الصادرة عن وزارة الصحة، وبمقارنة بسيطة بين أسعار النشرة وما تتقاضاه المخابر نجد فارقاً كبيراً، فتحليل الكوليتسرول مثلاً يبلغ (28) ألف ليرة في بعض المخابر أي بفارق ثلاثة عشر ألفاً عن النشرة وينطبق ذلك على باقي التحاليل، تبلغ تحاليل الدم من (10-12) ألف ليرة وتحليل فيتامين د يصل ل(١٣٠) ألف ليرة وتحاليل الغدة تتراوح من (40-50) ألف ليرة، والفيتامينات بشكل عام تصل لحدود 200 ألف في بعض المخابر.
وحسب المخبري "ياسر" الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملاً، فإن السبب وراء رفع المخابر للأسعار هو غلاء المواد المستخدمة في التحاليل، ويقول لموقع تلفزيون سوريا
"قليلة هي المخابر التي تلتزم بالنشرة لأنها لا تتناسب مع أسعار المواد المخصصة للاختبارات والتي ترتفع مع كل زيادة بسعر الصرف، وبالنسبة للربح الذي نحققه فهو منخفض جداً خاصة أن عدد المراجعين يتناقص بسبب سوء الأوضاع المعيشية".
معاينات طبية بشروط
يتعاقد معظم الأطباء مع مخابر محددة فيرسل الأطباء مرضاهم للمخبر و يعطي المخبر الطبيب نسبة من الربح مقابل ذلك، والمريض هنا ملزم بإجراء التحاليل لدى هذا المخبر مهما بلغت أسعاره، تتحدث نسرين "اسم مستعار" لموقع تلفزيون سوريا عن تجربتها بهذا الشان:" أرسلني طبيبي لأقوم ببعض التحاليل من أجل الغدة في مخبر حدده هو، لكنني قصدت مخبراً قريباً على سكني، وعندما راجعت الطبيب مع التحاليل لم يقبل بها بل قام بإتلافها مما اضطرني إلى التوقف عن العلاج لديه".
في الوقت نفسه يمتنع الكثير من المرضى عن إجراء التحاليل لعدم قدرتهم على دفع تكاليفها، رغم أن هناك أنواعاً من الأمراض تحتاج لتحاليل من أجل دقة العلاج، وقد تتعرض حياتهم للخطر دونها، تقول "جميلة" عن ذلك: "ابني عمره تسعة أعوام أصيب بالحمى القرمزية فوصف له الطبيب دواءً لكنه لم يتحسن، قصدت طبيباً آخر، فطلب مني تحليلاً لمعرفة إن كانت العدوى فيروسية أم جرثومية، فهناك اختلاف في علاجهما، تحليل دم بسيط كلفني خمسين ألفا، علماً أن راتبي يبلع 120 ألف ليرة فقط".
المشافي عاجزة عن إجراء التحاليل الطبية
تعجز المشافي في دمشق عن تقديم الخدمات الطبية لمرضاها بما في ذلك التحاليل، ففي مشفى المواساة يطلب الأطباء من مرافقي المريض شراء أنبوبة التحليل من الخارج ليضعوا فيها العينة المراد تحليلها ثم يرسلونه إلى أحد المخابر خارج المشفى، بسبب عدم وجود المواد اللازمة للتحاليل في المشفى.
وغالباً ما يتعاقد كل مشفى مع مخبر محدد، يرسل المرضى إليه، وعلى المرضى أن يمتثلوا لذلك، خاصة إن كانت حالاتهم حرجة. ولا يأخذ الأطباء بعين الاعتبار وضع المريض وقدرته على دفع تكاليف التحاليل، ويقول أحد المرافقين لمريض وضعه حرج في مشفى المواساة: "أجرينا التحليل الأول كانت لديهم المواد اللازمة للتحليل العام، ولكن ليس لديهم أنبوبة لأخذ العينة، أما باقي التحاليل مثل غازات الدم فلم تكن المادة اللازمة للتحليل موجودة، واضطررنا لإجراء التحليل بمخبر خاص بمئة وخمسين ألف ليرة، وكانت الساعة بعد منتصف الليل لا يوجد مخبر غيره لذا يستطيع التحكم بالسعر كما يريد".
من جهة أخرى يشتكي أصحاب المخابر من قلة المراجعين وانعدام الربح، بسبب تكاليف المواد اللازمة للتحاليل والتي ترتفع مع كل زيادة في سعر الصرف، بالإضافة لموارد الطاقة التي يحتاجونها لإجراء التحاليل.