ضاعفت معظم الصيدليات في العاصمة السورية دمشق أسعار الأدوية رغم رفعها من قبل وزارة الصحة في حكومة النظام مؤخراً، وباتت جملة "هو أغلى شوي لأن جايبينو من برات المستودع" الجواب المباشر عندما يبدي المريض استغرابه من السعر المرتفع.
تقول نور (36 عاماً) وهي أم لطفلين، لموقع تلفزيون سوريا إنها تفاجأت بأن سعر علبة (أوغماتيكس) المخصصة لمعالجة الالتهاب والبالغ سعرها بعد رفع الأسعار الأخير من قبل وزارة الصحة 3500 ليرة أصبح 6000 ليرة.
ومنذ بداية العام الجاري، يشهد قطاع الدواء نقصاً، وأحياناً كثيرة يشهد انقطاعاً لأصناف دوائية عديدة أهمها أدوية الضغط والقلب والسكري وأدوية السرطان.
تدرك نور مرارة الواقع لكنها مضطرة لشراء الدواء لطفلها، وسط استغلال وتلاعب شركات ومعامل الأدوية والصيادلة بأسعار الدواء بحجة أن تمويل استيراد المواد الأولية يُسعَّر بسعر صرف الدولار بالسوق السوداء وليس بسعر البنك المركزي التابع للنظام.
سلة دوائية إجبارية
قال ماهر (45 عاماً) وهو صيدلي يعمل في دمشق لموقع تلفزيون سوريا: "هناك معامل أدوية تجبرنا على شراء سلة دواء محددة بأصناف معينة من ضمنها أدوية لا تباع وليس عليها إقبال من قبل المرضى".
وأوضح: "أنا كصيدلي أدفع فاتورة سلة دوائية من أحد مندوبي شركات الأدوية قيمتها 500 ألف ليرة ومن ضمنها 10 أصناف لا تباع نهائياً قيمتها تبلغ نحو 75 ألف ليرة، وفي حال رفضت أخذ هذه الأصناف العشرة يمتنع المندوب عن بيعي الدواء". وهذا حال أغلب مندوبي الشركات.
ربح الصيدلي ماهر من السلة الدوائية لا يتجاوز 50 ألف ليرة، وفي حال أخذ السلة كاملةً فإنه يتعرض لخسارة مالية تقارب أو تزيد على ثمن هذه الأصناف العشرة التي لا تباع.
وأكد عدد من الصيادلة لموقع تلفزيون سوريا أن معامل وشركات الأدوية تحمّل بعض الأصناف الدوائية المُنتجة من قبلها وغير المرغوبة ضمن سلل دوائية تجبر الصيادلة على شرائها لتصريف منتجاتها الدوائية.
وبرّر صاحب مستودع أدوية في منطقة باب مصلى بدمشق قيام المستودعات بتحميل بعض الأصناف الدوائية التي لا يريدها الصيدلي أو لا يطلبها ضمن السلة الدوائية، برغبة شركات ومعامل الأدوية بتصريف منتجاتها الدوائية بأية طريقة.
ومن هذه الأصناف الدوائية غير المرغوبة منتج (هيامول) وهي حبوب لوجع الرأس بحسب الصيدلي ماهر، والذي يؤكد أن الناس المرضى تعزف عن شرائها في ظل توفر ظروف السيتامول ذات الجودة والسواغ الأفضل.
دواء من خارج المستودعات
بالمقابل هناك صيادلة يمتنعون عن شراء تلك السلة الدوائية غير المربحة لهم مقابل حصولهم على الدواء من مصادر أخرى بسعر أغلى.
وقال الصيدلي صفوان (50 عاماً): "معظم الأدوية في صيدليتي ليست عن طريق مندوبي الشركات ومستودعات الأدوية إنما عن طريق مديرين ماليين في شركات ومعامل الأدوية".
وأضاف: "أتعامل مع عدد من هؤلاء المديرين الذين يؤمّنون لي الدواء من خارج المستودعات ولكن بسعر أغلى من سعرها عن طريق مستودع الأدوية، وبدوري أرفع سعر كل صنف أحصل عليه بنسبة 25 أو 30% حسب نوع الصنف وندرته في السوق".
وأشار صفوان إلى أن هؤلاء المديرين يعتبرون بيع الأدوية للصيادلة باب رزق لهم، إذ يبيعون تلك الأدوية بالدولار وليس بالعملة السورية، وهم يقومون بذلك بالاتفاق مع أصحاب شركات الأدوية، لتعديل خسارتهم كما يقولون.
رفع أسعار مستمر
رفعت وزارة الصحة في حكومة النظام منتصف العام الحالي، سعر 12 ألف نوع دوائي بنسب تراوحت بين 40% و 50% بعد مطالب أصحاب المعامل برفع الأسعار "وتهديدات" بالتوقف عن العمل.
وأصدرت مديرية الشؤون الصيدلانية بوزارة الصحة في 16 من الشهر الماضي، ملفاً يتضمن تعديل أسعار 12758 صنفاً دوائياً بنسبة تقارب الـ 30 في المئة.
ومنتصف شهر كانون الثاني الجاري طالب معمل "أوبري" للصناعات الدوائية، برفع أسعار الدواء في سوريا بنسبة 40 في المئة، بسبب ارتفاع مصاريف الكهرباء والمحروقات وأجور نقل العمال.