أثار التهديد الصادر عن معامل الأدوية الخاصة في سوريا استهجان العديد من صيادلة اللاذقية، وذلك لتزامنه مع فقدان معظم أصناف الأدوية، وتحديداً تلك المخصصة لذوي الأمراض المزمنة.
وفي جولة قام بها مراسل موقع تلفزيون سوريا على أكثر من صيدلية في مدينة اللاذقية، لوحظ فقدان العديد من أصناف الأدوية الخاصة بمرضى القلب والضغط والسكر والتهاب الكبد، إضافة لبعض أدوية الأطفال والفيتامينات، وتركيز بعض الصيدليات على بيع مستحضرات التجميل وإكسسوارات الأطفال والرضع.
كذلك لوحظ تفاوت بالأسعار بين صيدلية وأخرى، وهو ما يشير إلى تحكّم ملحوظ بالتسعيرة من قبل الصيدلي ومستودع الأدوية من خلفه، والحجة دائماً: "الدواء أجنبي غالي الثمن والوطني مفقود"، حسب المراسل.
شراء الدواء بـ "الظرف"
وقال أحمد، مالك لإحدى الصيدليات بالقرب من دوار الزراعة في المدينة: "منذ أشهر وأدوية القلب والضغط والسكري مقطوعة ونضطر للتعامل مع أكثر من شركة لتأمين الدواء المطلوب"، متسائلاً: "كيف يهددون بإيقاف الإنتاج وهي من الأساس مفقودة في البلاد؟".
وأرجع "أحمد" سبب انقطاع الأدوية من الصيدليات بـ "ارتفاع أسعارها"، معتبراً أن المواطن ليس لديه القدرة على شراء علبة كاملة من الدواء، ولهذا يضطر لشرائها بالظرف، مشيراً إلى أن الدولار يتحكم بالأسعار "فقد أصبحنا نشتري كميات قليلة من الدواء لأن سعره يختلف كل يوم".
من جانبها قالت آمنة المصابة بمرض القلب والضغط: "كنت أشتري علبة دواء الضغط لوديبتان بـ 1500 ليرة سورية واليوم اشتريتها بـ 4000 ليرة ليرة سورية، أما دواء القلب فقد كنت أشتريه بـ 3000 ليرة سورية الشهر الماضي، ومنتصف الشهر اشتريتها بـ 5000 ليرة، واليوم انصدمت بأنها أصبحت بـ 8000"، لافتة إلى أنها بهذا الوضع تضطر لوضع راتبها بالكامل ثمناً للأدوية.
وأضافت آمنة أن الأمر لايقف عند ارتفاع سعر الأدوية، لكن برحلة البحث الشاقة بين الصيدليات لإيجاد الدواء المطلوب.
أما أبو محمد، وهو والد طفل مصاب بمرض دماغي مزمن، قال: "ابني يعاني من مرض يتسبب بنوبات ألم شديدة وأدوية مهدئة وريدية فألجأ مباشرة للمشفى متأملاً بوجود الدواء المهدئ كـ الفوستان – الترامدول، ولكن الطامة الكبرى أنه لا يوجد أي نوع من أنواع المسكنات والمهدئات في المشفى لمثل هذه الحالات المرضية، ما يحدث فقط هو أن الطبيب يعطيني وصفة ويرسلني إلى صيدلية هارون بالتحديد لشراء الدواء المطلوب".
وأشار إلى أن صيدلية هارون هي الوحيدة في المدينة التي تحوي الأدوية المفقودة، مضيفاً "جميع الأطباء يحددون ذات الصيدلية لتعاملهم معها وأخذ نسب على الوصفات".
وذكر أبو محمد أنه كان يشتري إبرة "الفوستان" بـ2500 ليرة، أما اليوم، وبعد عناء "شديد"، يحصل على واحدة مقابل 15000 ليرة سورية.
بدوره أكد سامر (مستعار)، وهو طبيب في مشفى تشرين الجامعي، نفود أدوية التخدير والأمراض المزمنة من المشفى، مبيناً أن إجراء أي عملية جراحية أو تنظير هضمي يحتاج لتخدير عام، وأن تأمين الأدوية المخدّرة والمسكّنة، أثناء وبعد العملية، من مسؤولية ذوي المريض، إذ يُعطون وصفة مختومة، وعليهم شراءها من خارج المشفى.
وأضاف أنه لا يوجد بالمشفى سوى أدوية السيتامول الوريدي والسيرومات، أما باقي الأدوية العلاجية للأمراض المزمنة أو مصابي الكورونا، فيتحمل مشاق الحصول عليها ذوو المريض.
وسبق أن هددت معامل الأدوية الخاصة بوقف إنتاج الدواء نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأوليّة، ومختلف التكاليف الثابتة للإنتاج.
وكان قد دعا" المجلس العلمي للصناعات الدوائيّة" التابع لنظام الأسد إلى ضرورة "التدخّل السريع" من وزارة الصحّة لزيادة أسعار العديد من الزمر الدوائية، نتيجة الصعوبات التي تواجه المعامل فيما يتعلق بارتفاع أسعار تكاليف الإنتاج.