تشهد الحدود اللبنانية السورية موجة جديدة من اللجوء السوري، هرباً من الأزمة الاقتصادية في سوريا، بعد دفع مبالغ طائلة للمهربين، بهدف البحث عن عمل وحياة أفضل، في حين تتصاعد الضغوط السياسية الداخلية وسط مطالب لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة لوقف موجة اللجوء الجديدة.
وقال وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، عصام شرف الدين، في حديثه لصحيفة "صوت كل لبنان" أن "عدد النازحين القادمين إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية لا يمكن تقديره بدقة"، مشيراً إلى ضرورة تعاون البلديات في هذا السياق.
وفيما يتعلق بملف اللاجئين السوريين، أعلن شرف الدين نيته تقديم هذا الملف لمناقشته في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وأعرب عن انتقاده للتجاوزات في وجود اللاجئين وقال إن "الحكومة تتعاطى بخجل مع هذا الملف".
وأضاف "عدد النازحين القادمين عبر المعابر الشرعية في شهر آب فقط، وصل إلى 8 آلاف، ومنذ بداية العام تجاوز الـ 20 ألف نازح".
وأوضح أن "إمكانيات الجيش اللبناني للسيطرة على الحدود ضعيفة نظراً لنقص عدد العناصر، وعدم وجود تعاون مع الجانب السوري لضبط الحدود".
وأعرب عصام شرف الدين عن استعداده لزيارة سوريا بموجب قرار من الحكومة اللبنانية، مؤكداً أن الحكومة لم تتخذ أي قرار بذلك حتى الآن.
وفي ختام حديثه، طالب شرف الدين وزير الداخلية بسام مولوي بالتعاون لاتخاذ إجراءات لمعاقبة أي شخص يقوم بمساعدة لاجئ جديد دخل إلى لبنان خلسة، مشيراً إلى أنه قد طلب عقد جلسة لمجلس الأمن المركزي، ولكن لم يتم التجاوب حتى الآن.
ومن جانبه حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اليوم، من أن أكثر من ألف لاجئ سوري يفرون كل أسبوع إلى لبنان بسبب الأوضاع الاقتصادية والمالية المتدهورة في بلادهم، "وقد يخلقون اختلالات قاسية يمكن أن تؤثر على التوازن الديمغرافي في لبنان".
وأضاف ميقاتي أن ما يثير القلق بشأن تدفق اللاجئين هو أن معظمهم من فئة الشباب والشابات، بالإضافة إلى الانتماء الديني، حيث إن الغالبية العظمى من القادمين هم من "المسلمين السنة".
جهود للحد من العبور
وبحسب ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط قال مصدر أمني في شرق لبنان "إن الجيش اللبناني، ومن خلال فوج الحدود البري، وبمساعدة دوريات من المخابرات، تمكن من ضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية، وأقام الحواجز الموازية للطرقات الدولية في البقاع الشمالي منعاً لدخول موجات جديدة من اللاجئين، بعدما شهد الأسبوع الماضي انفلاتاً أمنياً.
وأكد المصدر "أن الهاربين إلى لبنان هم مِن جميع المناطق السورية دون استثناء"، ما ينفي تصريحات ميقاتي حول أن غالبيتهم من السنة.
وفي نهاية آب الماضي، أفادت مصادر أمنية بأن الجيش اللبناني بدأ بتعزيز وجوده على طول الحدود اللبنانية السورية المقدرة بأكثر من 350 كيلومتراً لمكافحة التهريب وضبط الحدود.
ضغوط سياسية داخلية
في ظل تصاعد موجة اللجوء السوري إلى لبنان هرباً من الأزمة الاقتصادية في سوريا، تتصاعد الضغوط السياسية الداخلية على الحكومة اللبنانية لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمنع التسلل من سوريا.
وقال حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، أنه لم يلمس أية خطوات عملية تؤكد سعي الحكومة لإنهاء أزمة اللجوء السوري فى لبنان، مشيرا إلى أن المطلوب بالتوازي مع منع التسلُّل من سوريا باتّجاه لبنان، العمل على إعادة اللاجئين من لبنان باتّجاه سوريا.
وطالب باتخاذ كل التدابير اللازمة والضرورية والملحَّة وبكل دقة لمنع أي تسلل من سوريا وتحديداً من الجهتين الشمالية والشرقية من الدخول إلى لبنان".
ومن جهته، أكد النائب سامي الجميل أن اللبنانيين "قدموا كثيراً من التضحيات منذ 12 سنة لتأمين ملاذ للسوريين، وهم يطالبون اليوم بوضع حد لهذه الأزمة وعودتهم إلى بلدهم أو إعادة توزيعهم على دول أخرى تشارك لبنان العبء الذي لم يعد باستطاعته أن يتحمله منفرداً".
بدوره، قال النائب رازي الحاج "لا ينفك المهربون السوريون عن الاحتيال وابتداع الوسائل كي يستطيعوا تنفيذ عمليات تهريب الأشخاص كما البضائع"، وأضاف "لطالما طالبنا الدولة اللبنانية، واليوم أكثر من أي يوم مضى، نطالب بضبط الحدود البرية الشرعية وغير الشرعية".
وتابع الحاج "آن الأوان لتنفيذ هذه الإجراءات واتخاذ خطوات جدية في هذا المجال، وعمليات التهريب واحدة من أبرز علامات تحلل الدولة في القيام بواجبها"، سائلاً "إلى متى سيستمر هذا التعاطي اللامسؤول مع هذا الملف، ولبنان لم يعد يتحمل هذا التدفق من السوريين، ونحن بأمسّ الحاجة لعودة مئات الآلاف القابعين هنا منذ سنوات".
السبب الرئيسي للجوء: الوضع الاقتصادي في سوريا
تدهورت الظروف المعيشية في سوريا حيث ارتفعت الأسعار بشكل جنوني بعد قرار رئيس النظام السوري في آب الماضي مضاعفة أجور القطاع العام ومعاشات التقاعد، وأدت الأزمة إلى احتجاجات في المناطق الجنوبية وأكبرها في محافظة السويداء.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 90% من السكان يعيشون في فقر، في ظل ارتفاع جنوني في أسعار المنتجات كافة، وانخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 15 ألف ليرة.
وتتراوح كلفة رحلة العبور التي يدفعها الأشخاص للمهربين، بحسب مصادر أمنية بين 100 إلى 600 دولار، وفق قوانين الرحلة، سواء أكانت في قافلة، أو عمليات نقل فردية، أو حتى في سيارة المهرب نفسه.
بينما يستخدم بعض الذين يدخلون إلى لبنان، البلد كممر للترانزيت إلى الدول الأوروبية وتركيا ومصر أو اليونان، عن طريق البحر والمطار، وتتولى أمورهم عصابات تعمل على تأمين السكن لهم في لبنان قبل إكمال رحلتهم.
عمليات إحباط لدخول اللاجئين
وفي بيان للجيش اللبناني اليوم، "أحبطت وحدات من الجيش، محاولة تسلل نحو 1200 سوري، في إطار عمليات مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة اللبنانية – السورية، بتواريخ مختلفة خلال الأسبوع الحالي".
وفي نهاية آب الماضي، أفادت مصادر أمنية بأن الجيش اللبناني بدأ بتعزيز وجوده على طول الحدود اللبنانية السورية المقدرة بأكثر من 350 كيلومتراً لمكافحة التهريب وضبط الحدود.
ويعلن الجيش اللبناني، أسبوعياً عن أعداد المحاولات التي تم إفشالها، في 27 آب، أعلن إحباط محاولة تسلل نحو 850 سورياً بطريقة غير شرعية خلال أسبوع، في إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة، بتواريخ مختلفة خلال الأسبوع المنصرم.
وفي الأسبوع السابق، أعلن الجيش اللبناني، إحباط محاولة تسلل 700 سوري بطريقة غير شرعية عبر الحدود.
وتمتد خطوط التهريب على مساحة كبيرة، وتبدأ من الصويري جنوباً في البقاع الغربي، إلى أقصى شمال شرقي لبنان، وعلى كامل المنطقة الحدودية في الشمال.
ومن المرجح أن تشهد الحدود السورية اللبنانية المزيد من محاولات التسلل في الأسابيع القادمة، في ظل عدم وجود حل سياسي للأزمة السورية.