منحت أبرشية "سانت ريجينا" الكاثوليكية في بلدة درينشتاين فورت بولاية شمالي الراين غربي ألمانيا، اللجوء الكنسي لشاب سوري يبلغ من العمر 20 عاماً، ونجحت في منع ترحيله من قبل السلطات إلى بلغاريا.
ووفق صحيفة (wa) الألمانية فإن الشاب السوري محمد خير العلي المنحدر من مدينة دمشق، والذي يُقيم منذ سبعة أسابيع داخل الكنسية، بات بإمكانه الآن تقديم طلب لجوء رسمي من جديد في ألمانيا دون التعرض لخطر الترحيل إلى بلغاريا.
وفي بلدة تيلشته التي نُقل إليها بعد تقديمه طلب اللجوء، لم تتمكن الكنيسة من منحه اللجوء الكنسي بسبب أعمال الترميم، لذلك لجأت سوزانه فيبر فيل من "جمعية التفاهم الدولي" إلى منظمة "الصداقة الألمانية-الأجنبية" (DAF) والقس يورغ شلومر من أجل مساعدة الشاب.
وقال القس شلومر إنه "كان سعيداً بالمساعدة، خاصة وأن الشاب السوري مهدد بالترحيل إلى بلغاريا، حيث المعاملة غير إنسانية هناك". ومع ذلك، لم يتمكن من إعطاء موافقته دون موافقة الأبرشية.
وأوضح شلومر أن "الأبرشية لا توافق إلا إذا كان اللجوء الكنسي مبرراً قانونياً وله احتمالات نجاحه، وكان هذا هو الحال بالنسبة لمحمد خير العلي، الذي كانت لديه آفاق مستقبل جيدة في ألمانيا".
"رحلة لجوء شاقة"
وأشارت الصحيفة إلى أن وراء الشاب السوري رحلة هروب مرهقة أقدم عليها بسبب الحرب والخوف من التجنيد الإجباري في جيش النظام السوري. حيث هرب أولاً إلى تركيا سيراً على الأقدام بمفرده ثم واصل رحلته سيراً على الأقدام إلى بلغاريا حيث اضطر إلى تقديم طلب لجوء، ومن هناك سافر إلى صربيا وأخيراً إلى النمسا، وهناك ألقت الشرطة القبض عليه واقتادته إلى مركز لجوء، لكنه بعد أسبوع واحد فقط، في تشرين الثاني الماضي، وصل إلى ألمانيا بالسيارة.
وفي بلدة درينشتاين فورت، لم يجد مكاناً للإقامة فحسب، بل وجد أيضاً الدعم والمساعدة، فقد اعتنت به عائلة باربرا وإدغار كولمان وأولادهما، في حين قدم له آنزيلم ريشارد دروساً في اللغة الألمانية، كما حصل على المشورة والدعم المالي من مؤسسة "DAF".
ويقول القس شلومر "أنا ممتن لأي مساعدة، لأن طالب اللجوء لا يحتاج فقط إلى مكان للعيش فيه، بل يحتاج أيضاً إلى التواصل الإنساني والدعم". ويود محمد خير العلي أن يتعلم اللغة الألمانية أولاً حتى يتمكن في وقت لاحق من إكمال برنامج تدريب مهني ربما كميكانيكي سيارات.
ارتفاع طلبات اللجوء الكنسي في ألمانيا
وشهدت مؤخراً أعداد طلبات اللجوء الكنسي في ألمانيا ارتفاعاً ملحوظاً، إلا أن ذلك لم يمنع السلطات من تنفيذ عمليات ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم. وسجلت البيانات الصادرة عن المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين 1514 طلب لجوء كنسي خلال عام 2023، متجاوزاً عدد الحالات المسجلة في السنوات السابقة.
ومع ذلك، على الرغم من ارتفاع عدد طلبات اللجوء إلى الكنيسة، فإن عدد أولئك الذين منحتهم ألمانيا حق اللجوء بلغ تسعة فقط في عام 2023. وذكرت السلطات أن غالبية المتقدمين بطلبات للحصول على اللجوء الكنسي، كانوا يفعلون ذلك لتجنب إعادتهم إلى البلد الأول الذي وصلوا إليه داخل الاتحاد الأوروبي، وفقاً لاتفاقية دبلن، وغالباً ما تكون هذه الدول هي بلغاريا، اليونان أو إيطاليا، وهي دول تعاني من ظروف صعبة ومن مشكلات في التعامل مع تدفق اللاجئين.
ما هو اللجوء الكنسي؟
لتجنب ترحيلهم، يلجأ عدد من طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم في ألمانيا، إلى الكنائس، إذ يمكن للكنيسة أن تؤويهم إذا هُددوا بالترحيل، ويقيم هؤلاء تحت رعاية وحماية إحدى الأبرشيات، وهذا الإجراء المؤقت هدفه تفادي الترحيل، ويمتد لعدة أشهر في معظم الأحوال، غير أن المدة قد تتفاوت بحسب وضع الشخص.
ومنذ بدء تطبيق "اللجوء الكنسي" في ألمانيا، ظلت هذه القضية موضع نقاش داخل الكنائس، في حين أصبح التركيز منصباً في الغالب على إيواء اللاجئين الذين يواجهون خطر إعادتهم إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، بعد أن كان الأمر في السابق يشمل حمايتهم من خطر ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، وهو الأمر الذي كان يتطلب بقاءهم داخل الكنائس لفترات طويلة.