يستمر الغزو الروسي على أوكرانيا منذ 24 شباط الماضي، مخلفاً ضحايا بين صفوف المدنيين، ودماراً في البنية التحتية للمدن الأوكرانية الكبرى، وهو ما يشبه فعل الآلة الحربية الروسية في حربها على المدنيين في سوريا لقمع الثورة السورية المستمرة منذ قرابة 11 عاماً.
وفي هذا الشأن، أجرى تلفزيون سوريا لقاء مسجلاً مع السفير الأوكراني في أنقرة، فاسيل بودنار، تحدث فيها عن النقاط المشتركة بين الملفين السوري والأوكراني في مواجهة روسيا، وسلط الضوء على الأزمة الإنسانية التي يعاني منها المدنيون الأوكرانيون منذ بداية الغزو الروسي للبلاد.
وأشار بودنار في لقائه المتلفز على شاشة تلفزيون سوريا، إلى أن أكبر مشكلة تواجه أوكرانيا هي الأزمة الإنسانية الحالية التي أثرت على كثير من الأوكرانيين، واصفاً قوات الجيش الروسي بـ "القوات الإرهابية"، وأضاف: "أوكرانيا تعاني حالياً على المستوى الإنساني، هناك الملايين من البشر تركوا البلاد وهاجروا عبر الحدود، والكثيرون يعانون في المدن الأخرى، والكثير من الأطفال قتلوا ويعانون من الجوع".
وشبه بودنار، حالة الحرب الحالية بحالة الحرب الحاصلة في سوريا: "الطائرات الروسية التي تحلق على مسافات منخفضة في أوكرانيا يشبه ما يحصل في سوريا خلال الأزمة السورية، ولكن ما نواجهه في بلادنا هو أننا نتعرض لحرب مفتوحة تشنها دولة واحدة عبر هذا الغزو".
وتابع : "روسيا تعتدي دائماً على جيرانها، وهذا ما حدث في سوريا، حيث استخدمت مزاعم كاذبة لتحقيق أهدافها في الداخل الروسي، وهم يردون بطريقة عدوانية جداً" وأضاف: "إن روسيا تكرر ما فعلته في المدن الكبرى في سوريا، ولكن العقاب سيأتي على روسيا على ما فعلته في سوريا، وعلى ما تفعله الآن في أوكرانيا".
وأكد بودنار في حديثه لتلفزيون سوريا على "تدهور" القانون الدولي في مواجهته الغزو الروسي لبلاده: "إن النظام الدولي لا يستطيع أن يحافظ على السلم الدولي عبر إيقاف هذه الحرب، كما أن المنظمات الدولية لا تستطيع أن تساعدنا بشكل كامل في حفظ السلام والتوصل إلى هدنة لإيقاف إطلاق النار".
وعبر بودنار عن فشل روسيا في حملتها العسكرية على أوكرانيا بالقول: "لم تستطع روسيا أن تسيطر على البلاد بشكل كامل حتى الآن، كما أن حكوماتنا تعمل بشكل كامل وبكفاءة عالية لإيقاف هذا العدوان" وأضاف: "نحن مستعدون للدفاع عن أراضينا وبلادنا وتحقيق النصر، والقوات الروسية لم يعد لديها أي طموح للاستحواذ على الأراضي من جديد".
التجربة السورية.. أوجه الشبه والخلاف
وفي حديثه عن الاستفادة من التجربة السورية في مواجهة القوات الروسية في سوريا، اعتبر السفير بودنار أن المقاربة بين الوضع السوري والأوكراني مختلفة بسبب أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا واسعة النطاق: "إن مساحة العدوان في أوكرانيا أكبر، ولذلك هو مختلف عما حدث في سوريا، حيث كبدنا العدو الروسي خسائر كبيرة في عتاده العسكري، نحن نقوم الآن بإسقاط طائرات العدو الروسي، واستطعنا تدمير آلياته العسكرية".
"لن نستقبلكم بالورود"
وأشار بودنار إلى أن النظام السوري هو من قام باستقدام الروس لمساعدته في قتل المدنيين السوريين، وهو الفارق الأهم بين الملفين، ولكن أحد أهم أوجه الشبه، هو أن روسيا دمرت البنية التحتية وقتلت المدنيين في كلا البلدين.
ووصف بودنار استقدام الروس لمقاتلين سوريين ووضعهم في مواجهة القوات الأوكرانية بالفكرة "المجنونة" وبأنها تظهر فشل روسيا في السيطرة على أوكرانيا، ناصحاً القوات السورية بعدم القدوم إلى أوكرانيا: "نصيحتي لمن يرغب في التجنيد إلى جانب روسيا، بأننا لن نستقبلكم بالورود، بل ستقتلون، هنالك كثير من الجنود الروس الذين سقطوا ضحايا في هذه المعمعة".
وفي سؤاله عن احتمالية استقدام مقاتلين سوريين من المعارضة السورية للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية، أجاب بودنار بأن الحكومة الأوكرانية منفتحة على جميع الاحتمالات للدفاع عن بلادها ووحدة أراضيها، حيث إنهم يقومون بحرب دفاعية لا هجومية: "علينا أن ندافع عن أنفسنا وأن نقبل أي معدات أو جنود يمكن إرسالهم إلينا لضمان أمننا واستقلالنا، لذلك لا يهمنا من سيأتي أو سيذهب من السوريين، المهم لدينا أن نصد العدوان الروسي".
التعاون السوري الأوكراني
واعتبر بودنار أن وجود تعاون بين المعارضة السورية والحكومة الأوكرانية من الممكن أن يكون داعماً لما تقوم به أوكرانيا في محاسبة روسيا على جرائمها في كلا البلدين: "يعد هذا الأمر رافداً لما نقوم به لمحاكمة روسيا، حيث سيرى القاضي بأن هناك تشابهاً بين ما فعلته روسيا في سوريا وفي أوكرانيا، وهذا ما سيضعف موقف روسيا في محاكمتها".
وأضاف: "نحن لا نرفض التنسيق مع المعارضة السورية لتقديم ملفات جرائم روسيا إلى المحاكم الدولية، ولكنا نعتقد بأننا يجب أن نقدم هذه الملفات بصورة منفصلة، والقضاة سيدرسون كل حالة على حدة، ثم يجمعونها في حالة واحدة كبيرة".
الدور التركي
وأشاد بودنار بمساعي تركيا الدبلوماسية التي تبذلها من أجل حل الأزمة: "إننا نقدر الجهود التركية التي تبذل من أجل أوكرانيا، ونتمنى أن تستمر، ويسعدنا أن نتعاون مع تركيا في هذا السياق".
وتطرق بودنار إلى الاجتماع الثلاثي الذي عقد برعاية وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، والذي جمع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، ووزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا في أنطاليا: "أعتقد بأن الاجتماع الثلاثي في أنطاليا هو بداية العملية الدبلوماسية، ونحن ممتنون جداً لعملية الوساطة التي تقوم بها تركيا، والتي لم تحاول دول أخرى القيام بها، فالمفاوضات كانت صعبة جداً، وهذه هي البداية، ونرى أن هذه العملية الدبلوماسية يجب أن تستمر للوصول إلى حل سلمي".