تنطلق الأحد القادم في 20 من تشرين الثاني في قطر نهائيات النسخة الثانية والعشرين من بطولة كأس العالم لكرة القدم بمشاركة 32 منتخباً بينها 4 منتخبات عربية وصلت إلى المونديال بجدارة.
في هذا المونديال توجد قطر لكونها البلد المضيف، والسعودية بعد أن تصدّرت مجموعتها في الدور النهائي من التصفيات الآسيوية، والمغرب عقب تجاوز الكونغو الديمقراطية في الدور الحاسم من تصفيات أفريقيا، التي شهدت أيضا تأهل تونس على حساب مالي.
القرعة التي سُحبت مطلع نيسان لم تكن رحيمة بالمنتخبات العربية ووضعتها في مجموعات شرسة بجانب منافسين أقوياء، ما يجعل مهمة العبور إلى الأدوار القادمة صعبة جداً.
العنابي القطري
يمتلك المنتخب القطري فرصة كبيرة لتحقيق إنجاز لافت في أول ظهور له في النهائيات العالمية، لما سيحظى به من دعم جماهيري غير محدود على أرضه.
كما تتوفر رغبة كبيرة في تقديم صورة لائقة على المستطيل الأخضر تكمل المشهد الرائع الذي صنعته الدوحة من ملاعب ومشاريع عظيمة جعلت الكثير يتنبأ بنسخة مونديالية مميزة.
ويخوض "العنابي" البطولة في المجموعة الأولى بجانب هولندا وصيف بطل العالم ثلاث مرات وصاحبة الخبرة الكبيرة في المحافل العالمية، والسنغال المتوج بكأس الأمم الأفريقية الأخيرة، والإكوادور رابع أمريكا اللاتينية.
لدى قطر تشكيلة قوية لفتت الأنظار عقب التتويج بلقب كأس آسيا صيف 2019 بقيادة المدرب الإسباني فليكس سانشيز، الذي وصل إلى الدوحة عام 2006 للتدريب في أكاديمية "أسباير" التي خرج منها معظم نجوم الكرة القطرية حالياً.
سانشيز عمل على بناء منتخب قوي تمكن من حصد لقب كأس آسيا للشباب تحت 19 عاماً، قبل أن يتسلم الإدارة الفنية للمنتخب الأول مطلع تموز 2017، خلفا للأوروغوياني خورخي فوساتي الذي استقال في 13 من حزيران 2017.
بلاعبين أمثال أكرم عفيفي والمعز علي وبو علام خوخي وحسن الهيدوس وصلاح زكريا وعبد العزيز حاتم وغيرهم كثيرين، لن يقتصر طموح قطر على تقديم أداء "مشرّف" والاكتفاء بالمنافسة على إحدى بطاقات العبور لدور الـ 16، حيث بذل الاتحاد القطري جهداً جباراً في إعداد منتخب يبحث عن التميز على أرضه وبين جماهيره.
واستعد "العنابي" خلال 12 عاماً لكل أنواع المنافسين، وخاض 22 مباراةً دوليةً بين رسمية وودية في 2021، ولعب هذا العام مباريات تحضيرية عديدة فاز في آخرها على بلغاريا بهدفين لواحد.
المواجهة الافتتاحية في المونديال ضد الإكوادور تمثل بالنسبة للمنتخب القطري الخطوة الأهم لتجاوز دور المجموعات، فالفوز بها سيمنح كتيبة سانشيز دافعة كبيرة قبل الاصطدام بالسنغال ومحاولة تحقيق نتيجة إيجابية أمام هولندا في الجولة الأخيرة.
الأخضر السعودي
سيكون وجود المنتخب السعودي في الجارة قطر هو السادس في النهائيات العالمية منذ الظهور الأول في الولايات المتحدة الأميركية عام 1994.
ويطمح رجال المدرب الفرنسي هيرفي رينارد إلى تكرار إنجاز أول مشاركة لهم، حين بلغ "الأخضر" دور ثمن النهائي متصدرا مجموعة كانت تضم أيضا هولندا وبلجيكا والمغرب، قبل أن تُقصيه السويد.
لكن أمام المنتخب السعودي مهمة صعبة لبلوغ مراده، إذ يوجد في المجموعة الثالثة مع الأرجنتين المتوجة بلقب كوبا أميركا 2021 والمكسيك الموجودة بشكل شبه دائم في العرس العالمي وبولندا بمجموعة من اللاعبين المحترفين في أندية أوروبية كبرى يتقدمهم المهاجم روبرت ليفاندوفسكي أفضل لاعب في العالم عام 2021، بحسب تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
ستقاتل الأرجنتين دون شك لعدم تفويت فرصة الوجود الأخير لنجمها الأول ليونيل ميسي في البطولة لكي تنال اللقب الغائب عن خزائنها منذ 36 عاماً، لذلك فهي صاحبة الحظ الأوفر لتصدر المجموعة، في حين ستكون المنافسة كبيرة على البطاقة الثانية بين بولندا والمكسيك والسعودية التي تعتبر الأقل حظاً.
رينارد الذي دائماً ما قدّم منتخبات قوية صنعت المفاجآت في البطولات القارية يذهب إلى قطر مع لاعبين متطورين بقيمة ياسر الشهراني ومحمد كنو وسالم الدوسري والموهوب فراس البريكان.
وهي أسماء قادرة على صنع الفارق، خصوصاً وأن "الأخضر" سيستفيد من القرب الجغرافي من مكان إقامة الحدث العالمي وسيحظى بدعم جماهيري سعودي وعربي كبير قد يكون ميزة فارقة لصالحه.
نسور قرطاج
فرضت القرعة على منتخب تونس الوجود في مجموعة صعبة جدا تضم حامل اللقب المنتخب الفرنسي والدنمارك القادمة للمنافسة بتشكيلة مميزة بجانب أستراليا المنافس الأسهل.
الحضور في مونديال قطر هو السادس لـ"نسور قرطاج" بعد أعوام 1978 و1998 و2002 و2006 و2018، ولم يسبق له أن تجاوز الدور الأول، والظهور الأبرز كان بمونديال الأرجنتين حين حقق التونسيون أول فوز للعرب في النهائيات العالمية بتغلبهم على المكسيك بثلاثة أهداف لواحد.
مهمة الوصول إلى ثمن نهائي المونديال لأول مرة في التاريخ لن تكون بالأمر السهل على كتيبة جلال القادري، في ظل رغبة فرنسا بالحفاظ على لقبها وطموح الدنمارك في مواصلة تألقها في المحافل الكبيرة بعد أن بلغت نصف نهائي بطولة أمم أوروبا الأخيرة "يورو 2020".
ويعول التونسيون في تجاوز الدور الأول على نضج كروي وتكتيكي جيد تمتلكه أسماء اعتادت على اللعب مع بعضها البعض منذ فترة طويلة أمثال يوسف المساكني وفرجاني ساسي المحترفين في الدوري القطري ونجمي الأهلي والزمالك المصريين علي معلول وسيف الدين الجزيري ونعيم السليتي لاعب الاتفاق السعودي.
كما أظهر "نسور قرطاج" إمكانيات كبيرة في التصفيات الأفريقية المؤهلة للنهائيات تمثلت بدفاع قوي متماسك تلقى هدفين فقط وقدرة كبيرة على تحقيق النتائج الإيجابية في أصعب المواقف أمام مالي مثلا في الدور الحاسم، وفي بطولة كأس العرب خسرت تونس لقبها أمام الجزائر.
أسود الأطلس
بعدما اصطدم بمنتخبي إسبانيا والبرتغال في النسخة الماضية وقبلها مع البرازيل في 1998 وهولندا وبلجيكا في 1994 وإنجلترا وبولندا والبرتغال في 1986، وجد المنتخب المغربي نفسه مرة أخرى في مجموعة صعبة تضم بلجيكا العامرة بنجوم عالميين وكرواتيا وصيفة بطل العالم وكندا التي تشارك للمرة الثانية في تاريخ البطولة.
يمتلك المغرب منتخبا يضم عناصر مميزة محترفة في أندية أوروبية مرموقة، وإذا ما استطاع وليد الركراكي، الذي تسلم الإدارة الفنية قبل نحو 3 أشهر، التغلب على الزمن وإعداد عناصره بالشكل المطلوب فإنه سيخلق مشكلات كبيرة أمام أقوى المنافسين.
ويحلم المغاربة أن يكرر منتخبهم إنجاز 1986، حين انتزع صدارة المجموعة بتعادلين وانتصار على البرتغال بثلاثة أهداف لوحد، ليبلغ دور الـ 16 قبل أن يودع المونديال بهزيمة صعبة أمام ألمانيا الغربية بهدفٍ وحيد أحرزه لوثر ماتيوس في الدقيقة 87.
مع وجود لاعبين بقيمة ياسين بونو حارس مرمى إشبيلية ويوسف النصيري المهاجم في النادي الأندلسي وأشرف حكيمي نجم باريس سان جيرمان وسفيان مرابط متوسط ميدان فيورنتينا وسفيان بوفال المحترف في فرنسا مع إنجيه وحكيم زياش لاعب تشيلسي ونصير المزراوي مدافع بايرن ميونخ، قد يتحول حلم "أسود الأطلس" إلى واقع جميل، خصوصاً وأنَّ الكرة المغربية تعيش فترة ذهبية على مستوى المشاركات القارية للأندية.
ومن المنتظر أن يكون لتتويج الوداد الرياضي بلقب دوري أبطال أفريقيا ونهضة بركان بكأس الكونفدرالية أثر إيجابي في رفع مستوى المنتخب المغربي وإعطاء الركراكي خيارات إضافية مهمة في مونديال قطر 2022.