يزيد شهر آب الضغوطات الملقاة على عاتق السوريين، بسبب غلاء في الأسعار وتردي الوضع المعيشي، فسابقاً كان السوريون يتنفسون الصعداء مع نهاية شهر أيلول، شهر تحضير مؤونة الشتاء ولوازم المدارس ولكن مع انهيار الاقتصاد أصبح الشهران يشكلان بؤسا للسوريين في مناطق سيطرة النظام.
أيلول شهر المدارس في سوريا
تفتح المدارس في مناطق سيطرة النظام أبوابها مع بداية شهر أيلول ولذلك على جميع الأهالي أن يجهزوا كل لوازم أبنائهم خلال شهر آب، ليستطيعوا تدبر أمور المؤونة في شهر أيلول، رغم صعوبة ذلك.
تحاول "ربيعة" ربة منزل وموظفة في القطاع العام باللاذقية، أن تقتصد في مصاريفها قدر الإمكان، فهي والدة لطفلين في المرحلة الابتدائية وعليها تحضيرهما جيداً للمدرسة، فبدأت بشراء حاجيات المدرسة منذ بداية فصل الصيف. بداية اشترت الحقائب المدرسية في شهري أيار وحزيران، ثم اشترت لباس المدرسة في حزيران وفي شهر آب اشترت القرطاسية، تقول لموقع تلفزيون سوريا "لم أجد وسيلة أخرى، لن أستطيع الاشتراك في جمعية والمعاناة لعدة أشهر، هكذا أشتري غرضاً كل شهر وأريح نفسي من العناء".
حسب ربيعة كثير من الأمهات والآباء يفعلون الشيء ذاته ليؤمنوا حاجيات أولادهم، فيتراوح سعر الحقيبة المدرسية من 20 ألف للنوع قليل الجودة حتى 50 ألف ليرة سورية للنوع المتوسط وتصل حتى 70 ألفا في بعض المحال التجارية، وهو ما لا يتناسب مع دخل المواطن السوري. عدا عن سعر لباس المدرسة الذي لا يقل عن 15 ألف ليرة سورية. وبحساب بسيط إن أرادت أسرة لديها طفلان في المدرسة شراء هذه اللوازم في شهر واحد فعليها التخلي عن راتب شهر كامل، باعتبار أن متوسط الرواتب في سوريا للعاملين في القطاع العام نحو 100 ألف ليرة سورية.
ولكن، لا يستطيع جميع الأهالي شراء هذه اللوازم من محال تجارية فيقصدون أسواق الأغراض المستعملة أو سوق الجمعة المنتشر في كل المدن، أو حتى استعارة هذه اللوازم من أقاربهم إن كانت بحالة جيدة وقابلة للاستخدام.
ولا تنتهي معاناة المدارس عند شراء اللوازم ولكن هنالك مشكلة يعاني من يسكن بعيداً عن المدرسة وخصوصاً في الأرياف أو في المدن نفسها، فعلى الأهالي تأمين وسيلة نقل تقل أطفالهم للمدرسة وتعيدهم إلى المنزل خاصة إن كانت أعمارهم صغيرة. وتتراوح الأجرة شهرياً للطالب الواحد من 20 ألف حتى 30 أو 35 ألفا ذهابا وإيابا.
وحسب "نمير" والد طفل في الصف الثالث الابتدائي، فهو يصرف تكاليف "مخيفة" ليتعلم ابنه في مدارس الدولة "المجانية"، ويتابع قائلا "أشعر أنني سأدفع رواتب المدرسين، إنه لمن المعيب على الدولة أن تستمر بإعطائنا مثل هذه الرواتب وفوقها يستمرون بتكرير أكذوبة التعليم المجاني". يعلم نمير أنه لا يشتري كتباً خلال المرحلة الابتدائية إلا في حال تم تسليم ابنه كتاباً مهترئاً، لكن في المرحلة الإعدادية والثانوية سيضطر لشراء الكتب وبأسعار مخيفة.
ويصل اليوم قسط دور الحضانة في مرحلة ما قبل المدرسة في مدينة جبلة واللاذقية لـ 700 ألف ليرة سورية من دون أجرة التوصيل ومع الأجرة تصل لمليون ليرة، هذا عدا عن أقساط المدارس الخاصة التي لا تقل عن مليون ونصف مليون ليرة سورية.
المؤونة في سوريا.. عودة للطرق القديمة
في وقت سابق اعتمد السوريون على الثلاجات لحفظ مؤونة الشتاء، فيقومون بتفريزها وتخبئتها للشتاء وتوفير ثمنها المرتفع خارج موسمها.
ونتيجة لانقطاع التيار الكهربائي في سوريا وعدم القدرة على الاستفادة من البرادات اضطر السوريون لاستخدام طريقة أجدادهم في تحضير المؤونة.
تقول "أم عبد" الستينية إنها اعتادت مع أمها في صغرها على تجفيف كثير من المواد الغذائية واستخدامها في فصل الشتاء وباتت تلك الطرق قديمة وغير مستخدمة مع توافر الكهرباء في سوريا. لكن مع تغير الأحوال عادت لطرق والدتها وجدتها، فباتت تجفف البندورة والبامية والبازلاء والباذنجان في محاولة لتأمينها في فصل الشتاء وعدم شرائها بأسعار مرتفعة خارج مواسمها.
وتستطرد "اضطررنا للعودة للوراء، أي شيء قابل للتجفيف نجففه، فمنذ عامين خسرنا كل مؤونتنا بسبب الكهرباء". وتستخدم أم عبد طرقاً كتخليل ورق العنب أو كبسه من دون هواء ضمن أواني زجاجية، وغيرها من الطرق التي استخدمها أهل زمان.
كثير من السوريين اليوم اضطروا للتخلي عن كثير من أصناف المائدة السورية كالمكدوس وغيره، وحتى زيت الزيتون والزيتون نفسه، فقد وصل سعر لتر زيت الزيتون العام الفائت لـ نحو 15 ألف ليرة سورية ومن غير المعروف كم سيصل سعره هذا العام، ولكن جميع السوريين يصمدون بشكل أو بآخر داعين أن تنتهي معاناتهم قريباً.