icon
التغطية الحية

تدوير لوازم التعليم عنوان العام الدراسي الجديد في حماة

2020.10.17 | 13:02 دمشق

7ca9c709-5f7f-46fd-b7be-bf2465f0c7da.jpg
أحد محال القرطاسية في مدينة حماة - الإنترنت
حماة - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

بعيداً عن الحرب وتداعياتها، يشكّل فصل الخريف عبئاً على الأسر السورية ذات الدخل المحدود، والذي تعتبره النسوة فصل الاستعداد للشتاء والمدارس، حيث تتوزع مهامهن ما بين تجهيز المؤن الغذائية، وتعزيل المنازل وفرشها بالسجاد، وصولاً إلى ما كان يعرف بـ"الاشتراك بجمعية" طيلة فصل الصيف تخصص لشراء لوازم المدارس من قرطاسية وملابس وغيرها.

اليوم، وبعد مرور عشر سنوات على الحرب في سوريا، ما تزال تلك الأسر تعيش طقوس الخريف وعبئه، لكن بظروف أشد قساوة وصعوبة، تصل حد المعاناة الشديدة في كثير من الأحيان، ما دفع بهم لابتكار وسائل وطرق عديدة تساعدهم على تأمين على لوازم الشتاء بأقل التكاليف الممكنة.

وفي ظل غلاء الأسعار والضائقة الاقتصادية التي يعيشها السوريون باتت القرطاسية وحاجيات المدارس أشبه بالكماليات أمام اللوازم المعيشية الأخرى المفروضة عليهم، كإيجارات السكن والمؤن الغذائية والمصاريف العلاجية.

 

لوازم التعليم رفاهية في الوقت الحاضر

"أصحاب المعامل هم من يحددون الأسعار ويتحكمون بنا وبالزبائن"، يعزي أبو خالد، صاحب مكتبة عريقة في وسط مدينة حماة، غلاء أسعار القرطاسية بتحكم أصحاب المعامل في حلب ودمشق بتلك الأسعار المرتفعة.

ويضيف أبو خالد "ليس في مدينة حماة معامل أو مصانع للقرطاسية، فهي تأتي من محافظات أخرى، ويضاف على تكاليف توريدها الربح الذي نتقاضاه نحن كأصحاب المكتبات، ليصبح من الطبيعي أن يجد المستهلك الأسعار مرتفعة".

78c39497-7414-4cd3-85b8-ab39a168aa6c.jpg
مكتبة قرطاسية في مدينة حماة

 

أحمد، وهو رب عائلة في مدينة حماة وأب لثلاثة أولاد، عانى كثيراً لتأمين القرطاسية المدرسية لأطفاله الثلاثة في ظل الظروف المعيشية القاسية، والتي جعلت من لوازم التعليم رفاهية في الوقت الحاضر، يقول أحمد "كنا نشتري دفتر الـ 50 ورقة في العام الماضي بـ 200 ليرة سورية، اليوم أصبح ثمنه 600 ليرة، ودفتر 200 ورقة كان ثمنه 950 ليرة، اليوم أصبح بـ 2500 ليرة، والقلم الأزرق كان بـ 50 ليرة، اليوم ثمنه 200 ليرة".

وأشار أحمد إلى أن "الأسعار أصبحت شبه خرافية مقارنة بالعام الماضي، ما جعلني أخرج ابني الأكبر من المدرسة وقطعه عن التعليم، ليعمل ويساعدني في تأمين لوازم أخويه".

في المقابل، خبأت فريال، وهي أم لطفلين، بعض القرطاسية من العام الماضي بعد توقف التعليم إثر جائحة "كورونا" لتجد نفعها اليوم مع بداية العام الدراسي، وتستعين بها ليبدأ طفلاها تعليمهما.

تقول فريال "مزّقت بعض الأوراق المستخدمة دفاتر العام الماضي ودعّمتها بغلاف كرتوني جديد، ليكمل أطفالي استخدامها هذا العام، إضافة إلى بعض الأقلام والتي مكّنتنا من الالتحاق بالمدرسة دون مصاريف كبيرة ربما لشهرين قادمين"، وأضافت فريال "أنا سعيدة بذلك لا سيما أن لدي مصاريف أخرى كتأمين مونة الشتاء الغذائية لعائلتي".

وأصبحت عبارة "عملتنا نازلة والدولار مرتفع" الأكثر شيوعاً بين السوريين التجّار في السنوات الأخيرة، وبحسب فريال فإنه "إذا بدنا نشتري كيلو بطاطا لازم نسمعها، فما بالك بلوازم التعليم"، حيث يعزي بعض أصحاب المكاتب غلاء أسعار القرطاسية لهبوط العملة السورية أمام ارتفاع الدولار.

 

تدوير الحقائب من الملابس

بسبب هذا الغلاء الباهظ بأسعار القرطاسية والكتب ولوازم المدارس، لجأت الغالبية العظمى من أهالي مدينة حماة، لا بل وربما عموم سوريا، للتدوير، المهارة التي أعانت الكثير من العائلات على استكمال تعليم أطفالهم بأبسط التكاليف وضمن الظروف والإمكانيات المتاحة.

وتتراوح أسعار الحقائب متوسطة الجودة اليوم ما بين 10 إلى 14 ألف ليرة سورية، ويعتبر هذا رقماً كبيراً لعائلة لديها أكثر من طفل ملتحقين بالمدارس، ولديهم لوازم مدرسية أخرى من قرطاسية وألبسة وغيرها.

تقول أم العبد، وهي سيدة نازحة من الرقة إلى حماة، "اليوم أصبح الجميع فقراء، من الصعب تأمين الحقائب والألبسة والأشياء الأخرى المتعلقة بالتعليم، فأجرة البيت هي أولى أولوياتنا، لذلك لجأنا لتدوير الألبسة القديمة وتحويلها إلى حقائب، إضافة إلى شراء الكتب المستعملة، والتي تعتبر أقل ثمناً من الكتب الجديدة بخمسة أو ستة آلاف ليرة".

أم وليد من أشهر الخياطات في مدينة حماة، تقول إنها باتت تصادف الكثير من الزبائن الراغبين بتحويل الألبسة القديمة إلى حقائب، ما دفعها للتفرغ لهذا العمل في موسم المدارس.

تقول أم وليد "لم تعد الأمهات تتخلص من الملابس القديمة، وخاصة بنطلونات الجينز، أقوم بتحويلها إلى حقائب مدرسية جميلة مع إكسسوارات جذابة، تمنح الأطفال المقبلين على العام الدراسي الجديد بعض الفرحة، إضافة إلى تحويل الملابس الكبيرة لملابس أصغر لأطفال المدارس".

4e70231a-c370-4051-a9d3-03d2bd9d1b7811.jpg
حقيبة صنعتها أم وليد من خلال تدوير ألبسة قديمة - تلفزيون سوريا
4e70231a-c370-4051-a9d3-03d2bd9d1b78111.jpg
حقيبة صنعتها أم وليد من خلال تدوير ألبسة قديمة - تلفزيون سوريا
4e70231a-c370-4051-a9d3-03d2bd9d1b781.jpg
حافظة أقلام "مقلمة" صنعتها أم وليد من خلال تدوير ألبسة قديمة - تلفزيون سوريا

 

وداد إحدى زبائن أم وليد، تقول "أجمع بنطلونات أولادي الجينز وأحولها بمساعدة الخياطة لحقائب مدرسية، ثم أبيعها بأسعار معقولة للعائلات متوسطة الدخل والفقيرة".

السوريون، ورغم ظروفهم المعيشية الصعبة وما يلاقونه من شظف العيش، إلا أن التعليم لا يزال يحتل مكانة كبيرة فيما بينهم، خاصة أن غالبية العائلات والأسر قد فقدت الكثير ولم يبق أمامهم سوى التعليم متاحاً، ويمكن تحصيله بدرجات عالية مع بذل المزيد من الجهد.

 

 

اقرأ أيضاً: مليون ليرة كلفة دراسة الطالب الواحد في دمشق سنوياً