أجرت وكالة أنباء "تسنيم" المقربة من "الحرس الثوري الإيراني"، مقابلة مطوّلة مع من وصفتهم بـ أحد المختصين في الشؤون الإقليمية (مسعود أسد اللهي)، ليتحدث في جزء من هذه المقابلة المطولة، التي تمحورت أسئلتها الأساسية حول الحالة السورية ومآلاتها وحركة التطبيع العربي مع نظام الأسد؛ وعن مجموعة الأخبار التي تزامن نشرها مع مغادرة قائد القوات الإيرانية في سوريا، العميد جواد غفاري، وزيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى سوريا.
واستهلت الوكالة مقابلتها التي عنونتها بـ"لماذا تغير قائد المستشارين الإيرانيين في سوريا؟ وداعٌ حارّ للمسؤولين والشعب السوري مع العميد غفاري"، بتصريح لـ مسعود أسد اللهي ينفي فيه التحليلات التي نشرت حول إقالة غفاري بطلب من وزير الخارجية الإماراتي وبأمر من رئيس النظام بشار الأسد.
تطرق مسعود أسد اللهي في البداية بالحديث عن خلفية العميد جواد غفاري وتاريخ ذهابه للقتال والمناصب التي تولاها في سوريا، قائلاً: "كان سيد جواد الغفاري ثالث قائد للقوات الإيرانية في سوريا منذ بداية الأزمة في البلاد. تولى في البداية قائد قاعدة دمشق ثم تولى قيادة قاعدة حلب، وفي السنوات الأخيرة كان القائد العام للمستشارين الإيرانيين وحلفاء إيران مثل حزب الله وفاطميون في سوريا".
العميد غفاري.. صاحب الفترة الأطول في قيادة القوات الإيرانية في سوريا
وفي قسم آخر من الحديث يحاول أسد اللهي أن يجيب عن سؤال لـ تسنيم يتعلق بـ "تغيير جواد غفاري" وتزامن ذلك مع "بعض التطورات الأخيرة واستغلال بعض وسائل الإعلام لهذه القضية"، ليقول: "بعد أن بدأت الأزمة في سوريا، وبعد عدة أشهر من اكتساب هذه الأزمة بعداً عسكرياً، كان أول قائد لقواتنا الاستشارية في سوريا هو العميد حسين همداني، المعروف بأبي وهب، حيث تولى هذا المنصب في شهر شباط 2012، وبعد عامين أصبح في موقف صعب إذ كانت العاصمة دمشق معرضة لخطر السقوط".
ويضيف: "كان حضوره مؤثراً للغاية وبمرافقة ومتابعة سليماني نجحوا في تكوين وتجهيز قوات الدفاع الوطني وأنقذوا العاصمة، وأمنوا طريق المطار، وأخيراً تم فتح طريق خناصر وفتح طريق حلب، وبعد عامين انتهت مهمته، وبعد وداعه، جاء العميد أسدي (العميد محمد جعفر أسدي) ليحل مكانه".
وفي تتمة حديثه يقول أسد اللهي: "تولّى أبو أحمد ( العميد محمد جعفر أسدي) القيادة لمدة عامين من عام 2013 حتى عام 2016، إلى أن تم تحرير نبل والزهراء، وبعد ذلك انتهت مهمته، لكن لم يتم الحديث حينئذ في الإعلام عن تولّي كلّ من حسين همداني ومحمد جعفر أسدي قيادة القوات الإيرانية في سوريا ولا عن أسمائهما، وحتى مقتل همداني، لم يتمّ الإعلان عَلناً عن مسؤولياته في سوريا".
وأضاف أسد اللهي: "في الفترة الأخيرة من تولي أبو أحمد للقيادة، ولأن عمليتي نصر 1 (عمليات ريف حلب الجنوبي) ونصر 2 (عمليات فك الحصار عن نبل والزهراء) كان من المقرر إجراؤها، طلب سليماني من همداني أن يكون حاضراً في الميدان كقائد للعملية، فقبل وقُتل بعدها خلال العمليات. أي أن مقتله حدث بعد أن كانت مهمة قيادته للقوات الإيرانية قد انتهت".
مقتل سليماني أخّر انتهاء مهمة غفاري عام 2020
يقول أسد اللهي: "في فبراير 2016، وبعد تحرير نبل والزهراء انتهت مهمة أبو أحمد، وبدأت مهمة جواد غفاري، الذي أصبح قائد مجموعة المستشارين، وكان المقرر أن تنتهي مهمته في بدايات عام 2020".
وأشار أسد اللهي إلى أن "مهمات جواد غفاري تركزت في عمليات تحرير حلب، ودير الزور والميادين والبوكمال والانتصار على (داعش)"، مضيفاً: "كان من المقرر أن تنتهي مهمته في بدايات عام 2020، لكن مقتل قاسم سليماني في بداية الشهر الأول من عام 2020 على يد المجرم ترامب، أخرت موضوع نقله بسبب تداعيات هذا التطور والوضع الجديد".
وينقل أسد اللهي عن جواد غفاري قوله حينذاك: "ليس من المناسب أن تتم عملية النقل هذه حتى تستقر الأوضاع".
ويتابع أسد اللهي حديثه قائلاً: "بعد عام ونصف، وبعد أن استقرت الأوضاع، تقرر تنفيذ خطة التحول هذه".
وعن المناصب التي تولاها غفاري في سوريا، يقول أسد اللهي: "نظراً لأهمية حلب، اقترح قاسم سليماني على غفاري أن ينتقل من قيادة قاعدة دمشق إلى قاعدة حلب، ونجحوا في وضع خطة لفتح طريق حلب - خناصر، وتمركزوا في حلب، وبعد ذلك تولى غفاري قيادة القوات الاستشارية في عام 2016".
وعن مراسم وداع جواد غفاري، صرّح أسد اللهي لوكالة أنباء تسنيم: "تم ذلك بنفس الطريقة السابقة غير الإعلامية، وتم توديع جواد غفاري، والتعريف بأخ جديد (قد يقصد تعيين قائد جديد للقوات الإيرانية)، وتم إعلام المسؤولين السوريين بهذا الأمر. كما تم عقد مراسم الوداع بحضور مجموعات الدفاع الوطني وبقية المجموعات الأخرى وبعض الأهالي من مختلف الشرائح الاجتماعية. ولأن علاقات غفاري الشعبية العامة كانت كبيرة ولم تقتصر على علاقته مع مسؤولي نظام الأسد، كان يحب دوماً الانخراط في نقاشات اجتماعية ليرى ما هي مشكلات الناس".
وفي قسم آخر من حديثه، يدّعي أسد اللهي أن جواد غفاري كان "يتمتع بشعبية خاصة بدأت من حلب وامتدت لتمام الجغرافيا السورية بعدها".
أعطينا الأعداء الفرصة لتنفيذ عمليات الحرب النفسية ضدنا
ويتابع أسد اللهي حديثه قائلاً: "أقام وزير دفاع النظام العماد علي أيوب حفلًا في مقر وزارة الدفاع لإبراز الشكر والتقدير للعميد غفاري على جهوده بحضور كبار ضباط الجيش السوري والإخوة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، لكن للأسف لم يتم الحديث عن ذلك في الإعلام. ومن عيوب عملنا أنه لم يكن لدينا تواصل وارتباط إعلامي مرفق، وعندما نحن لا نتحدث حول الموضوع، فإننا نمنح العدو الفرصة لتحويله إلى عملية نفسية".
وحول تزامن انتشار خبر طرد غفاري من سوريا مع زيارة وزير الخارجية الإماراتي لدمشق، يقول أسد اللهي: "عندما أتى وزير خارجية دولة عربية والتقى بشار الأسد علناً، فإن الفصيل والجماعة التي سعت لتغطية هذه الهزيمة، احتفظت بنبأ تغيير القائد الإيراني، لتعلنه فور زيارة وزير الخارجية الإماراتي لدمشق. وزعموا أن قائد القوات الإيرانية قد تم فصله، وأن هذا كان الإنجاز الأول لزيارة وزير الخارجية الإماراتي لسوريا، لكن الأمرين لا علاقة لهما ببعضهما بعضاً، لأن عملية النقل تمت قبل شهر".
وفي ختام حديثه يقول أسد اللهي: "في العرف الدبلوماسي، إذا أرادت دولة ما طرد أحد الأجانب من أراضيها يمنحونه مدة 48 ساعة كحد أقصى لمغادرة البلاد، ولا يتركونه يقيم في البلاد لمدة شهر ويسافر في جميع أرجائها ويقيم مختلف أنواع الاحتفالات العامة والرسمية. وهذا يدل على أن خبر طرد غفاري من سوريا كاذب، لكن علينا الاعتراف بأن مسؤولينا لا يعرفون بعد دور الإعلام جيداً، وقدمنا فرصة للعدو، والآن علينا أن نعلن عن الموضوع بشكل سلبي وبانفعالية إعلامية، وآمل أن يكون هذا درسًا لنا في أن يكون لدينا ارتباط إعلامي وأن نأخذ زمام المبادرة للإعلان عن ذلك بأنفسنا".