أنهت بولندا حالة الطوارئ المفروضة على حدودها يوم الجمعة الماضي، حيث أعادت فتح قطاع بري بموازاة حدودها مع بيلاروسيا أمام الغرباء، وذلك لأن تلك المنطقة المعزولة التي تم إنشاؤها قبل عشرة أشهر منعت المنظمات الإغاثية والجهات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني من رؤية ما يحدث في تلك البقعة من الحدود، حيث يحاول المهاجرون وطالبو اللجوء في معظم الأحيان قطع الحدود للوصول إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن حالة الطوارئ جعلت من مساعدة الناس الذين تقطعت بهم السبل في الغابات جريمة يعاقب عليها القانون.
في الوقت الذي يعتبر فيه إنهاء حالة الطوارئ تطوراً إيجابياً، ماتزال الأزمة الإنسانية على الحدود مستمرة، ولهذا يتعين على السلطات البولندية أن تعمل على حماية حقوق هؤلاء المهاجرين وطالبي اللجوء، إلا أن تلك السلطات أبقت القيود المفروضة على عمليات العبور ضمن منطقة تبعد مسافة مئتي متر عن الحدود البيلاروسية، كما شارف الجدار الذي شيدته تلك السلطات وطوله 187 كم على الانتهاء.
بيد أن أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء الواصلين إلى بيلاروسيا ماتزال تشهد ارتفاعاً، وليس هنالك أي مبرر للاعتقاد بأن الجدار سيمنع الناس من الفرار بسبب الحرب أو الاضطهاد أو أي تهديد آخر في محاولة الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
يذكر أن الرئيس البيلاروسي ألكساندر لوكاشينكو شجع في آب 2021 أي مهاجر على السفر إلى بيلاروسيا حتى يصل إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وذلك رداً على العقوبات التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي على بيلاروسيا. ومنذ ذلك الحين، سافر الآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء، بينهم سوريون وعراقيون ويمنيون وأفغان ليصلوا إلى الحدود البيلاروسية-البولندية. إلا أن معظمهم منعوا من فرصة التقدم بطلب لجوء في الاتحاد الأوروبي، وذلك لأن خفر الحدود البولندي، وفي خرق للقانون الدولي، أخذ يمنع الواصلين من الدخول فور وصولهم، وقد تمت تلك العمليات بشكل عنيف في بعض الأحيان. وبالنتيجة، بقي الآلاف من البشر محتجزين في تلك المنطقة الحدودية بين بولندا وبيلاروسيا في ظل ظروف مرعبة، كما تعرض هؤلاء لإساءات وانتهاكات لحقوق الإنسان، شملت الاغتصاب والضرب والسرقة والابتزاز والمعاملة اللاإنسانية وذلك على يد خفر الحدود البيلاروسي وغيره من قوات الأمن.
وفي تناقض صارخ، تم الترحيب بما يزيد عن مليوني أوكراني هارب من الحرب بحرارة وبكل كرامة وذلك على الحدود الأوكرانية-البولندية.
إلا أن القدرة على الوصول إلى نظام اللجوء في بولندا لا بد وأن تبدأ بتقديم طلب للحصول على الحماية الدولية، بصرف النظر عن لون البشرة أو الدين أو الجنسية. كما يجب على السلطات أن تضمن عدم تعرض أي شخص يحاول الدخول إلى البلاد لأي إساءة أو انتهاك لحقوقه، بحيث يسمح لكل من يرغب بالتقدم بطلب لجوء أن يفعل ذلك بموجب إجراءات عادلة لا تخضع لأي تمييز.
المصدر: هيومان رايتس ووتش