عاد الهدوء من جديد إلى مدينة الصنمين شمالي درعا بعد يوم من الاشتباكات بين مجموعتين مسلّحتين محلّيتين راح ضحيتها 19 شخصا، جلّهم من أبناء المدينة باستثناء اثنين من خارجها. في حين كشفت مصادر مشاركة تنظيم داعش في المذبحة.
وكانت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة وقواذف RPG اندلعت صباح أمس الأحد في حي الجورة بمدينة الصنمين، بعد هجوم شنته مجموعة مسلّحة يتزعمها محسن الهيمد ترتبط بفرع الأمن العسكري ضد مجموعة أخرى يتزعمها أحمد اللباد الملقب بالشبط وترتبط بفرع أمن الدولة.
وأحصى موقع تجمع أحرار حوران 19 قتيلاً من جرّاء الاشتباكات بين الطرفين، منهم 12 شخصاً من مجموعة اللباد، و5 مدنيين من أقارب اللباد، قُتلوا على يد عناصر مجموعة الهيمد بعد اقتحامهم الحي، في حين سجل مقتل عنصرين اثنين من مجموعة الهيمد في الاشتباكات المسلحة.
وعرف من بين القتلى المدنيين والد اللباد وشقيقاه طفلان، عثر الأهالي على جثثهم متفحمة داخل منزلهم بعد حرقه بالكامل من قبل عناصر الهيمد، وقتل كل من عمّه وشقيقته نتيجة إعدامهم ميدانياً بالرصاص بعد اعتراض طريقهم من قبل عناصر الهيمد.
وأصيب العديد من المدنيين بجروح متفاوتة من بينهم نساء وأطفال برصاص عناصر مجموعة الهيمد والتي تمكنت من السيطرة على حي الجورة وأقدمت على حرق العديد من منازل عناصر مجموعة اللباد بعد نهبها وسرقتها.
وقال مصدر محلي في مدينة الصنمين لموقع تلفزيون سوريا إن مجموعة الهيمد انسحبت من حي الجورة مساء أمس وتركت خلفها انتهاكات جسيمة بحق المدنيين من أقارب مجموعة اللباد، بعد أن نفذت عمليات إعدام ميداني بحق عناصر مجموعة اللباد.
وجاء الانسحاب بعد أن أنهت مجموعة الهيمد على مجموعة "الشبط" بشكل كامل، في حين لا يزال قائد المجموعة مع مرافقه متوارين عن الأنظار، وفقاً للمصدر.
وأفاد المصدر بعدم دخول أي جهة لوقف الانتهاكات التي ارتكبتها مجموعة الهيمد، على الرغم من مناشدات أطلقها الأهالي لكل من اللواء الثامن واللجان المركزية بوجوب الدخول إلى المدينة ومنع تصاعد حد الانتهاكات.
وأضاف بأن عناصر الهيمد انتشروا عند مساجد المدينة منذ ظهر اليوم الإثنين ومنعوا الأهالي من إذاعة أسماء القتلى على مكبرات الصوت، ثم سمحوا بالإذاعة عبر مسجد واحد دون ذكر الأسماء.
مجزرة الأطفال.. واتهامات متبادلة
واندلعت الاشتباكات بعد يوم واحد من اتهامات متبادلة بين المجموعتين بوقوف إحداها خلف تفجير العبوة الناسفة في حي المجبل بمدينة الصنمين، أول أمس، والتي أودت بحياة 7 أطفال كانوا يلعبون بالقرب من منازلهم.
وخرج "اللباد" بشريط مصوّر نفى أي علاقة لمجموعته بالوقوف خلف التفجير الذي استهدف الأطفال، مشيرًا إلى أنّ هؤلاء الأطفال من أبناء عمومته وأقاربه.
التنظيم يشارك في الاشتباكات
مصادر خاصة أفادت موقع تلفزيون سوريا بمشاركة عناصر من تنظيم الدولة "داعش" من خارج الصنمين إلى جانب مجموعة الهيمد، بعضهم كانوا يرتدون لباساً أسود.
وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء العناصر شوهدوا في أثناء تنقلهم بين أحياء المدينة، وفي أثناء نقلهم جثث القتلى إلى منطقة قريبة من مشفى الصنمين العسكري، بالقرب من حاجز عسكري يقع على مفرق قرية قيطة.
وتعرف مجموعة الهيمد بارتباطها الوثيق مع تنظيم داعش، إذ عملت في السابق على تأمين الحماية والتنقل لعدد من قيادات التنظيم من بينهم أسامة العزيزي الذي كان يشغل منصب "والي حوران" لدى التنظيم، ونائبه أبو علي الغريب، وقيادات أخرى في التنظيم.
امتيازات خاصة للهيمد من الأمن العسكري
وفي الوقت ذاته تحظى المجموعة بامتيازات كبيرة من قبل شعبة المخابرات العسكرية التابعة للنظام السوري التي تقدم لها الدعم اللامحدود منذ عام 2020 بهدف تنفيذ عمليات تصفية اغتيالات بحق معارضين للنظام، وشخصيات موالية يريد النظام التخلص منها.
وتعمل أجهزة النظام الأمنية بشكل متكرر على تحريض مجموعات مسلّحة ضد أخرى في محافظة درعا، يُراد منها حدوث نزاعات عشائرية تُسفر عن مزيد من الخلافات العشائرية يكون النظام المستفيد الأول منها.
ويبلغ تعداد عناصر مجموعة الهيمد ما يزيد عن 100 عنصر، وتتألف من مجموعات صغيرة يقودها ثلاثة أشخاص: أسامة محمد العتمة الملقب بـ "الإتس"، عبد الله العتمة المعروف محلياً بـ "عبد الله الضايع"، وهشام العثمان المعروف محلياً بـ "هشام الكشكي".
وسبق أن قالت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا إن شعبة المخابرات العسكرية أعطت التعليمات لمجموعة الهيمد بإنهاء وجود أفراد مجموعة اللباد واستغلال حادثة مقتل الأطفال السبعة التي لم يتم التحقيق في ملابساتها بعد ولا حتى الكشف عن الجهة المنفذة للتفجير.
من جهته، قال موقع تجمع أحرار حوران إن "مجموعة الهيمد تُتهم بتنفيذ عشرات عمليات الاغتيال لصالح جهاز الأمن العسكري في منطقة الصنمين، بعضها طالت شخصيات معارضة للنظام وأخرى موالية يُريد النظام التخلص منها"، مضيفاً أن "النظام يقدم كافة التسهيلات لتحرك عناصر مجموعة الهيمد إضافة لعلاج الجرحى ضمن مشفى الصنمين العسكري ومشافي العاصمة دمشق".
وتشهد محافظة درعا فلتاناً أمنياً وعمليات اغتيال متواصلة، يوجّه الأهالي اتهامات تطول مجموعات محلية مدعومة بالسلاح والمال والبطاقات الأمنية من قبل أجهزة أمن النظام السوري، في حين يوجّه آخرون اتهامات لقيادات تعمل لصالح تنظيم الدولة "داعش" على اغتيال شخصيات من اللجان المركزية واللواء الثامن.