أعلن خبير الآثار وعالِم المصريات زاهي حوّاس أنه على بعد أسابيع من اكتشاف مومياء الملكة الحسناء "نفرتيتي" المفقودة منذ أكثر من 3 آلاف عام.
ويرجّح حواس الذي شغل منصب وزير الدولة لشؤون الآثار في مصر سابقاً، أن المومياء التي يدرسها حالياً قد تعود إلى الملكة المصرية القديمة. وفي حال كانت كذلك، فسيكون حوّاس قد حقق أحد أهم الاكتشافات الأثرية في هذا القرن، وربما أهم اكتشافاته الشخصية على الإطلاق.
وأكّد الباحث حواس في حديث لصحيفة El Independiente الإسبانية بأنه سيكشف عن مومياء نفرتيتي "في غضون شهر أو شهرين". وذلك على خلفية اكتشاف مومياوات جديدة في مقبرة وادي الملوك الشهيرة بالقرب من مدينة الأقصر بمصر.
ويعد مثوى نفرتيتي الأخير، زوجة الملك أخناتون (أمنحوتب الرابع) وشريكته في الحكم منذ أكثر من 3000 عام، أحد أعظم الألغاز في مصر القديمة.
ويُعتقد أن تلك الملكة التي كانت والدة (عنخ إسن آمون) زوجة الملك الشاب (توت عنخ آمون)، قد حكمت مصر لفترة وجيزة بعد وفاة زوجها عام 1335 قبل الميلاد. إلا أن علماء الآثار لم يعثروا على رفاتها أبداً، وكان مكان دفنها الأخير موضوع نقاش ساخن.
وخلال بحثه الذي أجراه في وادي الملوك، يقول حواس: "لدينا الآن حمض نووي من مومياوات الأسرة الثامنة عشرة، من أخناتون إلى أمنحتب الثاني أو الثالث. وهناك مومياوتان لم يقع التعرف عليهما تحملان اسم: KV21a و KV21b. وفي تشرين الأول المقبل سنكون قادرين على الإعلان عن اكتشاف مومياء عنخ إسن آمون، ووالدتها نفرتيتي. وهناك أيضا في المقبرة المومياء KV35، وهي مومياء صبي يبلغ من العمر 10 سنوات".
وأضاف: "إذا كان هذا الطفل شقيق توت عنخ آمون وابن أخناتون فإن المشكلة التي طرحتها نفرتيتي ستحل. أنا متأكد من أنني سأكشف أن أحد هذه المومياوات التي لم يقع كشف هويتها بعد يمكن أن تكون نفرتيتي".
وأطلق حواس بدعم من فريق مصري مكون من علماء في المصريات، مشروعه للعثور على رفات نفرتيتي في عام 2017. وقال حواس حينذاك: "هذه هي المرة الأولى التي تقود فيها بعثة مصرية أعمال التنقيب في الموقع الأثري بوادي الملوك، حيث دائما ما كانت تعمل هناك بعثات أجنبية".
من هي نفرتيتي؟
نالت نفرتيتي (ويعني اسمها في المصرية القديمة: الجميلة قادمة) الكثير من اهتمام الآثاريين والمهتمين بمتابعة علوم التاريخ والآثار، نتيجة تمثالها النصفي الشهير المعروض اليوم في متحف Neues في برلين بألمانيا، والذي تظهر فيه ملامح الملكة الحسناء بصورة واضحة. وقد تم اكتشافه عام 1912م، ويُعتقد أنه نُحت نحو عام 1340 قبل الميلاد.
وتظهر نفرتيتي أيضاً في العديد من الرسوم الجدارية والنقوش إلى جانب أخناتون، الذي يعد صاحب أول ديانة توحيدية في مصر القديمة، وذلك بعد إلغاء عبادة جميع آلهة مصر، بما فيها الإله آمون، والاكتفاء بعبادة (آتون) الذي يُرمز له بقرص الشمس.
وترجح بعض المصادر أن نفرتيتي تنحدر من أصول سورية، وبالتحديد من مملكة (حوري- ميتاني) التي حكمت مناطق واسعة من سوريا وشمالي بلاد الرافدين والأناضول، وكانت ملكة إلى جانب أخناتون منذ عام 1353 إلى عام 1336 قبل الميلاد، وربما استمرت في حكم مصر بنفسها بعد زوجها. وكان الزوجان يتمتعان بالسلطة في واحدة من أكبر وأقوى الإمبراطوريات على الإطلاق خلال فترة ازدهارها في عصر الأسرة الـ18 التي أعقبت خروج الهكسوس من مصر (وقد ضمت أشهر ملوك مصر القديمة مثل: أحمس الأول- تحتمس الثالث- أمنحوتب الرابع- توت عنخ آمون... وغيرهم)
وعلى الرغم من عقود من البحث، لم يتمكن العلماء من اكتشاف مومياء نفرتيتي بعد. وتقول إحدى النظريات الشائعة حولها، إنها دفنت في حجرة سرية داخل قبر صهرها الملك توت عنخ آمون الذي توفي عن عمر يناهز 19 عاماً، ومجمّع دفنه صغير بشكل استثنائي بالنسبة لملك، ما دفع بعض الخبراء إلى التكهن بأن أجزاء منه لم تكتشف بعد.
إلا أن حواس نفى مثل هذه المزاعم. وقال في تصريح له العام الماضي: "لا يوجد دليل علمي يثبت النظرية القائلة بأن الملكة نفرتيتي دفنت داخل مقبرة توت عنخ آمون. وأضاف: "نعتقد أن نفرتيتي يمكن أن يكون دفنها قد تم في الوادي الغربي بجوار مقبرة الملك أمنحتب الثالث".