تسلّمت عائلة في حي الدعتور بمدينة اللاذقية، أواخر العام المنصرم، جثّة ابنتها التي اختفت بظروفٍ غامضة، قبل أربعة أشهر، لتكشف هذه القصة عن تزايد عصابات الخطف في المنطقة التي باتت تُعرف بـ"شيكاغو سوريا".
وبحسب مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا فإنّ الفتاة (زينة.ح) البالغة من العمر 19 عاماً، اختفت من منزلها في حي الدعتور فجأة ومن دون سابق إنذار، وسط محاولات عائلتها البحث عنها، قبل أن تعود إليهم جثّة.
وأعلنت "داخلية النظام" أنّ الفتاة زينة اختُطفت من أمام منزلها في حي الدعتور عبر "ميكرو باص" (سرفيس) من قبل شخص (مواليد 1978)، ونُقلت إلى منزل في حي سقوبين على أطراف مدينة اللاذقية.
وأشارت المصادر إلى أنّ جريمة الخطف اشتركت فيها زوجة الفاعل وشخص آخر يدعى "غدير"، وكان الهدف منها استغلال الفتاة لأعمال "الدعارة"، حيث بقيت طوال أربعة أشهر في ذلك الجحيم، ولم تتمكّن أجهزة أمن النظام من العثور على الفتاة.
وانتهت قصة الفتاة بالوفاة بعد تعرّضها لأزمة صحية مفاجئة، نُقلت على إثرها إلى مستشفى تشرين الجامعي بهوية مزوّرة، وبعد التحقيقات في أسباب الوفاة اتضحت الجريمة وسُلّمت الجثّة إلى أهلها.
بحسب المصادر، فإنّ مأساة زينة واحدة من قصص عديدة حدثت، خلال الأشهر الأخيرة، لفتيات في مدينة اللاذقية كنّ ضحية انتشار عصابات الخطف و"الدعارة"، والتي تعود بمعظمها إلى قيادات سابقة في ميليشيات "الدفاع الوطني"، تعمل تحت غطاء أجهزة أمن النظام السوري، بعد سحب معظم حواجز النظام من داخل المدن وجعلها تحت سيطرة ميليشيا "الشبّيحة".
في مدينة جبلة جنوبي اللاذقية، وقعت حادثة مشابهة لقصة زينة، حيث عثر أهالي المدينة على جثة فتاة عشرينية في بناء ما يزال قيد الإكساء قرب مبنى البلدية.
وأكّدت مصادر محلية لـ موقع تلفزيون سوريا أنّ الضحية من مواليد 1996 من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب، و"عُثر على جثتها شبه عارية بعد تعرضها للاغتصاب ثم القتل، حيث ضُربت على الرأس".
وفي آخر الحوادث المسجّلة، أقدم رجل بالاتفاق مع زوجته على قتل امرأة خمسينية (جارتهما) بعدة طعنات بسكّين داخل منزلها ليلاً في منطقة الحفة بريف اللاذقية، وذلك بعد سرقة مبلغٍ من المال.
ورغم أن حوادث الخطف ليست جديدة في اللاذقية وانتشرت على نطاق واسع، منذ العام 2012، فإنّ الفئات المستهدفة توسّعت منذ ذلك الحين وكانت بداية تطول معارضين للنظام ثم فئة التجار وأصحاب الأموال، لكن اللافت في الفترة الأخيرة أنها باتت تستهدف نساء بهدف استغلالهن في أعمال منافية للأخلاق.
وقال الناشط الإعلامي في مدينة جبلة يوسف جبلاوي لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ عدة حالات خطف وقعت مؤخراً في المدينة، إحداها استهدفت طالبة مدرسة في محاولة لاستدراجها واختطافها عبر سيارة، مضيفاً أن "هذه الحوادث لا تخرج كثيراً إلى العلن لسببين: أوّلهما سطوة الميليشيات والأشخاص المسؤولين عن هذه الحوادث، والثاني هو حساسية الأمر عند العائلات وخوفهم من تأثير ذلك على سمعة ابنتهم".
وتابع: "إحدى الفتيات عادت بعد أربعة أشهر على اختطافها بعد مفاوضات طويلة، وتدخّل أشخاص من مناصب رفيعة كوسطاء، بعد أن نُقلت الفتاة إلى العراق بحجة أن أحد أفراد الميليشيات العراقية أُعجب بها وكان يريد الزواج منها، لكن أهل الفتاة رفضوا".
ويؤكّد "جبلاوي" أنّ "حوادث خطف الفتيات، خاصة الصغيرات، باتت مصدر رزق لميليشيات متنفذة في اللاذقية تعتاش على تجارة المخدرات والبشر، وغالباً ما تستغل الفتيات المختطفات في أعمال منافية للأخلاق وتنقل إلى محافظات أُخرى أو بلدان مجاورة مثل لبنان".
ويرى المحامي نديم عبد الجبار، أنّ الانفلات الأمني غالباً ما يرتبط بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأي مجتمع، وفي الساحل السوري فإنَّ ما يزيد الأمر هو كثرة المتنفذين والمسلحين الذين كانوا ينتمون للميليشيات، وهؤلاء تغضّ الأجهزة الأمنية العين عن جرائمهم، فضلاً عن زيادة عدد عناصر الميليشيات الأجنبية الذين باتوا يحظون بنفوذ واسع.
ويضيف: "معظم حوادث الخطف تكون مدروسة ويستخدم مرتكبوها أرقاماً أجنبية للتواصل مع الأهل لطلب الفدية، وفي حالات خطف الفتيات فإن الهدف يكون استغلالهن في أعمال الدعارة"، موضحاً أنّ "هذه العصابات مرتبطة بعصابات أخرى في لبنان وتنقل الفتيات عبر الحدود وهناك العديد من هذه الحالات خرجت للعلن مؤخراً".
يشار إلى أن سوريا تصدّرت المرتبة الأولى عربياً والثامنة عالمياً من بين 142 دولة، ضمن مؤشر الجريمة لعام 2023، وذلك بحسب موقع "نامبيو"، الذي يُعنى بتقديم بيانات عن معدلات الجريمة وجودة الرعاية الصحية.