icon
التغطية الحية

مشروع لتعليم الأطفال السوريين المتضررين من الزلزال اللغة العربية في شانلي أورفا

2024.06.28 | 12:32 دمشق

آخر تحديث: 28.06.2024 | 13:48 دمشق

أطفال سوريا في مركز تعليمي بشاونلي أورفا ـ خاص
أطفال سوريون في مركز تعليمي بشانلي أورفا ـ خاص
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

بعد تعرض ولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا لكارثتين طبيعيتين متتاليتين، زلزال 6 من شباط 2023 وما تلاه من  فيضان مدمر في المواقع نفسها التي ضربها الزلزال، برزت فكرة مشروع تعليمي يهدف إلى تقديم الدعم للأطفال السوريين المتضررين من الكارثتين.

مشروع تطوعي

حي السليمانية في مدينة شانلي أورفا (أورفة بالعربية، ومنها كنية أورفلي) الذي يضم عدداً كبيراً من السوريين، كان من أكثر الأحياء تضرراً من الكارثتين الطبيعيتين، اللتين خلفتا تحديات هائلة أمام الأسر السورية المقيمة فيه، خاصة فيما يتعلق بتعليم الأطفال.

جاءت فكرة المشروع بفضل مجموعة من المتطوعين السوريين الذين شعروا بضرورة التدخل لمساعدة الأطفال السوريين على تجاوز هذه المحنة، والمحافظة على حقهم في التعليم. حيث تعاونوا على وضع خطة لإقامة معهد تعليمي يهدف إلى تعليم الأطفال القراءة والكتابة باللغة العربية.

لم تكن الطريق سهلة، إذ واجه المشروع تحديات كبيرة بدءاً من الحصول على التراخيص والموافقات الرسمية، وصولاً إلى العثور على المكان المناسب الذي يراعي الجوار ويحتوي على التجهيزات اللازمة. واستغرق الأمر نحو ثلاثة أشهر من الجهد المستمر، بتمويل يعتمد بشكل رئيسي على التبرعات، حتى تمكن الفريق من افتتاح المعهد في 15 آب 2023 وأسموه معهد "العلا".

أطفال لا يعرفون اللغة العربية

تقول جهان خلف، مديرة المعهد لموقع تلفزيون سوريا: "مبادرتنا هي بعنوان إعادة الهوية العربية للطفل السوري في البداية استقبل المعهد نحو 48 طالبًا وطالبة، ثم ارتفع العدد تدريجيًا إلى 80 طالبًا، بينهم أيتام وأطفال يحملون الكمليك لكن وثائقهم الرسمية معلقة بسبب عدم وجود عنوان عقب الزلزال الذي دمر منازلهم وبالتالي يصنفون فاقدي عنوان ولا تستقبلهم المدارس الرسمية التركية. ومع بدء العام الدراسي وافتتاح المدارس التركية الحكومية، انخفض العدد نظرًا لصعوبة إلزام الأهالي لأبنائهم بالدوام في مدرستين".

وأضافت: "تم تقسيم الطلاب إلى ثلاث فئات بناءً على مستوى معرفتهم بالأحرف العربية، وليس بحسب العمر. لكل فئة يتم تدريس منهج خاص تحت إشراف مدرس لغة عربية. تشمل المناهج المطبقة 'لغتي الجميلة' للحلقة الأولى، ومنهج الحكومة السورية المؤقتة للحلقة الثانية، ومنهج 'قطر' للحلقة الثالثة. كانت النتائج مشجعة، حيث تقدم الأطفال إلى المرحلة الثانية وأصبحوا قادرين على القراءة والكتابة، مما حفز الفريق على الاستمرار في المشروع".

وتابعت الخلف حديثها قائلة: "في هذا الموسم، بدأ المعهد مرحلة جديدة باستقبال الأطفال من عمر 5 إلى 8 سنوات. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، أبرزها عدم وجود رواتب للمعلمين وضعف الإمكانيات، مما يجعل من الصعب تغطية تكاليف القرطاسية والاحتياجات الأساسية لكل الطلاب".

وأكد الأستاذ إبراهيم العلاوي مدرس مادة اللغة العربية في المعهد، على أهمية اللغة العربية وتحديات وضعها في تركيا بالنسبة للمهجرين، مشيرًا إلى أن الأطفال يتقنون اللغة التركية بينما يفتقرون إلى معرفة أساسية باللغة العربية، حيث قال: "ليس لديهم معرفة بحرف الألف من حرف الباء في اللغة العربية." وأكد ضرورة العمل من أجل تعزيز المهارات اللغوية لدى الأطفال، معتبرًا اللغة العربية لغة القرآن ولغتهم الأم، مشددًا على أهمية تشجيعهم على تعلمها.

وأضاف الأستاذ العلاوي أنه يجب على أسرهم أن تولي اهتمامًا خاصًا بتعليم اللغة العربية لهم، إلا أنه أبدى قلقه من نقص الاهتمام الذي يظهر من بعض أولياء أمورهم، حيث قال: "المهتمون بتعليم اللغة العربية لأطفالهم قليلون جدًا، وفي النهاية سيكون الطفل هو الضحية". وحذر من خطر أن ينشأ جيل جديد يجهل لغته الأم، معتبرًا ذلك كارثة لا يمكن تجاهلها.

أنشطة متنوعة

ويقول الأستاذ جاسم الويس، الدكتور في أصول الفقه الإسلامي، يعمل كمتطوع في المعهد منذ ثمانية أشهر: "انضممنا إلى هذا المعهد لتلبية حاجة الأطفال لتعلم القراءة والكتابة، حيث ركزنا على مبادئ "الرشيدي" بالإضافة إلى الإملاء والنحو وتصحيح مخارج الحروف في قراءة القرآن الكريم، خاصة جزء "عم”. بفضل الله، رأينا ثمار جهودنا، ونسعى الآن لتطوير التعليم معهم إلى مناهج أوسع وأشمل".

الأستاذ مزيد مهنا، مسؤول الأنشطة في المعهد، أكد أن هدفهم هو تعليم الأطفال من خلال الأنشطة المتنوعة. وأضاف أنهم قاموا بتنظيم زيارات إلى الملاعب والمتاحف والحدائق، بالإضافة إلى الأنشطة الداخلية في المعهد. وأوضح أن الطلاب بحاجة إلى دعم نفسي نتيجة للضغوطات التي تعرضوا لها، وأنهم تعلموا وحفظوا من خلال الألعاب.

وأشار الأستاذ مزيد إلى أنهم مستمرون في تحقيق هدفهم مع الأطفال، رغم التحديات العديدة التي يواجهونها. وأعرب عن أمله في أن تعمم فكرة تعليم اللغة العربية في كل مكان، مؤكدًا أن الأطفال أمانة في أعناق الجميع.

السيدة أم علي شلاش، وهي أم لأربعة أولاد، جميعهم طلاب في المعهد تقول: "بالنسبة لأولادها، كانوا لا يعرفون أي شيء باللغة العربية. ولكن بفضل جهود الأساتذة في المعهد، أصبحوا الآن قادرين على تهجئة الحروف من شاشة الهاتف الجوال ومن الكتب المتوفرة في المنزل”. وأضافت أن ابنتها كانت تكتب بيدها اليسرى، ولكن بفضل جهود الأساتذة في المعهد، أصبحت تكتب بيدها اليمنى.

وضمن الجهود المبذولة لتحسين مستوى التعليم لدى الأطفال التقى موقع تلفزيون سوريا بعدد من الطلاب في المعهد، حيث عبّروا عن تجاربهم وانطباعاتهم حول التعليم الذي يتلقونه. الطالبة إيلاف محمد، من طلاب الحلقة الثانية، قالت: "لم أكن أستطيع القراءة والكتابة لأنني لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة بسبب القيود، ولكنني تعلمت القراءة والكتابة هنا في المعهد. تعلمت كيف أكتب الإملاء وحفظت أناشيد وعدداً من سور القرآن الكريم".

الطالب عهد البخيت، من جانبه، قال: "تعلمت القراءة والكتابة وأتقنت نطق الحروف من مخارجها الصحيحة. كما أخذنا أحكام التجويد وقمت بتطبيقها، وذلك بفضل أساتذتي في المعهد. ولا أنسى متابعة أهلي لي ودعمهم المستمر".

وقالت الطالبة سيدرا علاء: "تعلمت القراءة والكتابة هنا بشكل جيد، وحفظت 20 سورة من جزء 'عم'. الآن أستطيع القراءة من أي كتاب أو قصة".