في غضون 36 ساعة، انتهت الانتفاضة المسلحة التي شنتها مجموعة فاغنر الرديفة للجيش ضد قيادة الجيش الروسي، بعدما أضحت تلك المجموعة على بعد 200 كلم تقريباً من موسكو، وذلك بعد اتفاق يقضي بنفي زعيمها المحكوم سابقاً، يفغيني بريغوجين، إلى بيلاروسيا.
غير أن مصير هذه المجموعة اليوم ومستقبلها بات معلقاً بين السماء والأرض، إذ يعتقد الخبراء بأن فشل التمرد يفضي إلى القضاء على هذا الجيش من المرتزقة، والذي لم يظهر في أوروبا الشرقية فحسب، بل أيضاً في أفريقيا والشرق الأوسط.
وفيما يلي بعض السيناريوهات التي يمكن أن تحدث لهذه المجموعة:
انضمام بعض عناصرها لـبريغوجين في بيلاروسيا
في خطاب للأمة ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مطلع هذا الأسبوع، ذكر بأن مقاتلي فاغنر سينضمون للجيش الروسي، أو سيلحقون بـيفغيني بريغوجين إلى بيلاروسيا، أو سيعودون إلى الوطن.
إذ هنالك نحو ألف مقاتل من فاغنر قرروا الرحيل إلى بيلاروسيا، بحسب ما أوردته محطة ميدوزا الروسية المستقلة، نقلاً عن مصدر في وزارة الدفاع الروسية.
بينما تقدر الاستخبارات البريطانية وجود قرابة ثمانية آلاف من المرتزقة الذين تورطوا في عملية الزحف نحو موسكو.
ومن جهته، ذكر الرئيس البيلاروسي أليكساندر لوكاشينكو في مؤتمر صحفي عُقد في بداية هذا الأسبوع بأنه عرض على مقاتلي فاغنر الاستقرار في قاعدة عسكرية مهجورة في بيلاروسيا، بحسب ما أوردته صحيفة الغارديان، من دون أن يتطرق لذكر عدد من وصلوا إلى بلده.
أما يفغيني بريغوجين فلم يعلق على قرار بعض مرتزقته الذين خططوا للحاق به إلى دولة مجاورة.
فيما قرر مقاتلون آخرون عدم المضي إلى بيلاروسيا أو الانضمام للجيش الروسي بحسب ما ذكره أحد مرتزقة فاغنر، الذي صرح لقناة ميدوزا بالقول: "لم يذهب الجميع مع بريغوجين، وذلك لأن بعض القطعات بقيت، والبعض مايزال في لوهانسك والدونباس، فيما ظل البعض في منطقة كراسنودار"، وتقع هذه المنطقة شمالي القوقاز أي جنوبي روسيا.
لن تعجب وزارة الدفاع الروسية مقاتلي فاغنر
يرى بعض الخبراء بأن أغلب مجندي فاغنر يرفضون القتال لصالح روسيا لأنها لا تدفع لهم رواتب عالية، في حين تدفع مجموعة فاغنر الرديفة ضعف ما يدفعه الجيش الروسي لجنوده، وذلك بحسب ما أورده صندوق مارشال الألماني خلال العام الفائت، كما اعترف بوتين في مطلع هذا الأسبوع أنه اعتباراً من شهر أيار من العام المنصرم وحتى شهر أيار من هذا العام، دفعت الدولة الروسية أكثر من 86 مليون روبل (ما يعادل 940 مليون دولار أميركي) لمجموعة فاغنر.
وترى الباحثة الدكتورة جوانا دي ديوز بيرييرا التي تعمل لدى المعهد الملكي للخدمات المتحدة في أوروبا والمتخصص بمكافحة الإرهاب، بأن ما يهم مقاتلي فاغنر هو الحصول على رواتب جيدة، حيث صرحت بالقول: "إذن فالمسألة تتعلق بالمال، هذا أولاً، أما ثانياً، فإن بعض الأفراد الذين يحتلون مراتب عليا ضمن هذا التنظيم يمكن أن يتحولوا إلى أهداف سهلة في حال انضموا لوزارة الدفاع الروسية، كما أرى أنهم بوسعهم وبكل سهولة إما أن يشكلوا تنظيماً عسكرياً رديفاً جديداً أو أن ينضموا للتنظيمات الموجودة حالياً، هذا بالنسبة للإمكانيات، ولهذا سيفضلون ذلك على الانضمام لوزارة الدفاع الروسية".
تغيير الاسم والعودة لأفريقيا
في الوقت الذي تسبب فيه تقدم بريغوجين وفاغنر بهزة في الداخل الروسي، ماتزال هذه المجموعة تبدي اهتماماً كبيراً بدول أخرى، بما أنها سبق أن قاتلت في ليبيا وسوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وغيرها.
ولهذا تخبرنا الدكتورة دي ديوز بيرييرا بأن مقاتلي تلك المجموعة سيعودون إلى تلك المناطق، وأضافت: "علينا أن نفهم بأن فاغنر عملت في أفريقيا لبضعة أشهر، بل لسنوات، لذا من المحتمل أن تقوم بتغيير اسمها، لأن المقاتلين بحاجة لمواصلة عملياتهم في تلك البلاد".
فيما ترى الباحثة جوليا ستانيارد من مؤسسة المبادرة العالمية ضد الجريمة المنظمة العابرة للدول، بأن بريغوزين قد يتوجه هو أيضاً إلى القارة السمراء، ومن المرجح أن يحتفظ بسلطته ومسؤوليته المطلقة على عمليات فاغنر في أفريقيا.
مستقبل يفغيني بريغوجين
لم يتضح بعد شكل المستقبل الذي ينتظر بريغوجين، فقد ذكر لوكاشينكو في مؤتمر صحفي عقد في مطلع هذا الأسبوع بأنه أقنع بوتين بعدم إبادة زعيم فاغنر بعد العصيان الفاشل، على الرغم من أن بعض الخبراء لا يتفقون معه في ذلك.
إذ ترى الدكتورة دي ديوز بيرييرا بأنه حتى في حال قرر بريغوجين الابتعاد عن تلك المجموعة، لابد لها أن تستمر بدونه، وأضافت بأن هنالك ما لا يقل عن 25 منظمة رديفة للجيش غير منظمة فاغنر تعمل حالياً في روسيا، وبعضها تربطه صلات بوزارة الدفاع الروسية، وعلقت على ذلك بقولها: "لفاغنر وجوه كثيرة، إذ قبل بريغوجين، كانت هنالك أوجه أخرى، لذا من السهل عليها تغيير اسمها أو أن تختار لنفسها وجهاً جديداً ليمثل هذا التنظيم".
المصدر: Business Insider