ارتفعت نسبة التضخم في سوريا لعام 2022 إلى أكثر من 130 في المئة، واحتلت مرتبة متقدمة ضمن قائمة أكثر اقتصادات العالم تضخماً، حيث جاءت بعد فنزويلا والسودان ولبنان. بحسب موقع الاقتصادي "تريندينغ إيكونوميك".
الأستاذة في كلية الاقتصاد رشا سيروب، قالت لصحيفة (الوطن) المقربة من النظام، إن "هناك مجموعة من الأسباب المتداخلة التي تسهم في ارتفاع الأسعار والتضخم إضافة إلى العقوبات". مؤكدةً أن التضخم تعدى كونه أثراً ونتيجة وبات بحد ذاته سبباً لمشكلات اقتصادية أخرى تؤدي لارتفاعه مجدداً.
ونفت سيروب أن يكون للغزو الروسي لأوكرانيا أي دور في ارتفاع نسب التضخم في سوريا. مشيرةً إلى أن بيانات التضخم الرسمية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء لعام 2020، أظهرت ارتفاعاً بنسبة 114 في المئة مقارنةً بعام 2019، أي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأوضحت أن الناس يشعرون الآن بالتضخم أكثر من أي وقت مضى بسبب الارتفاع الملحوظ في أسعار السلع الغذائية التي أصبحت تشكل معظم إنفاقهم اليومي، حيث ارتفع سعر سلة الغذاء بنسبة 45 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي، وتقريباً الضعف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بحسب نشرة مراقبة أسعار السوق لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا.
محركات التضخم
وقالت سيروب إن "هناك نوعين من المحركات الأساسية للتضخم في سوريا، الأول محركات قديمة وهي غياب السياسات الاقتصادية التي تستخدم في كبح التضخم مثل معدلات الفائدة، والاحتياطي القانوني، والضرائب. مبينةً أن "التشوه الكبير في آليات عمل الاقتصاد السوري وكمية الأخطاء في السياسات الحكومية المتخذة خلال السنوات السابقة راكما وعقّدا طرق وأدوات الإصلاح".
وأضافت أن "النوع الثاني هو محركات ديناميكية متمثلة بتدهور سعر صرف الليرة الذي ينعكس بارتفاع أسعار السلع المستوردة مثل القمح والمشتقات النفطية وغيرهما من السلع الأساسية، وتعاظم أرباح الشركات المحلية (الأرباح الخفية وليس مصرحاً بها) والتي لجأت إلى رفع مبيعاتها بمعدلات أعلى بكثير من ارتفاع تكاليفها.
واعتبرت سيروب أن وصول السوريين إلى قناعة بأن كل الأسعار في ارتفاع باستثناء الأجور، جعل توقعات التضخم تحقق ذاتها، حيث تراجعت الثقة بالليرة السورية وفقدت دورها كمخزن للقيمة ووسيلة للتداول، وأصبح الدولار الأميركي هو المفضل في التداول من قبل الأسر والشركات بشكلٍ غير معلن.
وانعكس التضخم الاقتصادي على الأسعار التي تشهد ارتفاعاً مستمراً في مناطق سيطرة النظام السوري، بسبب ضعف القدرة الشرائية، وزاد الأمر سوءاً رفع حكومة النظام أسعار المواد الأساسية كالمحروقات والخبز، في ظل انهيار الليرة السورية ووصول سعر الصرف إلى نحو 4650 ليرة لكل دولار.