ملخص
- لجنة الأمم المتحدة تحذر من تصاعد حدة القتال في سوريا واستمرار جرائم الحرب.
- مقتل 150 مدنياً، نصفهم نساء وأطفال، في شمال غربي سوريا بسبب هجمات عشوائية.
- توثيق حالات تعذيب وإعدام في سجون النظام السوري و"هيئة تحرير الشام".
- أزمة إنسانية تهدد بالخروج عن السيطرة، مع ارتفاع نسبة سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي.
- مظاهرات في مناطق خاضعة للنظام والمعارضة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.
- قوات النظام السوري في درعا فشلت في حماية المدنيين وأظهرت مدى انزلاق سوريا نحو حالة الفوضى.
- لا ينبغي لأي لاجئ سوري أن يُجبر على العودة في الظروف الحالية.
حذرت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا من تصاعد حدة القتال على العديد من الخطوط الأمامية في البلاد، وسط استمرار أنماط جرائم الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية التي قد تخرج عن السيطرة، فيما يلوح شبح حرب واسعة النطاق في المنطقة.
وقال رئيس اللجنة، باولو بينيرو، إن "الاشتباكات المباشرة بين قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد من جهة، والقبائل العربية وقوات النظام والميليشيات المدعومة من إيران من جهة أخرى، تذكرنا بالشعور العميق بالظلم الذي يتملك سكان هذا الجزء من شمال شرقي سوريا".
وفي تقريرها الأخير الصادر أمس الثلاثاء، ذكرت اللجنة أن الغارات الإسرائيلية على سوريا تسببت ثلاث مرات على الأقل في سقوط ضحايا مدنيين، في حين قامت مجموعات تابعة لإيران بدورها باستهداف قواعد أميركي شرقي سوريا أكثر من 100 مرة، وتلتها هجمات مضادة من الجانب الأميركي.
وأشارت لجنة التحقيق الأممية إلى أن "ستة جيوش أجنبية ظلت نشطة في سوريا" خلال الفترة المشمولة بالتقرير، بين 1 كانون الثاني حتى 30 حزيران 2024.
وأفاد تقرير اللجنة بأن ما لا يقل عن 150 مدنياً، نصفهم من النساء والأطفال، قتلوا في شمال غربي سوريا، بما في ذلك من خلال استعمال الذخائر العنقودية في مراكز حضرية ذات كثافة سكانية مرتفعة في منطقة إدلب.
وأضاف التقرير أن معظم هؤلاء ارتقوا نتيجة هجمات عشوائية شنتها قوات النظام السوري، مؤكداً أن ذلك "يرقى إلى جرائم حرب".
وأوضح تقرير اللجنة أن القوات التركية شنت العديد من العمليات ضد أهداف عسكرية لـ "قوات سوريا الديمقراطية"، مؤكدة "عدم شرعية الهجمات الجوية التركية التي أدت خلال فصل الشتاء الماضي إلى ضرب العديد من المباني الطبية، وإحداث تدمير في محطة لتوليد الطاقة في السويدية بالحسكة، مما أثر على إمكانية وصول أكثر من مليون شخص إلى الماء والوقود وخدمات أساسية أخرى".
مجزرة وحشية وجرائم حرب
وفي جنوبي سوريا، أطلقت اللجنة تحقيقا بشأن مجزرة وقعت يوم 7 نيسان في درعا، حيث تعرض عشرة مدنيين، بينهم طفلان، إلى الإعدام "بطريقة وحشية من طرف ميليشيات داعمة للنظام السوري، تتألف بشكل كبير من مقاتلين سابقين قاموا بإتمام إجراءات المصالحة، ويقومون بترديد شعارات تنظيم الدولة".
وقالت اللجنة إنه "تم إعدام غالبية الضحايا باستخدام سكاكين أو طلقات نارية من مسافة قريبة، في إطار أعمال قد ترقى إلى جرائم الحرب المتمثلة في القتل والاعتداء على الكرامة الشخصية".
وقال عضو لجنة التحقيق الدولية، هاني مجلي، إن "الأحداث في درعا كانت تحمل نفس بصمة أبشع الفظائع المرتكبة خلال أكثر من عقد من النزاع السوري، في حين أن قوات النظام السوري المتمركزة على بعد أمتار قليلة من المجزرة فشلت في التدخل وحماية المدنيين، مظهرة مدى انزلاق سوريا نحو حالة الفوضى".
تعذيب وإعدام للمعتقلين
وعن حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب، وثق تقرير اللجنة حالات للوفاة في أثناء الاعتقال من طرف النظام السوري، وقالت إن "هناك أسباباً معقولة تحملها على الاعتقاد بأن النظام السوري واصل ارتكاب أعمال التعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي وسوء المعاملة ضد أشخاص في أماكن الاحتجاز".
كما وثق تقرير لجنة التحقيق الأممية حالات لتعذيب وإعدام معتقلين في شمال غربي سوريا من طرف "هيئة تحرير الشام".
وأكد التقرير أن "ممارسات الاعتقال القاسية استمرت في كل أنحاء سوريا، مما يؤكد مجدداً استمرار أنماط جرائم الحرب من طرف كل الجهات الفاعلة الممارسة للاعتقال، وكذلك أنماط الجرائم ضد الإنسانية في أثناء الاعتقال من طرف النظام السوري".
ممارسات "قائمة على الافتراس"
وبشأن الأوضاع الإنسانية، حذرت اللجنة من أن "أزمة إنسانية في البلاد تهدد بأن تصبح خارج السيطرة، على وقع النقص الحاد في التمويل، وارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من الانعدام الحاد للأمن الغذائي، الذي بلغ 13 مليون سوري، في حين يُظهر أكثر من 650 ألف طفل علامات تدل على توقف النمو الناجم عن سوء التغذية الحاد".
وأشار التقرير إلى أنه "في ظل الانهيار الاقتصادي وخفض الدعم وممارسات السلطات المحلية القائمة على الافتراس، اندلعت مؤخراً مظاهرات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري والمعارضة".
وشدد عضو لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، هاني مجلي، على "ضرورة الاستماع إلى صوت السوريين الذين تحلوا بالشجاعة ونزلوا إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم، وألا يتم قمعهم"، مشدداً على أن سوريا "ما زالت تعاني من انعدام الأمن بشكل حاد، ولا ينبغي لأي لاجئ سوري أن يُجبر على العودة في الظروف الحالية".