البث المباشر
بعد أيام من إعلان الصين التخلي عن تطبيق سياسة "صفر إصابات" لمكافحة فيروس كورونا، والتي فرضت بموجبها إجراءات صارمة للتغلب على المرض؛ تواردت التقارير عن اكتظاظ المستشفيات في مختلف المدن الصينية بالمرضى الذين يعانون من أعراض حمى، وفقاً لما أعلنته وكالة فرانس برس.
وكانت الإجراءات المتبعة ضمن سياسة "صفر إصابات" تتضمن فحوصات جماعية للأحياء التي يكتشف فيها إصابات ولو قليلة، مع إلزام جميع الأنشطة التجارية (عدا التي تبيع الطعام) والتعليمية بالإغلاق بشكل كامل حتى يختفي المرض.
وأدى رفع الإجراءات تلك إلى انتشار الفيروس في الدولة الآسيوية التي يقدر تعداد سكانها بنحو 1.4 مليار نسمة، في ظل تخوف عالمي من ظهور متحورات قوية لا يمكن للقاحات أن تحمي منها.
وقال مايكل رايان، المكلف بالاحتواء والعلاج الدوليين لفيروس كورونا في منظمة الصحة العالمية إن المستشفيات في الصين بدأت تكتظ بالمرضى بعد رفع القيود الصارمة وذلك بالرغم من الإعلان الحكومي الرسمي بأن نسبة الإصابات منخفضة.
يشار إلى أن الصين ألغت الشهر الماضي القيود الصارمة بعد موجة من الاحتجاجات العارمة رفضاً لإجراءات المكافحة التي كان ينظر إليها أنها تهدف إلى مراقبة المواطنين وتقييد حريتهم.
وأكثر ما أقلق العالم بشأن إيقاف الإجراءات الاحترازية الصينية كان إلغاء الحجر الإلزامي المطبق للعائدين إلى الصين اعتباراً من 8 من كانون الثاني الجاري، مما يجعل المواطنين الصينيين يتحركون بحرية أكبر في دول العالم دون الحاجة إلى المكوث في حجر صحي عند العودة إلى بلدهم.
عودة القيود
ولم تتأخر دول العالم في الإعلان عن إجراءات احترازية لصد احتمالية عودة الوباء عالمياً حيث تفاوت من طلب فحص "كورونا سلبي" في كثير من الدول إلى حد منع القادمين من الصين من دخول البلاد؛ الخيار الذي اتخذته المملكة المغربية.
وفرضت عدة دول بينها الولايات المتحدة وأستراليا واليابان وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية وقطر والمغرب عددا من القيود على القادمين من الصين، بينها إعادة العمل باختبارات الفحص عن الفيروس.
لكن المملكة المغربية كانت الدولة الأكثر صرامةً تجاه مخاوف انتشار المرض مجدداً، إذ حظرت السبت دخول المسافرين القادمين من الصين اعتبارا من يوم غد الثلاثاء لمنع انتشار الفيروس في البلاد.
وجاءت قرارات الدول بعد أيام من تصريحات لمنظمة الصحة العالمية أعربت فيها عن "القلق" حيال تقارير تشير إلى زيادة الإصابات بالفيروس في الصين عقب تخفيف قيود مكافحته ضمن إطار سياسات "صفر كورونا"، بحسب من أوردته وكالة الأناضول.
مبررات الدول
وحول مبررات الدول التي فرضت القيود على القادمين من الصين؛ أعلن وزير الصحة الأسترالي مارك باتلر أن "افتقار بكين للمعلومات الشاملة" حول الإصابات بالفيروس هو السبب وراء التدابير الجديدة التي ستفرض على القادمين من الصين والتي ستدخل حيز التنفيذ في 5 من كانون الثاني.
وأشار باتلر في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الإجراءات تهدف إلى "حماية أستراليا من خطر ظهور متحورات جديدة محتملة".
بينما بررت كندا قرارها بـ"محدودية بيانات التسلسل الجيني الوبائي والفيروسي المتاحة" بشأن الإصابات الأخيرة بكورونا في الصين.
وتوافقت تصريحات منظمة الصحة العالمية مع إجراءات الدول السابقة، إذ أكد رئيس المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن القرارات مفهومة في ظل شح المعلومات التي تقدمها الصين لعدد الإصابات الحقيقية والحالة الوبائية في البلاد، مطالباً الصين بالمزيد من "الشفافية".
My team met with #China representatives virtually to discuss the current surge in #COVID19 cases. @WHO again stressed the importance of transparency and regular sharing of data to formulate accurate risk assessments and to inform effective response. https://t.co/FmELvtApbT
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) December 30, 2022
مطالبة الصين بالشفافية
وكالة الصحافة الفرنسية قالت إن وفداً من منظمة الصحة العالمية اجتمع مع مسؤولين صينيين، يوم الجمعة الماضي ودار الحديث حول الارتفاع الهائل بأعداد المصابين بكوفيد 19، وطاب فيه مسؤولو منظمة الصحة من الصين مشاركة "بيانات منتظمة" حول الإصابات، وإعلانها في الوقت الفعلي، لتمكين دول العالم من الاستجابة بفاعلية، في وقت تتهم فيه بكين بالتستر على الأرقام الحقيقية لأعداد المصابين بالبلد المنشأ للفيروس.
مخاطر محدقة بالاقتصاد العالمي
تقول وكالة رويترز إن الصين ألغت سياستها "صفر كوفيد" وشرعت في إعادة فتح اقتصادها بصورة فوضوية على الرغم من أن المستهلكين الصينيين ما يزالون قلقين مع زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا.
بدوره، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، يوم السبت، في خطاب بمناسبة العام الجديد إلى بذل مزيد من الجهد وتعزيز الوحدة مع دخول البلاد "مرحلة جديدة"، في إشارة إلى التحول لأتباع النظام الغربي القاضي برفع جميع الإجراءات الاحترازية.
من جهتها، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، يوم الأحد، "للمرة الأولى منذ 40 عاماً، من المرجح أن يكون نمو الصين في عام 2022 مساويا للنمو العالمي أو دونه"، وذلك تضمن تصريحات حذرت فيها أن عام 2023 سيكون صعبا على معظم الاقتصاد العالمي مع ضغوط تضخم متزايدة عالمياً ومعدلات فائدة مرتفعة فرضتها بعض البنوك المركزية.
وأكدت جورجيفا أن الزيادة الكبيرة المتوقعة في الإصابات بفيروس كورونا في الصين خلال الأشهر المقبلة ستلحق الضرر بالاقتصاد المحلي الذي سيرتد أثره على الاقتصاد العالمي.
وأضافت "في الشهرين المقبلين، سيكون الأمر صعبا على الصين وسيكون التأثير على النمو الصيني، وعلى المنطقة ككل، سلبيا، كما سيكون سلبيا على النمو العالمي"، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.
وفي توقعاته في أكتوبر تشرين الأول، قدر صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني العام الماضي عند 3.2 في المئة، مشابها للتوقعات العالمية للصندوق لعام 2022. وفي ذلك الحين، توقع أيضا تسارع النمو السنوي في الصين في 2023 إلى 4.4 في المئة مع مزيد من التباطؤ في النشاط العالمي.
ومع ذلك، تشير تعليقات جورجيفا إلى أن خفضا آخر لكل من توقعات النمو في الصين والعالم قد يتم في وقت لاحق من الشهر عندما يكشف صندوق النقد الدولي عادة عن توقعاته المحدثة خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا.
سوريا متضررة
ولوحظ في المدن السورية مثل الرقة وحلب ازدياد أعداد المرضى المراجعين بأعراض شبيهة بكورونا، حيث انتشر فيروس غامض بين أطفال الرقة، أدى إلى وفاة 19 طفلاً في المحافظة وريفها، الأمر الذي تسبب بانتشار شائعات حول المرض الذي تخوف البعض من كونه "إنفلونزا الطيور أو الخنازير" بينما تعامل معه بعض الأطباء على أنه "ذات الرئة الفيروسية" وتم تطمين البعض الآخر من أهالي المحافظة بأنه مجرد "إنفلونزا موسمية".
وقال اختصاصي الأمراض الداخلية الدكتور مضر نيازي إن العالم يشهد موجة جديدة من كورونا انتشرت بأوروبا وأميركا وشمال أفريقيا، بعد انتشار متحورات جديدة من الفيروس هما أوميكرون BQ1.1 وأوميكرون BF7 بالصين والهند، مشيراً إلى بدء ظهور أعراض المتحورين الجديدين في سوريا.
وذكر نيازي في تصريحات لموقع إخباري محلي أن عدد مراجعي العيادات الخاصة ومنها عيادته في حلب وصل وسطياً إلى خمسة مرضى (الذين يعانون من أعراض الإصابة بكورونا)، الأمر الذي يعطي مؤشرات باقتراب حدوث موجة جديدة بسبب سرعة انتشارها ومقاومتها للأجسام المضادة المتولدة عن الإصابات السابقة أو اللقاح.
وحول خطورة هذين المتحورين قال نيازي للموقع: "يشكل هذان المتحوران خطورة أعلى من سابقاتها لكنهما ليس بخطورة المتحورات الأولى لكورونا /ألفا ودلتا/، ويتسببان بوفيات للمضعفين مناعياً خاصة أن فترة حضانة الفيروس قصيرة خلال 24 ساعة، وتظهر أعراض تنفسية وهضمية (حمى ألم بلعوم سيلان أنف سعال إقياء إسهال) كما أن العدوى كبيرة إذ إن المريض يسبب العدوى لـ 15 شخصاً".
وأضاف اختصاصي الأمراض الداخلية أنّ الشهر الأخير شهد وفيات غامضة بين الأطفال والشباب والمسنين بعدد من المناطق في سوريا بعد شكوى من أعراض كريب حادة قد تكون تلك المتحورات مسؤولة عنها، وفقاً لتصريحاته.
