يعاني مرضى غسيل الكلى في منطقة رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة، من صعوبة في تأمين بعض الأدوية اللازمة لهم بشكل دوري، بسبب إيقاف منظمة "سيما" الدعم الذي تقدمه لقسم غسيل الكلى في المشفى الوطني برأس العين.
في الآونة الأخيرة، أوقفت المنظمة دعم الأدوية كما أوقفت خدمة التوصيل للمرضى إلى المشفى والتي كانت تقدمها سابقا.
قلة الدعم ونقص في الكوادر
منذ بداية العام الحالي، أوقفت منظمة "سيما" التعاقد مع السيارة التي تقل المرضى إلى المشفى، حيث تكلف أجور النقل 150 ألف ليرة سورية للمرضى في المناطق البعيدة في ريف رأس العين، ونحو 20 ألف ليرة سورية للمرضى بالقرى قرب المدينة، بحسب مصدر طبي من داخل المشفى الوطني.
وقال المصدر، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، إن أهم دواء مفقود حاليا بالنسبة لمرضى غسيل الكلى هو "الإيبو تين"، يأخذ عن طريق الحقن لزياد الخضاب في الدم، ويتم وصفه بحسب خضاب المريض، ويحتاج المريض ما بين 5 إبر إلى 8 كأقصى حد.
ويبلغ سعر الإبرة 290 ليرة تركي في تركيا (نحو 15 دولاراً أميركياً).
كما يشتكي القسم من عدم توفر الفلاتر اللازمة لأجهزة الغسيل، ونقص في الأطباء المختصين بالكلية، ما اضطر إدارة المشفى إلى الاستعانة بأطباء الداخلية للإشراف على القسم.
الأضرار الصحية
بحسب المصدر، فإن نقص "الإيبو تين" وعدم استخدامه يعني انخفاض خضاب الدم بالنسبة للمرضى، ما يستوجب إخضاع المرضى لعمليات نقل دم، علما أن مركز بنك الدم الوحيد في المنطقة يوجد في مشفى تل أبيض شمال الرقة، الواقع مع رأس العين في منطقة العمليات التركية "نبع السلام".
إضافة إلى ذلك، تعاني صيدلة المشفى من نقص في توفير، بعض الأدوية التي كانت تؤمنها مجاناً، ما يضطر المرضى للبحث عن بديل من الصيدليات خارج المشفى والتي لا تتوفر فيها الأدوية بشكل دائم.
وتشرف على قسم غسل الكلى في مشفى رأس العين الوطني، منظمة "سيما" منذ نحو عامين بناء على اتفاق مع مديرية الصحة بمجلس رأس العين المحلي.
عشرات الجلسات ومساع للحصول على التمويل
قال جميل العساف، مسؤول المنظمة في مشفى رأس العين لموقع "تلفزيون سوريا"، إن المنظمة غطت نحو 185 جلسة فقط الشهر الماضي، وأحيانا تصل الجلسات إلى 250 جلسة غسل كلى.
وأضاف أن 17 مريضاً يتلقون في الوقت الحالي خدمة غسيل الكلية في المشفى، وفي فترات سابقة وصل عدد المرضى إلى 25 مريضا، ليسوا كلهم من رأس العين بعضهم من مناطق خارج منطقة "نبع السلام" وعادوا إليها فيما بعد.
وأشار إلى أن القسم يشرف عليه طبيبان وثلاثة ممرضين ومستخدَمون.
نقص الأجهزة
وقال العساف إن القسم يحتوي على أربعة أجهزة غسل كلى لزمرة الدم السلبي فقط، مشيرا إلى أنه في حال وجد مريض يحمل زمرة دم إيجابية مستقراً بالمنطقة سوف يتم تخصص أحد الأجهزة الأربعة له أو استقدام جهاز جديد لهذه الغاية.
وعن طريق التعامل مع الفلاتر التي يعاني المشفى من نقصها، قال مسؤول منظمة سيما" إنه يتم تعقيم الفلاتر ذاتيا من قبل جهاز الغسيل، مقرا أنه في بعض الحالات يتم تخطي الإنذار الذي يمنحه جهاز الغسل لاستكمال الجلسات.
وعن تراجع الدعم الذي تقدمه "سيما" قال مسؤول البرامج في المنظمة واصل الجرك، لموقع "تلفزيون سوريا"، إن المركز دعم لسنة واحدة من الهلال الأحمر القطري وتوقف الدعم بعد ذلك.
وأضاف أن المنظمة تقوم بالوقت الحالي بتقديم الخدمات الأساسية لمرضى غسيل الكلى تتضمن رواتب الموظفين وتقديم المستهلكات الأساسية لإجراء الغسيل، ولكنها لا تتضمن خدمات توصيل المرضى، بسبب عدم الحصول على دعم بالوقت الحالي.
وأشار الجرك إلى أن المنظمة تتواصل مع مانحين بشكل مستمر لتغطية النقص وزيادة الدعم إلا أن هناك صعوبات في توفير الدعم بمنطقة رأس العين.
نفقات إضافية على المرضى
عبود الحسين، والد أحد المرضى في المشفى، يقول إنه يضطر لشراء الأدوية من صيدليات خارجية بسبب عدم توفر كل الأدوية في صيدلية المشفى.
ويضيف والد المريض، أن ذلك يكلفه نفقات إضافية موضحا أنه اضطر لشراء نوعين من الأدوية خلال الشهر الجاري من تركيا عن طريق أحد معارفه ثمنها 135 ليرة تركية.
وبحسب عبود الحسين، فإن ثمن "إبرة الإيبوتين" إن وجدت يبلغ نحو 25 دولاراً أميركياً.
وأشار إلى أنه يأتي من مسافة 35 كيلومترا مرتين بالأسبوع لغسل كليتي ابنه، وأنه لم يستفد من خدمة التوصيل حتى عندما كانت هناك سيارة في المشفى مخصصة لهذه الغاية.
مرضى من كل المنطقة الشرقية
مدير الصحة في رأس العين راكان الجلود، يوضح لموقع "تلفزيون سوريا" أسباب أزمة مرضى الكلى بالمنطقة ونقص الخدمات في المشفى الوطني الملاذ الوحيد لمرضى الكلى بالمنطقة.
ويقول الجلود، إن المشفى مدعوم من الهلال الأحمر التركي، الذي يدفع رواتب الموظفين ويؤمن الأدوية في صيدلة المشفى مجاناً.
كما يحيل المشفى المرضى الذين يتعذر علاجهم في سوريا إلى تركيا عبر مكتب مخصص لهذه الغاية.
ويوضح مدير الصحة، أن صيدلية المشفى تقدم الأدوية مجاناً، ولكن في بعض الأحيان تفقد بعض الأدوية، ما يدفع المرضى للشراء من الصيدليات الخاصة، وبطبيعة الحال لا توجد فيها كل أنواع الأدوية لأن الصيدليات، تعتمد على ما يصل المنطقة عن طريق التهريب من مناطق سيطرة النظام.
ويشير الجلود إلى أن المرضى في منطقة "نبع السلام" ما زالوا يفضلون الأدوية السورية على التركية، علما أن الأخيرة أغلى من الأدوية السورية.
كما أشار إلى أن مديرية الصحة برأس العين حاولت افتتاح مستودع غير ربحي لتوفير الأدوية التركية، ولكنها وجدت أن الأدوية السورية أرخص ومفضلة أكثر لذلك عدلت عن الفكرة.
وبحسب مدير الصحة، فإن المشفى يواجه ازدحاماً وضغطاً كبيراً في عدد المرضى، وذلك بسبب اعتماد المرضى في المنطقة الشرقية كلها عليه وليس فقط أهالي منطقة "نبع السلام"، موضحا أن عشرات المرضى يصلون من مناطق سيطرة النظام السوري و"قوات سوريا الديمقراطية (قسد)” لتلقي العلاج في رأس العين.