icon
التغطية الحية

قرارات لجوء معلقة مع احتمال نقل طالبي اللجوء من إيطاليا إلى ألبانيا

2024.07.31 | 15:16 دمشق

آخر تحديث: 31.07.2024 | 15:16 دمشق

مركب مهاجرين بالقرب من أحد الشواطئ الإيطالية - المصدر: الإنترنت
مركب مهاجرين بالقرب من أحد الشواطئ الإيطالية - المصدر: الإنترنت
Associated Press- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

قد يكتشف المهاجرون الذين جرى إنقاذهم من البحر في أثناء محاولتهم الوصول إلى إيطاليا بأنهم سينقلون إلى ألبانيا ابتداء من الشهر القادم، في الوقت نفسه الذي تجري معالجة طلبات لجوئهم، وذلك بموجب اتفاق أثار جدلاً كبيراً، ستستقبل بموجبه دولة ألبانيا البلقانية الصغيرة الآلاف من طالبي اللجوء بالنيابة عن إيطاليا.

في خطاب لها في أثناء زيارتها لألبانيا في شهر حزيران الفائت، تحدثت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن إنشاء مركزين لإيواء المهاجرين بحيث سيصبحان جاهزين لاستقبال أول ألف مهاجر بحلول الأول من آب، ولكن مع اقتراب هذا الموعد، ماتزال أعمال الإنشاءات المكثفة جارية على قدم وساق في أحد المركزين، وهذا ما أثار الشكوك حول جاهزيته الكاملة بالنسبة لاستقبال المهاجرين في الموعد المحدد، ثم إن إيطاليا وألبانيا لم تحددا موعد وصول أول دفعة من المهاجرين.

وهذا الاتفاق الذي يمتد لخمس سنوات والذي وقعت عليه ميلوني ونظيرها الألباني إيدي راما، خلال شهر تشرين الثاني الماضي، يقضي بتوفير مأوى لنحو 3000 مهاجر ينتشلهم خفر السواحل الإيطالي من المياه الدولية في كل شهر، بحيث يجرى فحص أولي لهؤلاء المهاجرين على متن السفن التي أنقذتهم، قبل أن يُرحّلوا إلى ألبانيا حيث ستجرى لهم فحوصات أخرى.

بنود الاتفاق

ومن المقرر أن يستقبل المركزان الرجال البالغين فحسب، بحسب ما ذكره سفير إيطاليا في ألبانيا، فابريزيو بوتشي، أما الفئات المستضعفة من المهاجرين والتي تضم النساء والأطفال والعجائز والمرضى وضحايا التعذيب فستكون إيطاليا مأواهم. كما لن يجري أي فصل للعائلات، بحسب ما ذكره السفير. ومن سيرسلون إلى ألبانيا سيحتفظون بحق التقدم بطلب لجوء في إيطاليا بموجب القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي، كما ستعالج طلبات لجوئهم فيها.

وبما أن كل طلب لجوء يحتاج إلى نحو شهرين حتى تجري معالجته، لذا فإن عدد المهاجرين الذين سيرحلون إلى ألبانيا قد يصل إلى 36 ألفاً بالسنة، ولقد وافقت إيطاليا على استقبال من منحوا حق اللجوء من بينهم، أما من رُفضت طلبات لجوئهم فسيُرحلون من ألبانيا مباشرة بحسب ما ذكره السفير.

سابقة خطيرة للتفكير خارج الصندوق

تعرضت هذه الاتفاقية لانتقادات حادة من منظمات حقوقية لكونها تؤسس لسابقة خطيرة، على الرغم من تصديق أورسولا فون دير لين، رئيسة المفوضية الأوروبية، عليها بوصفها أنموذجاً للتفكير خارج الصندوق على حد وصفها بالنسبة لمعالجة مشكلة الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي.

وفي تصريح لها صدر في 23 تموز الجاري، أعلنت لجنة الإنقاذ الدولية بأنها كمنظمة إنسانية: "تسلط الضوء على الأخطار المرتبطة بهذه الخطة وتحث الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه على عدم الاستعانة بهذا الأنموذج الخطير ليكون أساساً للنهج الذي ستتبعه بالنسبة لقضية اللجوء والهجرة". وفي مطلع هذا العام، وصفت اللجنة الدولية للإنقاذ هذه الاتفاقية بأنها: "مكلفة، وقاسية ولن تخلف إلا نتائج عكسية".

 

 

بيد أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها إحدى الدول للاستعانة بدولة أخرى من أجل إيواء طالبي اللجوء، فقد ألغى رئيس وزراء بريطانيا الجديد، كير ستارمر، الخطة التي وضعتها حكومة حزب المحافظين السابقة والتي طالتها انتقادات كثيرة لكونها سعت لإرسال بعض المهاجرين إلى رواندا حتى تعالج طلبات لجوئهم هناك. ولقد أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية الجديدة، إيفيت كوبر، بأن كلفة الخطة التي وصلت إلى 700 مليون جنيه إسترليني هي عبارة عن: "أكبر مبلغ رأيته في حياتي يُهدر من أموال دافعي الضرائب بشكل صادم".

هذا ومن المتوقع لإيطاليا أن تدفع لتأسيس المركزين في ألبانيا 670 مليون يورو (أي ما يعادل 730 مليون دولار)، وذلك على مدار خمس سنوات، وسيخضع المركزان لإدارة إيطالية خالصة، كما سيخضعان للسلطة القضائية الإيطالية، في حين سيعمل الحرس الألباني على فرض مزيد من الإجراءات الأمنية على المركزين.

يذكر أن أحد المركزين والذي أقيم في مدينة شينغجين الساحلية على البحر الأدرياتيكي، أضحى جاهزاً منذ مدة تزيد عن الشهر لاستقبال المهاجرين، غير أن المركز الثاني الذي يبعد قرابة 24 كيلومتراً شرقاً بالقرب من مطار عسكري سابق في مدينة جادير فلم ينته العمل عليه بعد على الرغم من أنه لم يعد يفصله عن الموعد المحدد لافتتاحه سوى أسبوع واحد.

أسباب تأجيل افتتاح مركز جادير الألباني

ولذلك أعلن السفير الإيطالي بوتشي بأن أول عملية تأجيل حدثت بسبب تفتت التربة في موقع مخيم جادير، ما احتاج إلى تدخل لتدعيم التربة. كما أن موجة الحر التي ضربت البلاد في شهر تموز أجبرت السلطات على وقف العمل خلال أشد الساعات حراً من أيام الدوام.

وعلق على ذلك بوتشي بقوله: "إن ما يشغلنا وسيظل يشغلنا بصورة أساسية هو تأمين السلامة والحماية المطلقة للعاملين في الموقع، وكذلك للمهاجرين الذين ستستضيفهم جادير في نهاية المطاف".

يذكر أن صحفيي أسوشيتد برس لم يسمح لهم بالدخول إلى المخيم، غير أن الأدلة على وجود أعمال إنشاءات تجري على قدم وساق كانت واضحة، بوجود حفارتين ورافعة عالية تعمل بلا كلل ولا ملل في مجال الحفر بهدف التجهيز لنصب السياج المحيط بالمركز على مسافة تقدر بنحو 50 فداناً (ما يعادل 20 هكتاراً) إلى جانب عملها في نقل الأنابيب الضخمة.

ومن المقرر أن تتحول المباني التي تشتمل على شقق مسبقة الصنع إلى مساكن لمن سيقطنون المخيم، وقد جرى إنشاء تلك المباني في الموقع، إلا أن أكواماً من الألواح والإطارات المخصصة لبناء مزيد من الوحدات السكنية ماتزال ملقاة عند المدخل الرئيسي للمركز.

ويحدثنا رئيس بلدة جادير القريبة وأهاليها بأن العمل على تشييد أبنية المركز لما ينته بعد.

إذ بعيداً عن الجدل الذي ثار حول الاتفاقية في مناطق أخرى، ذكر أهالي هذه البلدة ذات الدخل المحدود والتي تعتبر منطقة مصدرة للمهاجرين هي أيضاً بأنهم يقدّرون فكرة تشييد المركز في منطقتهم أيما تقدير، إذ مع قلة فرص العمل في المنطقة، هاجر أكثر من ثلثي سكان جادير إلى دول أوروبية أخرى على مدار السنوات الثلاثين الماضية، كما أعرب بعض الأهالي عن إحساسهم بوجود صلة تربطهم مع من سيقطنون في مركز المهاجرين قريباً، وهذا ما دفع العجوز السبعينية بيب لازري وهي من أهالي المنطقة للقول: "إن تكريم من هم بحاجة سيزيد من عددنا، بصرف النظر عن العرق أو اللغة أو الأمة".

 

 

في حين يعلق ساندر بريكا، رئيس بلدية القرية، على هذا الحدث بقوله: "يعتقد الناس بأن حياتهم قد تحسنت، وهم يتطلعون للحصول على وظيفة، إذ أصبحت لدينا حركة وحيوية، وهذا ما غمر الناس بالسعادة" ويخبرنا بأن متجره شهد مبيعات أعلى بنسبة 30% خلال الشهر الماضي، في الوقت الذي أجر فيه بعض الأهالي بيوتهم لموظفي مركز المهاجرين كما عثر آخرون على عمل في المركز نفسه.

أما في مركز شينغجين ثمة مساحة تعادل أربعة آلاف متر مربع تحتوي على وحدات سكنية ومكاتب عند الميناء، يحيط بها سياج معدني ارتفاعه خمسة أمتار تعلوه أسلاك شائكة، ولافتة كتب عليها: "المستوى الأمني الأول" ولذلك لم يسمح للصحفيين بالدخول.

يذكر أن ميلوني طالبت هي وحلفاؤها من اليمين الدول الأوروبية بأخذ حصة أكبر من المهاجرين، ولذلك تصف ميلوني الاتفاق مع ألبانيا بأنه حل مبتكر للمشكلة التي تزعج الاتحاد الأوروبي منذ سنين طويلة.

 

المصدر: Associated Press